في الحديث الشريف الذي رواه أصحاب الصحاح عن النعمان بن بشير يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم : "مثل القائم على حدود الله والواقع (وفي رواية : والمدهن) فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها (وأوعرها)، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم (فيصبون على الذين في أعلاها، فقال الذين في أعلاها : لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا). فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا (فاستقينا منه) ولم نؤذ من فوقنا ! فأخذ أحدهم فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا : مالك؟ قال : تأذيتم بي ولا بد لي من الماء، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ". تذكرنا هذا الحديث ونحن نقرأ الأخبار الواردة من تونس، التي يحكم ويتحكم فيها حزب النهضة الإسلامي، وهو الحزب الذي ظل لسنوات طوال مبعث فخر لجماعة بنكيران بل كانوا يقلدونهم في كل كبيرة وصغيرة، وكانوا يقرأون كتابات الغنوشي مثلما يقرأون قرآنا منزلا. الأخبار تقول إن حكومة "اللحى" التونسية لن تجد السيولة لتؤدي رواتب الموظفين، أي إن الخزينة العامة في حالة إفلاس تام، أي إن الإخوان أكلوا الرأسمال العام للدولة وينتظرون بيع الملابس الداخلية وأحذية بنعلي وزوجته لإنقاذ الخزينة. تذكرنا الحديث لما سمعنا بالخبر وتذكرناه لما رأينا تصرفات بنكيران شبيهة بتصرفات أولاد الغنوشي وأصهاره الذين استولوا على السلطة بخطإ الصناديق وحولوها مثلما حولها هتلر ديكتاتورية. ومع التسلط والهيمنة هناك إفلاس تام للاقتصاد والسياحة وكل شيء في البلد. فتصرفات بنكيران تسير في هذا الاتجاه. تسير نحو الإفلاس التام. لكن لما ينبري أحد لتنبيه رئيس الحكومة إلى الاتجاه الخاطئ، يرد بنكيران بأن عقد الحكومة مع الشعب يتضمن خمس سنوات. تنقضي مدة العقد "ونتحاسبو". يعني ما علينا سوى أن نترك بنكيران يعمل في السفينة ما يشاء إلى أن يثقبها ونغرق جميعا، ويكون آنذاك وقت الحساب قد فات، إذ لم يعد حينها يجدي الحساب، ويصبح الغرق حتميا. فنحن الآن في سفينة واحدة. نشترك فيها كل شيء. من مختلف الفئات والطبقات. ولا فرق في الغرق بين أحد. فالكل معني بسلامة السفينة لأنها تمثل السلامة الشخصية لكل واحد منا، ومحطات الوصول تهم المواطن العادي كما تهم رجال الأعمال كما تهم التنظيمات. فهل نترك بنكيران يحدث الثقب في السفينة وعندما تشرع في الغرق يركب زوارق الإخوان مع مجموعته ويترك البلد تحت الماء. إن الهدف من إيراد الحديث في بداية هذه الافتتاحية هو تحميل الجميع المسؤولية السياسية والشرعية فيما سيحدث للبلد إن تركنا بنكيران يفعل ما يحلو وما يريد.