تراجعت نسبة الأمية في المغرب من 43 في المائة سنة 2004 إلى 34 في المائة في الوقت الراهن كما أن عدد المستفيدين من برامج محو الأمية تجاوز خلال السنوات الأخيرة 2ر3 مليون مستفيد ومستفيدة, وفاقت نسبة النساء المستفيدات 80 في المائة (50 في المائة بالوسط القروي), وذلك بفضل تحسين أداء أطر التدريس ومراجعة وتجديد وتنويع الوسائل التعليمية وتوسيع مساهمة الشركاء في هذا المجال. اعتمد المغرب استراتيجية تستند على فلسفة ومبادئ واقعية مكنت من تحقيق أهداف كمية ونوعية محفزة, تمثلت في التزايد المستمر لأعداد المسجلين, مما استدعى وعلى نحو مستمر, تطوير آليات التنفيذ, من وسائل وأدوات بيداغوجية لمواكبة هذا التزايد المضطرد وحسب كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية, فإن هذه الاستراتيجية تهدف, طبقا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين, إلى تقليص نسبة الأمية إلى 20 في المائة في أفق 2010 والقضاء شبه التام عليها في أفق 2015, فضلا عن تخفيض الأمية لدى الساكنة النشيطة إلى أقل من 10 في المائة في أفق 2010, وضمان التربية للأطفال غير الممدرسين أوالمنقطعين عن الدراسة في أفق السنة نفسها. وقد أثمرت الجهود, المبذولة بشراكة مع النسيج الجمعوي ومختلف القطاعات والفاعلين في هذا المجال, حصيلة رقمية قوية وقفزة نوعية خلال السنوات الست الأخيرة, إذ تم القضاء على الأمية لدى ما يزيد عن 3 ملايين مستفيد ومستفيدةولا تزال الجهود متواصلة لإنجاح هذا الورش الكبير حتى يتسنى توفير الشروط الكفيلة بتسريع وتيرة التدخل لاستقطاب وتكوين أكبر عدد من المستفيدين من مختلف برامج محاربة الأمية, وهو الأمر الذي لن يتأتى, باتفاق مهنيي القطاع, إلا بتدخل فاعلين وشركاء جدد بما يضمن الانخراط المكثف والإيجابي في ضمان ديمومة وفعالية هذا المشروع الوطني الكبير. وانسجاما مع روح وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية, التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2005, أضحت محاربة الأمية منذئذ مكونا أساسيا للتنمية البشرية, اعتبارا لمفهوم التنمية الشمولي وتشعب مكوناته المختلفة وأبعاده المتعددة وتحتفل منظمة الاممالمتحدة للتربية وزالعلوم والثقافة (اليونسكو) هذه المناسبة بهذه التظاهرة تحت شعار "محو الأمية وتمكين الأفراد", حيث شددت رسالة مديرها العام كويشيرو ماتسورا على دور محو الأمية في تمكين الأفراد, والأهمية التي يكتسيها في مجالات المشاركة والمواطنة والتنمية وأوضح ماتسورا, أنه ووفقا لما أسفرت عنه دراسات عديدة, يمثل محو الأمية وسيلة "لتمكين الأفراد", قمينة بأن تزيد من تقدير الذات, والثقة بالنفس, وأن تحفز إحساس الأفراد بمهاراتهم الشخصية وبالاستقلالية, بالإضافة إلى زيادة وعيهم بحقوقهم. وأضاف أنه ومن هذا المنطلق, يمكن القول "إن التمكين هو السبيل إلى الحل", مشيرا إلى أن برامج محو الأمية "تفتح أمام النساء والرجال الذين حرموا من إمكانية تعلّم المهارات الأساسية للقراءة والكتابة آفاقاً جديدة مليئة بالفرص, كما أنها تحسن مستوى معيشتهم وتساهم في عمليات التغير الاجتماعي والقضاء على الفقر وأبرز المدير العام لليونسكو أن محو الأمية يمنح الأفراد مزيدا من الاستقلالية في الإطار العائلي وإطار المجتمع المحلي على حد سواء. ويترتب على هذه المنافع الإنسانية نتائج تهم المجتمع ككل. وقد أثبتت برامج محو الأمية, في العديد من السياقات المتنوعة, قدرتها الفائقة على تزويد الأفراد بما يلزم ليشاركوا في الحياة بمزيد من النشاط والفعالية ودعا ماتسورا الحكومات والمنظمات الدولية الحكومية وجميع الفاعلين في المجال إلى أن يعززوا التزامهم في هذا المضمار, مؤكدا على أنه رغم الاعتراف العالمي بالدور الذي تضطلع به عملية محو الأمية في تمكين الأفراد, وبأهمية هذا الدور بالنسبة إلى التنمية, فإنه لا زال في العالم 776 مليون أمي من الكبار و75 مليون من الصغار.