في البدء أهنئ الزملاء في الاتحاد الاشتراكي على الحلة الجديدة. لكن ما أثار انتباهي هو الإصرار على بقاء صورة عمر ينجلون كشهيد لصحافة الاتحاد الاشتراكي. كنت أتمنى التخلي عنها لاعتبارات عديدة يتجاور فيها التاريخي بالسياسي. وأول الملاحظات هي اختزال عمر بنجلون في كليشي شهيد صحافة الاتحاد الاشتراكي. هل كان عمر وما أدراك ما عمر شهيدا لمطبوعتين حزبيتين أم كان أكثر من ذلك؟ عمر بنجلون ضحية مرتين. في المرة الأولى كان ضحية الفكر الواحد الذي يرى نفسه الحق والحقيقة المطلقة، الفكر المرتكز على القراءة الساذجة للنص المقدس، وفي المرة الثانية كان ضحية مكر التاريخ، وأشدد على أن التاريخ حرفة غير بريئة، ولو كان كذلك لما تحول القائد الاتحادي ومصمم الاختيار الديمقراطي وكاتب التقرير الإيديولوجي المقدم للمؤتمر الاستثنائي للاتحاد إلى شهيد صحافته. عمر بنجلون مناضل من طينة أخرى. تكون في الخلايا الأولى للاتحاد الوطني لطلبة المغرب قبل أن يتحول إلى دار ورثة بين القاعديين والإسلاميين. عمر هو المسؤول البريدي الذي كان يساند العمال والموظفين ضدا على الإدارة فما علاقته بوزراء الاتحاد؟ وهل كان عمر سيرضى بمصير الحركة الاتحادية الحالي؟ هل يعتقد الاتحاديون، الباقون في الاتحاد الاشتراكي، أن اتحاد المشاركة في الحكومة هو الاتحاد الذي ينتمي إليه عمر لو بقي حيا؟ لماذا لا يطرح الاتحاديون السؤال حول خروج عمر في المؤتمر السادس أو قبله ضمن من خرجوا إلى أرض الله الواسعة بعد أن ضاقت بهم أرض الاتحاد الاشتراكي؟ لماذا لا يكون في صف الأموي والساسي أو يكونوا هم بالأخرى في صفه؟ هل سيرضى عمر بنجلون بأن يتولى وزير اتحادي حقيبة وزارة العدل وبعده يتولاها كاتبه الأول ويكونا هم من يعرقل الكشف عن حقيقة اختطاف واغتيال رفيق دربه المهدي بنبركة رغم أن العهد هو عهد الإنصاف والمصالحة،والكشف عن الحقيقة والتصالح مع الذاكرة؟ هل سيرضى عمر بتوقيع الاتحاد على بياض حكومة التناوب؟ لماذا يخشى الاتحاديون الحقيقة ويتساءلوا لو كان عمر حيا؛هل كان سيقود مع اليوسفي حكومة التناوب أم أنه سيطالب بشروط أخرى غير تلك التي دخل فيها عبد الرحمن اليوسفي الحكومة؟ عمر بنجلون تفرق دمه بين القبائل الاتحادية. كل فصيلة تتغنى بعمرها وهو في الأبدية لا يقر لأحد بذلك ما دام غير موجود. لكن إرثه شاهد إثبات على أن من يتشبثون بالانتماء العمري هم أدعياء. والحقيقة الواحدة هو أن عمر ملك للشعب المغربي ونضالاته،ولا حق لأحد في أن يختار له نيابة عنه. دعوه يرتاح في قبره،وما أدراك لو عاد اليوم لقال لكم إنكم بدلتم وغيرتهم وأغرتكم مناصب المسؤولية. ما دام عمر لم يعد بيننا فإنه لا أحد قادر على قراءة غيب الأموات ليعرف موقفهم. عمر قيمة مغربية إنسانية لا يستحق اختزاله في صورة باهتة،وشهيد لصحافة الاتحاد الاشتراكي في وقت دخلت الصحافة زمن السوق والمنافسة. رجاء ألا تتحول صورته مثل صورة غيفارا ترسم على القمصان وأغنية يترنح على نغماتها شباب الحانات الذين لا علاقة لهم بالفكر الثوري. مجرد رجاء وليعذرني الزملاء.