عرفنا أخيرا أن المعارضة فيها وفيها،معارضة خطيرة و"أكثر من اللازم" ومعارضة متواضعة بإرادتها ومعارضة على الهامش،معارضة تتوعد،ترغي وتزبد، تلعن الجميع وتطلب من الجميع التحالف معها، ما زالت متواضعة لكن إذا تركناها لوحدها فلننتظر الأسوأ،معارضة لو نوت على الشر لاكتسحت المغرب وتركته كسيحا، معارضة كريمة جدا إلى درجة أنها تريد أن تقتسم الموقع مع أقرانها. قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وهو يتحدث عن فؤاد عالي الهمة مهندس حزب الأصالة والمعاصرة "يريدوننا حزبا سياسيا معزولا وأن نكون لوحدنا في المعارضة فيما يجعل الأحزاب المتبقية تحت إمرته أو رايته، وهذا خطر على المغرب، لأننا لا نريد أن نكون لوحدنا في المعارضة ولا نريد أن نكون في مقدمة هذه المعارضة، نحن نريد أن نقوم بدورنا قدر المستطاع وليس أكثر من اللازم". إذا كانت أفعال العقلاء منزهة عن العبث فكذلك كلامهم. ونبرأ ببنكيران أن يكون غير عاقل وبالتالي فإن كلامه يحمل رسائل متعددة. ولن أمارس هنا التأويل والتهويل. لكن لأن الحوار كان للصحافة فإن الرسائل ليست مشفرة. فهو حزب سياسي يراد له أن يكون معزولا مقابل نون الجماعة التي تجمع باقي الأحزاب وربما مؤسسات أخرى. عزلة حزب الإسلاميين المشاركين في اللعبة السياسية خطر على المغرب. الخطورة كامنة في وجود "البواجدة" لوحدهم في المعارضة. العدالة والتنمية حزب تفرض عليه إيديولوجيته الإسلامية التواضع ولهذا لا يريد أن يكون في المقدمة. وإمعانا في التواضع فهو يرفض منطق المعارضة أكثر من اللازم. صبر الحزب سوف ينفذ إذا تم عزله. هل نحتاج إلى أدوات للتأويل لاستكشاف باطن الكلام؟ طبعا لا. لكن بنكيران، لمن يعرفه يكمن غموضه في وضوحه. كان أول قائد في الحركات الإسلامية المغربية يعلن على الملأ صداقته للخلطي، مسؤول القسم السياسي بالاستعلامات العامة. ومع ذلك لا يعرف أحد سر هذه العلاقة ولماذا أصر على القول إنه حج بيت الله ويصلي؟ هو الذي يدعو للأخلاق ويشتم زملاءه البرلمانيين. هو الذي صوت بنعم للدستور وقال لإخوانه نعم صوتنا للفصول الايجابية. هو الذي ينادي بالديمقراطية وبحقه فيها ويستمر مسؤولا بحركة ما زالت تعتمل فيها الأفكار المتطرفة وما زال شيخ الإسلام ابن تيمية ،التكفيري، هو المرجع في المشاركة السياسية. ما ذا يريد أن يقول بنكيران بالمعارضة المتواضعة؟ هل فعلا يمثل معارضة قوية فرضت عليها الظروف الانحناء مؤقتا؟ أعتقد أن اعتبار العدالة والتنمية معارضة قوية منحنية للعاصفة حتى تفوت الفرصة على الاستئصاليين فيه جزء من الصحة وأغلبه خطأ. العدالة والتنمية معارضة قوية لأنها تستمد قوتها وقوتها البشري من حركة التوحيد والإصلاح التي تخترقها أفقيا وعموديا العديد من التيارات السلفية التي دخلت منذ زمان ولا يعرف أحد مصيرها ولم يعلن بنكيران التخلص منها، ومن يطلع على أدبيات الحركة يستشف بسهولة الأطروحات السلفية التيمية رغم الادعاء الكاذب بالدفاع عن الإسلام المغربي. هذا الخزان البشري الغامض هو الذي يمثل مصدر خطورة المعارضة "البواجدية". أما مكمن الخطأ في تصنيف معارضة العدالة هو كونها معارضة أثبتت أنها لا تملك رصيدا في التدبير السياسي والاجتماعي وأنها تتقن الضجيج أو ما يمكن أن نسميه "معارضة الديكة". آخر سقطة للمعارضة القوية هو لما تقدمت بمشروع للتكافل الأسري وتم تمريره بالبرلمان لكن تبين أنه مشروع أنجز بشكل بليد ولا يمكن تطبيقه رغم إجازته. المعارضة القوية هي التي تشكل قوة اقتراحية تنتقد الحكومة قصد أن تجلس مكانها لتنفذ برنامجا واضحا. وبناء على مقال سابق حول مرجعية العدالة والتنمية أقول : احذروا بنكيران إنه رجل مسجل خطر. ادريس عدار النهار المغربيةالنهار المغربية