يمثلُ وجود تنظيم الإخوان في السعودية حقيقة قائمة منذ عقود، إلا أن الوثيقة التالية تكتسب أهميتها من خلال اعتمادها على وقرائن واردة في أدبيات ووثائق من داخل التنظيم نفسه، وقد استعرض فيها الشيخ عايد الشمري وهو داعية سعوديّ، أدلة وجود تنظيم الإخوان في السعودية. بدأ اهتمام تنظيم الإخوان المسلمين المصري بالسعودية من حرص حسن البنا على التدريس في المعهد السعودي بمكة بشرط نشر فكر الإخوان في السعودية، فقد قال في كتابه مذكرات داعية "...اتصل الشيخ حافظ وهبة بجمعية الشبان المسلمين لتساعده في اختيار المدرسين، فاتصل بي السيد محب الدين الخطيب وحدثني في هذا الشأن فوافقت مبدئيا"، "وكان أهم شرط وضعته أمام الشيخ حافظ ألا أعتبر موظفا يتلقى مجرد تعليمات، بل صاحب فكرة يعمل على أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل من آمال الإسلام والمسلمين". ثم ينقل حسن البنا سبب رفض طلبه للتدريس في السعودية فيقول : "واصل الشيخ حافظ مساعيه ولكنه لم ينجح إذ وقفت أمامه عقبة عدم الاعتراف بحكومة الحجاز. وكتبت إليه أستوضحه ما وصل إليه فكتب إلي "إني لآسف أشد الأسف على إجابة وزارة المعارف بالرفض" في البدء كان حسن البنا أكد البنا بعد عودته من الحج عام 1936م أن البلاد الإسلامية بما فيها السعودية عبء على الإخوان المسلمين مما يتطلب مضاعفة الجهود لبعث الحياة فيها. يقول محمود عبد الحليم في كتاب الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ "ثم قام المرشد ليلقي كلمته التي كانت من أهم ما صدر عنه؛ لأنها وضعت أسسا جديدة للدعوة وغيرت كثيرا من المفاهيم، ويمكن تلخيص ما اشتملت عليه هذه الكلمة في ما يلي : قال البنا : "وقد اتصلت بالمحكومين والحكام في كل بلد من البلاد الإسلامية وخرجت باقتناع تام بأن فكرة الهجرة بالدعوة أصبحت غير ذات موضوع وأن العدول عنها أمر واجب، فمصر على ما فيها من عيوب هي أحسن بيئة للدعوة الإسلامية". "إن دراسة أحوال المسلمين في البلاد الإسلامية ضاعفت العبء الملقى على عواتقنا فقد كنا نعتقد أن هذه البلاد ستكون عونا لنا على إصلاح مصر، فتبين لنا أنها هي في ذاتها عبء يقتضي منا بذل أضعاف ما نبذله في مصر لمجرد بعث الحياة فيها، فالبون شاسع بين مستوى هذه البلاد ومستوى مصر سواء في الدنيا أو في الدين" ولذلك أسس حسن البنا فرعا لتنظيم الإخوان المسلمين في السعودية في كل من مكةوالمدينةوجدة. أكد جمعة أمين عبد العزيز مؤلف كتاب : الإخوان والمجتمع المصري والدولي في الفترة من 1928- 1938 وجود تنظيم سعودي للإخوان المسلمين منذ عام 1937 م، حيث أورد الجدول الذي يمثل أماكن شعب جماعة الإخوان المسلمين وأسماء المسئولين عنها كما ورد في جريدة الإخوان المسلمين في العدد (4) -1937 م. "المنطقة التاسعة عشرة من العالم الإسلامي : الحجاز- مكةالمكرمة الشيخ عبد السلام غالي. المدينةالمنورة – السيد حسن عزي-المحامي. جدة- الشيخ محمد حسين نصيف" تأكيد مأمون الهضيبي يؤكد مأمون الهضيبي المرشد الخامس للإخوان المسلمين وجود تنظيم الإخوان المسلمين في دول الخليج وذلك في لقاء صحفي أجري معه بعد حرب الخليج الثانية وأورد ذلك عمرو عبد السميع في كتاب :"الإسلاميون حوارات حول المستقبل" : سؤال : ماذا عن الانقسام داخل التنظيم الدولي للإخوان؟ جواب : الإخوان المسلمون في الخليج، كانوا متأثرين بمواقف دولهم وبالظروف العامة التي كانوا يمرون بها سؤال : ما هو الثقل الذي يمثله إخوان الخليج في التنظيم الدولي للإخوان؟ جواب : لا أستطيع تفصيل مثل هذه الأمور، كياننا موجود وأسلوب اتخاذ قراراتنا معروف، ولكن عندنا قاعدة وهي عدم التفريط في أي من الإخوان مهما صغر أو كبر حجمه، وليس عندنا ثقل لأحد" علاقة الإخوان مع الثورة الإيرانية يؤكد عبد الله النفيسي وجود تنظيم الإخوان المسلمين السعودي بالقول أن : "الإخوان المسلمون يرسلون وفدا لتهنئة الخميني على نجاح الثورة ويضعون الأسس لعلاقاتهم مع إيران وكان ضمن الوفد المندوب السعودي لتنظيم الإخوان المسلمين عبد الله سليمان". ويدعمُ النفيسي ذلك في بحثه "الإخوان المسلمون في مصر : التجربة والخطأ" حيث يقول : "فور حدوث الثورة بادرت أمانة سر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالاتصال بالمسؤولين الإيرانيين بغية تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران والتهنئة بالثورة وتدارس سبل التعاون. وعينت إيران ضابطا للاتصال بالتنظيم الدولي للإخوان وهو كمال خرازي واجتمعت أمانة سر التنظيم الدولي للإخوان في لوجانو-سويسرا بتاريخ 14 / 5 / 1979 لدراسة القرارات بشأن العلاقة بإيران واتخذت بعض القرارات ومنها : * تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران وقد تشكل من عبد الرحمن خليفة أردني، جابر رزق – مصري، سعيد حوى- سوري، غالب همّت-سوري، عبدالله سليمان العقيل سعودي، وتمت الزيارة في الشهر السادس 1979. * إصدار كتيب عن الثورة الإيرانية لإبراز الإيجابيات الصادرة عن الثورة وقيادتها. * بناء صلات تنظيمية مع حركة الطلبة المسلمين في إيران، وتنشيط عملية الترجمة من وإلى الفارسية خاصة فيما يتعلق بكتابات الإخوان. * تزويد إيران بالفعاليات الإعلامية للاستعانة بها في المؤسسات الإعلامية للثورة في إيران ويثبت النفيسي وجود تنظيم الإخوان المسلمين السعودي بوجود مندوب له في مجلس الشورى العام لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي فيقول : "ويتكون مجلس الشورى العام من 38 عضو بالتشكيل التالي : المرشد العام و13 أعضاء مكتب الإرشاد العام وثلاثة أعضاء ثابتين بالتعيين مباشرة من المرشد؛ سعودي وسوري ومصري" المال وراء كثافة الحضور الخليجي يؤكد عبد الله النفيسي دور تنظيم الإخوان المسلمين السعودي والخليجي في الدعم المالي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين فيقول : "يلاحظ أن أقطار الخليج والجزيرة ممثلة بثقل يفوق أهميتها بكثير، فحاجة التنظيم الدولي للإخوان للمال يتم تلبيته من خلال ذلك، فمندوبو السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت وعددهم سبعة يتم دائما توظيفهم في عملية جباية الأموال للتنظيم الدولي للإخوان" ويقول في كتاب الحركة الإسلامية ثغرات في الطريق "النظام العام وضع بطريقة تأثر مباشرة على تشكيل مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام، وتفتح المجال لأقطار فرعية –مثل أقطار الخليج والجزيرة – للتحكم في مسار الجماعة السياسي والاجتماعي تأثرا بمعطيات الخليج والجزيرة أكثر منه بمعطيات الوضع العام العربي والإسلامي، ولذا نجد أن أقطار الخليج والجزيرة ممثلة بثقل يفوق أهميتها بكثير قياسا بتمثيل أقطار مركزية كسوريا والجزائر وغيرهما، قد يكون هذا الأمر ناتج عن حاجة تنظيم الإخوان الدولي للمال فاقتضى منح هذه الأقطار هذا الثقل في الهيئات الإدارية العليا للجماعة" وفي نفس السياق يشير علي العشماوي إلى وجود تنظيم سعودي للإخوان المسلمين في كتابه التاريخ السري للإخوان المسلمين : "أبدى سيد قطب إعجابه الشديد بالإخوة في السعودية وقال : إن هذا دليل على أنهم منظمون جدا وأنهم على كفاءة عالية من العمل" ثم يقول : "وكنت أحس أن هناك مجموعات أخرى غير مكشوفة على صلة بسيد قطب ومحمد قطب، وأنهم حريصون على أن تظل هذه المجموعات بعيدة عما نحن فيه، حتى إذا ذهبنا نحن ضحية لمعركة يظلون هم في الخارج يواصلون العمل. وهذا ما تأكدت منه بعد ذلك من ظهور الجماعات الإسلامية التي تنادي بفكر سيد قطب ومحمد قطب".عبدالجليل معالي