لم يشهد السودان احتجاجات حاشدة مثل التي أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن لكن اجراءات التقشف التي فرضت الشهر الماضي في محاولة لاحتواء أزمة اقتصادية فجرت احتجاجات مناهضة للحكومة تكتسب زخما. واستخدمت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع والعصي في الاسابيع الماضية لتفريق المحتجين على اجراءات التقشف. واندلعت الاحتجاجات الشهر الماضي بعد أن أعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي يتولى السلطة منذ عام 1989 مجموعة اجراءات اقتصادية منها الغاء الدعم لاسعار الوقود تدريجيا. وتشير تقديرات الناشطين الى أن السلطات اعتقلت زهاء 2000 شخص منذاندلاع الاحتجاجات. وذكر الصادق المهدي رئيس الوزراء السوداني الاسبق أن أي انتفاضة على نمط الربيع العربي في السودان ستتبع في الغالب النموذج الدموي في سوريا أو ليبيا لان القوات المسلحة والقضاء السودانيين غير مستقلين ويمكن استخدامهما ضد الشعب. وقال المهدي في مقابلة //سوف تكون هذه الانتفاضة مواجهة في ظروف أشبه بما في اليمن وفي سوريا أو ليبيا. يزيد الامر هنا أن هذين المشروعين.. مشروع الاطاحة بالقوة عن طريق الجبهة الثورية ومشروع الانتفاضة الشعبية.. هذه الاجندات واردة ومع ما فيهما من مخاطر دامية واحتمال المزيد من تمزيق البلاد واحتمال تدخل أجنبي كبير يعطي منطق لخيار اخر وهو ما ندعو له وهو أنه ما لم يقم باجراء استباقي يحقق أهداف التحول الديمقراطي الكامل والسلام العادل الشامل بصورة نسميها هبوط سلس /بالانحليزية/.. ما لم يحدث هذا فسوف تأتي الاجندات الاخرى اما الاجندة السورية أو أجندة الانتفاضية أو الاجندة الدولية.// وينفي مسؤولون سودانيون الاتهامات لمحاكم البلاد ومؤسساتها الاخرى بأنها مسيسة. وقال البشير انه لن يكون هناك ربيع عربي في السودان. وقال المهدي ان الوضع الاقتصادي سيستمر في اثارة الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات. وأضاف //الاحتجاج الان واسع النطاق وان كان التعبير المدني عنه ما بلغ أقصاه. فيه تعبير عسكري.. فيه تعبير فكري.. لكن التعبير المدني لسا ما وصل الدرجة الممكن يصلها.// ونادرا ما ضمت المظاهرات أكثر من بضع مئات من المحتجين في المرة الواحدة لكن الاستياء الشديد من ارتفاع أسعار الغذاء والمتاعب الاقتصادية الاخرى التي تفاقمت منذ انفصال جنوب السودان المنتج للنفط قبل عام يمكن أن تشعل مزيدا من الاحتجاجات. وارتفع معدل التضخم الى 2ر37 في المئة في يونيو حزيران أي أكثر من مثلي المعدل قبل عام. ومع قرب قدوم شهر رمضان يشكو المواطنون والتجار على السواء من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. وقال بائع للخضر في سوق بالخرطوم يدعى هاشم محمد ان أسعار كل المواد الغذائية ارتفعت وألقت بظلالها على فرحة التاس بشهر رمضان. وقالت سودانية تقيم في الخرطوم //والله الاسعار.. رمضان داخل والاسعار غالية نار. تمسك الخضر غالي نار.. تمسك أي حاجة غالية غالية غالية. أنا مش عارفة المسؤولين وين.. ولا بيتكلموا. هم ما زالوا بيشتروا برضه.. هم ما زالوا يشتروا لكن ما باعرف هم بيشتروا زي ما احنا بنشتري.. ما بيضجوا ليه زي ما احنا ضاجين.// وقال المهدي خلال المقابلة ان أي انتفاضة في السودان ستكون مماثلة على الارجح لانتفاضة سوريا حيث تستخدم القوات المسلحة لسحق الاحتجاجات لا انتفاضة تونس التي فر رئيسها السابق الى الخارج في مواجهة احتجاجات طالبت بالديمقراطية.وأدت احتجاجات حاشدة الى سقوط حاكمين عسكريين سابقين في السودان في عامي 1964 و1985. وقال المهدي ان الجيش انحاز الى المحتجين في مرحلة ما في المرتين لكنه اضاف ان ثقته أقل في احتمال حدوث نفس الامر في الوقت الحالي.