ما حقيقة الوساطة التي قام بها بعض الإسلاميين غير المغاربة بين الشيخ عبد الكريم مطيع وبنكيران؟ هي ليست وساطة بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما هي مجموعة توجيهات يراد فرضها على الشيخ، جاءت متتابعة، ظنا أن الشيخ قد بلغ به الأمر أن يسلس قياده لإخوان بنكيران الخارجيين الذين ساهموا في بناء حزبه مع الخطيب والبصري. ما طبيعة الرسالة التي بعثها بنكيران لمطيع؟ يبدو أن بنكيران وإخوانه الخارجيين كانوا يجهلون مكان وجود الشيخ أثناء اندلاع ثورة ليبيا، وظنوا أنه محاصر في ليبيا، فاتصلوا بنا أولا بواسطة "إيميل" على موقع الشبيبة، يطلبون أن نربط لهم الاتصال بالشيخ، ولما تم ذلك واعتقدوا أنه ما زال في ليبيا طلبوا منه البقاء فيها وزعموا أنهم سيوصون إخوانهم هناك برعايته وخدمته. وأن المغرب في ظروفه الحالية لا يصلح لعودته. ثم لما أعلن عن وجود الشيخ في لندن، اتصلوا به تلفونيا، متوترة أعصابهم، وعاتبوه على اللجوء إلى بريطانيا، لأن جوها لا يناسبه صحيا، ودينيا حسب زعمهم، ثم عرضوا عليه أن يأخذ جوازه المغربي ويستقر في المدينةالمنورة يقضي فيها آخر عمره. ولكنه بين لهم أن الجواز المغربي أمر سيادي يخص أصحاب الأمر في المغرب، وليس لهم القدرة على استصداره، وكذلك الاستقرار في المدينةالمنورة أمر سيادي للمملكة السعودية ولا يملكونه. ثم اتصلوا به أخرى وهم في غاية التوتر وقالوا : اعلم أن حكومة بنكيران هي أصلح حكومة للمغرب، والبديل عنها لن يكون إلا حرية الملك في مواصلة فساده وإفساده، وحرية الأحزاب في نشر الكفر والعصيان، وعليك أن تلتزم الصمت ولا تعد لانتقاد حكومتنا في المغرب، وأن تعلم أن قضيتك وقضية المنفيين معك في يد بنكيران وحكومتنا في المغرب، وأنها لن تحل مطلقا إذا ما واصلت نقدك. كان جواب الشيخ : أنا أولا لم أتكلم بعد في قضية حكومتكم، وأنا ثانيا أعتقد أن أمري ليس بيد أحد من خلق الله بل هو بيد الله تعالى يصرفه كيف يشاء. ما هي طبيعة الوسطاء؟ من طبيعة أجوبتي تعرف طبيعتهم. هل لهم علاقة بحركة التوحيد والإصلاح؟ عندما يتحدثون عن بنكيران فهم يتحدثون أيضا عن جميع أجنحته وأتباعه. ولماذا رفضت الشبيبة وساطتهم؟ هم لم يعرضوا وساطة، ولكن عرضوا أوامر بمكر وخديعة أولا، ثم باستعلاء وعجرفة ثانيا، ثم بتهديد ثالثا. لماذا لجأ بنكيران إلى وسطاء أجانب وليس مغاربة رغم وجود مناضلين يعرفون مطيع وبنكيران؟ بنكيران لجأ إلى من يهمه حماية حكومته في الخارج ممن ساهم في بناء حزبه ووصوله إلى السلطة، وهم أحرص الناس عليه من المغاربة وأحرص على تمرير الاتصال بعيدا عن الأعين والآذان.