بعد خرجة حميد شباط، عمدة مدينة فاس، بخصوص منع بيع الخمور بمدينة فاس انبرى القادة الاستقلاليون بمن فيهم عباس الفاسي الأمين العام للحزب للدفاع عن العمدة ووصل الأمر ببعضهم إلى حد القول بأن حزب الاستقلال سيطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية. لم يوضح القادة الاستقلاليون مفهوم الشريعة التي سيطالبون بتطبيقها وهل هي من النموذج المفهوم شعبيا والذي كان سائدا في مرحلة تاريخية؟ وهل يستوعب القادة الاستقلاليون خطورة هذه المزايدات التي تتغيى تحقيق مكاسب سياسية في مواجهة حزب إسلامي يحاول إخفاء إيمانه؟ وهل بالإمكان التفكيك بين علال الفاسي المناضل السياسي ومؤسس حزب الاستقلال وبين علال الفاسي العالم والمفكر الإسلامي صاحب كتاب "مقاصد الشريعة ومكارمها"؟ وهل تنسجم دعوة حزب الاستقلال إلى تطبيق الشريعة، بشكل شعبوي، مع أطروحات السي علال؟ يبدو أن حزب الاستقلال قتل ومنذ زمن مضى علال الفاسي وهو مستمر في عملية القتل ما دام تم تحويله إلى صورة مكبرة يحتفى بها في كل مناسبة وتستعمل لدعم مرشحين لا يعرفون عن السي علال شيئا سوى أنه يشترك مع الأمين العام في الاسم. ومارس حزب الاستقلال القتل في حق علال الفاسي يوم انحاز ضد مصالح الطبقات المسحوقة فلم يتمكن أحد من الاطلاع على منتوج علال الفاسي الفكري لأنه مؤسس لحزب رجعي. ومارس حزب الاستقلال القتل ثانية في حق علال الفاسي يوم اختزله في زعيم سياسي، مع ما يفرضه هذا الموقع من شذ وجذب وربما مكر وخديعة، ولم يبرز دور علال الفاسي الفكري إلا من خلال مطبوعات هدفها الأساسي الربح التجاري. اليوم بعد دخول حزب الاستقلال سوق المزايدات السياسية مطالبا بتطبيق الشريعة الإسلامية نؤكد أن قادة الحزب لم يوظفوا بالشكل السليم أطروحات علال الفاسي خصوصا ما يتعلق بمقاصد الشريعة والتجديد الفقهي وغيرها، هذه الأطروحات ما زالت الحاجة إليها مطروحة على الساحة، فهل سيعمل حزب الاستقلال على تفعيل هذه الأطروحات من خلال مركز علال الفاسي للدراسات الإسلامية (مقترح)؟ وتعرف الموسوعة الالكترونية علال الفاسي على أنه "أحد أعلام الحركة الإسلامية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين، التي دعت إلى نوع من السلفية التجديدية لذلك يترافق اسمه مع أسماء مثل : محمد عبده ورشيد رضا، الطاهر بن عاشور ولد علال في مدينة فاس في كانون الثاني سنة 1910 من أسرة عربية مسلمة هاجرت من الأندلس إلى المغرب، واستقرت في مدينة فاس، يقال لعائلته : الفاسي، وأحياناً : الفهري، نسبة إلى قبيلة بني فهر، فأبوه عبد الواحد كان من كبار علماء المغرب، وكان مدرساً في جامعة القرويين، وكان قاضياً، ومفتياً، وكذلك كان أجداده من العلماء والقضاة والمجاهدين". ويقول علال الفاسي في كتابه "مقاصد الشريعة ومكارمها ""المراد بمقاصد الشريعة : الغاية منها، والأسرار التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد" وهي عنده ""المرجع الأساسي لاستيفاء ما يتوقف عليه التشريع والقضاء في الفقه الإسلامي". وحسب أحد الباحثين فلقد وظف الفاسي نظرية المقاصد في صلتها القوية بمبدأ المصلحة سعيا "لبناء فلسفة شاملة في الإسلام والتشريع، تحاول المزاوجة بين الموروث والحداثة؛ لخدمة مشروعه الإصلاحي، ومد الجسور بين الإسلام والمعطيات، والقيم الكونية من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتسامح، والسلام، والعمل، والعقل"، والتي اعتبرها جميعها بمثابة غايات ومقاصد عامة للشريعة، من منطلق أن الشريعة بمقاصدها وغاياتها الكلية، وباعتمادها على مبدأ المصلحة لا يمكن إلا أن تكون منسجمة مع القيم الكونية والإنسانية. بعد هذه الإطلالة السريعة هل يمكن المقارنة بين أطروحات علال الفاسي الإسلامية وبين مزايدات قادة حزب الاستقلال حول تطبيق الشريعة الاسلامية؟