حاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي منذ تسلمه منصبه في ايار/مايو 2006 توطيد سلطته في بلد مزقته الصراعات بمختلف اشكالها الداخلية والخارجية. وشاهد المالكي (60 عاما) طاقمه الوزاري يتقلص تدريجا خلال العام 2007 مع انسحاب وزراء التيار الصدري, ومن ثم وزراء العرب السنة وغيرهم. وخاض ربيع العام 2008 معارك قاسية ضد الميليشيات الشيعية ما ادى الى خفض حدة العنف, لكن المحللين يعزون ذلك الى تعزيرات اميركية اضافية وملايين الدولارات التي انفقها الجيش الاميركي على الصحوات ما ادى الى انقلاب العرب السنة على القاعدة. كما اصطدمت مسيرته بالصعاب وخاض غمار المواجهات مع ابرز حلفائه الذين حملوه الى السلطة. وبلغت الامور حد تفكيك الائتلاف الشيعي الفائز بانتخابات العام 2005, واندلاع نزاع حاد مع رجل الدين مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري, ابرز المكونات الشيعية في العراق. وترسخ الابتعاد بين الطرفين مع انتخابات مجالس المحافظات التي فاز فيها المالكي مطلع العام 2009. كما خاض الانتخابات التشريعية الاخيرة في ظل تنافس سياسي حاد مع الاحزاب الشيعية وخصوصا الصدريين والمجلس الاعلى الاسلامي, وهذا امر قد يكون حاسما بالنسبة الى مستقبله السياسي. وانتمى المالكي خلال دراسته الجامعية الى حزب الدعوة الذي اسسه اية الله محمد باقر الصدر اواخر الخمسينات لمواجهة المد العلماني المتمثل في حزبي البعث والشيوعي. ولد المالكي في 20 تموز/يوليو 1950 في طويريج, قرب كربلاء, ونال بكالوريوس من كلية اصول الدين في بغداد, وحصل على شهادة ماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في اربيل. وقد غادر العراق العام 1980 وتوجه مع عدد كبير من قيادة حزب الدعوة الى ايران بعدما اتخذت السلطات قرارا باعدام المنتسبين الى هذا الحزب. لكنه غادر منتصف الثمانينات الى سوريا اثر انشقاق في الدعوة. وعاد الى العراق حيث عرف باسم جواد المالكي, كما ان كنيته هي "ابو اسراء" وقد حمل هذه الاسماء خلال فترة معارضته النظام السابق. وتولى رئاسة لجنة الامن في الجمعية الوطنية الانتقالية العام 2005, حيث عمل على اقرار قانون صارم لمكافحة الارهاب. وشغل منصب نائب رئيس "هيئة اجتثاث البعث" التي شكلها الحاكم الاميركي على العراق بول بريمر (2003-2004). والمالكي الذي يرتدي في شكل دائم البدلة وربطة العنق وبنظارتيه الدقيقتين ولحيته الخفيفة, يبدو اشبه باستاذ, وهذا عمله السابق, يخاطب الطلاب من منبره العالي اكثر من زعيم سياسي قادر على اخراج بلاده من الفوضى.وكانت واشنطن تصنف حزب الدعوة ضمن لائحة التنظيمات الارهابية, ولكن, بعد الاجتياح, تولى المالكي منصب الامين العام لحزب الدعوة.