في انتقادات لاذعة قد تعد الأقوى والأكثر قسوة هاجم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بشدة واصفا إياه بالكذاب . وفي مقابلة نادرة لم يعلن عن تاريخها أو مكان إجرائها ظهر الصدر على قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية في وقت متأخر من مساء السبت وقد خط الشيب لحيته. وتشير تقارير إلى أن الصدر وهو في منتصف الثلاثينات يقطن حاليا ومنذ فترة ليست بالقصيرة في مدينة قم الإيرانية لإكمال دراسته في العلوم الدينية للحصول على رتبة الاجتهاد وهي رتبه تؤهله في حال الحصول عليها وحسب النظام الحوزوي الشيعي إلى إصدار الفتاوى . وتأتي انتقادات الصدر في وقت حرج جدا بالنسبة للمالكي الذي يحاول بقوة لملمة تحالف كبير يساعده للفوز بولاية ثانية لرئاسة الحكومة العراقية . وحل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ثانيا في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد ببداية مارس بعد قائمة العراقية التي يرأسها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي وبفارق مقعدين .. وتشهد الساحة السياسية العراقية حاليا صراعا كبيرا بين القائمتين لتشكيل التحالف الأكبر وبالتالي تشكيل الحكومة المقبلة . وفي وصفه لتاريخ العلاقة للسنوات الأربع الماضية بينه وبين حكومة المالكي قال الصدر "تعاملت معهم خلال هذه الأربعة سنوات تعاملا أخلاقيا تعاملوا معي تعاملا سياسيا منحطا " . وفي إشارة للمالكي قال الصدر في معرض حديثه عن الطريقة التي يتم التعامل بها مع أتباعه المعتقلين في السجون العراقية انه "يكذب ويصدق الكذبة " . وحازت الكتلة الصدرية التي تعتبر جزءا من الائتلاف الوطني العراقي والذي يضم اغلب الكتل الشيعية على حصة الأسد داخل الائتلاف بعد أن حصدت ما يقارب أربعين مقعدا من مجموع المقاعد السبعين التي حصل عليها الائتلاف وهي نتيجة دفعت الصدر بان يتبوأ مقعد الصدراة في قرارات الائتلاف . وكان التيار الصدري أجرى قبل نحو أسبوعين وبأمر من الصدر نفسه استفتاء شعبيا لأتباعه لاختيار الشخصية التي سيدعمها التيار لمنصب رئيس الحكومة . وتضمنت بطاقة الاستفتاء خمسة أسماء من بينها المالكي. وفاز بالاستفتاء إبراهيم الجعفري الذي رأس الحكومة العراقية عام 2005 فيما حل المالكي بالمرتبة قبل الأخيرة وبفارق كبير عن الجعفري ومتقدما بفارق بسيط على إياد علاوي . ورغم محاولة الصدر الإيحاء بأنه لا يضع فيتو تجاه أي مرشح إلا انه قال إن أتباعه يضعون مثل هذا الفيتو . وقال " أحاول ألا أضع فيتو ضد أي شخص لكن القواعد الشعبية (أتباعه) لديها فيتو... ضد المالكي. القواعد الشعبية ترفضه " . وأضاف "رغبة الشعب أمانة في رقبتي وأنا أحاول أن أوصلها " . ومن شأن هذه التصريحات إضافة إلى نتيجة الاستفتاء الذي أعلن عنه إضعاف آمال المالكي في إقناع الائتلاف الوطني العراقي بالتحالف معه والتي باتت ضئيلة أكثر من أي وقت مضى . ويشير تاريخ العلاقة بين الرجلين إلى أنها كانت قد تأزمت بشكل كبير على خلفية العملية العسكرية الناجحة التي قادها المالكي عام 2008 في العديد من المحافظات الجنوبية العراقية وفي بغداد والتي استهدفت مقاتلي جيش المهدي وهو الجناح العسكري للتيار الصدري . وأدت العمليات العسكرية الحكومية آنذاك إلى استتباب الأمن بشكل كبير في بغداد وتلك المحافظات واعتبرت حينها انتصارا كبيرا للقوات العراقية وللمالكي الذي قاد بنفسه تلك العمليات وكانت سببا في تحقيق المالكي فوزا كبيرا في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد أوائل عام 2009 . وقال الصدر "المالكي يتصور أن هناك من سيدعمه بعد أن يسقط التيار الصدري. تصور انه انتصر على التيار الصدري . وأضاف " المالكي لم ينتصر على الإرهاب أو على جيش المهدي ولم ينتصر على القوة التي كانت معارضة للحكومة ... لا في الموصل أو في ديالى ولا في الجنوب.. لم ينتصر على أي منها وهو يتوهم الانتصار.. والدليل التفجيرات الأخيرة التي وقعت قبل أيام " . وكانت بغداد تعرضت قبل أيام إلى سلسلة عمليات مسلحة وتفجيرات دموية في تراجع امني ملحوظ أدى إلى مقتل أكثر من مئة شخص . ووصف الصدر الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها نهاية عام 2008 بأنها " إحدى انجازات المالكي الفاشلة " وقال انه عارضها وما زال يعارضها. وكانت الاتفاقية تضمنت جداول زمنية لخروج القوات الأمريكية من العراق على أن يستكمل آخر خروج لهذه القوات نهاية عام 2011 . وخاض أتباع الصدر في عام 2004 وعام 2005 في مدينة النجف الجنوبية التي تضم مرقد الإمام علي معركتين داميتين مع القوات الأمريكية انتهت بإخراج أتباعه من المدينة بشكل كبير وإضعاف سيطرة الصدر عليها لصالح السلطة المحلي .