قال بنكيران أمام نواب الشعب، وفي خطاب منقول عبر وسائل الإعلام العمومي، إن الاحتجاجات التي أعقبت الزيادة في أسعار المحروقات ليست ذات شأن وهي محدودة ولا قيمة لها، ومازال بنكيران يكرر أن المواطنين مقتنعون بسلوك حكومته، وأن المحتجين ما هم إلا فئات قليلة لها أهداف أخرى. بهذه الطريقة يتعامل بنكيران مع الاحتجاج صوت الشعب الحقيقي. لا يمكن أن ينكر أحد أن بعض الاحتجاجات تكون موجهة ومن بينها الكثير من الاحتجاجات التي يقف وراءها حزب العدالة والتنمية. فبنكيران يريد أن يوهم الجميع أنه هو من يقف وراء الاستقرار في المغرب، وكرر أمس أن المغرب عرف أزمة سياسية مثلما حدث في بعض الدول التي عصفت بأنظمتها، يعني أنه لولا العدالة والتنمية لكانت الأمور بشكل رهيب لكن "الإخوان" هم من ضمن الاستقرار ومرت الأمور بسلام. بنكيران يسعى إلى تركيز عنصر هام في ذهن المغاربة، هو أنه لما كان في المعارضة كانت الاحتجاجات قوية ولما أصبح في الحكومة لم تعد هناك احتجاجات أو خفت كثيرا بفضل ما قدمه للمغاربة. وهذه من المغالطات الكبرى لبنكيران. وفرق شاسع بين الخطأ والمغالطة، فالخطأ يكون ناتجا عن سوء تقدير أما المغالطة فهي تعمد ارتكاب فعل من الأفعال، فالاحتجاجات في المغرب كانت وستبقى لأنها وسيلة للتعبير ولرفع وفرض المطالب. وكان مفروضا في بنكيران الذي في ظرف خاص مطبوع بدستور جديد منح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة أن يؤسس للسلم الاجتماعي، لكن على العكس من ذلك فإنه خلق التوتر داخل المجتمع. فهل صحيح أن الاحتجاجات ضعفت؟ هل صحيح أن بنكيران فرض السلم الاجتماعي؟ وهل المحتجون ضد الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات ليسوا سوى فئة ضعيفة؟ الاحتجاجات في عهد حكومة بنكيران اتخذت منحى تصعيديا ليس نكاية فيه ولكن استياء من طريقته في تدبير الشأن العام وإخلافه لوعوده الانتخابية وعدم وفائه لبرنامجه الانتخابي، وزاد من حدة التوتر طريقة بنكيران في مخاطبة المغاربة والتي يبدو فيها نوع من الاستعلاء المستهجن ويحضر فيها عنصر الأنا مقابل شعب بأكمله. فالاحتجاجات متكاثرة وطبيعية خصوصا ضد حكومة وعدت بالإصلاح ومحاربة الفساد وبالتشغيل ورفع نسبة النمو وتخفيض نسبة العجز، فعمدت بدل ذلك إلى ضرب القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الزيادة في أسعار المحروقات، وهذا النوع من المواد مرتبط بالدورة الاقتصادية بشكل رهيب حيث كلما ارتفع ثمنه كلما ارتفعت باقي أثمان المواد الاستهلاكية. ولم تفد تخريجات بنكيران في محاولته اليائسة لتبرير الزيادات في شيء، وظهرت بوادر أزمة "القفة" كواحدة من بركات حكومة بنكيران، ولم ينتظر موزعو قنينات الغاز قرار الحكومة فأضافوا درهمين في ثمن القنينة من الحجم الكبير، ومع ذلك فبنكيران قال في البرلمان "أنا مزدتش في البوطة..شكون قالها ليكم". والمحتجون أصناف وأنواع، منهم من يخرج في التظاهرات والمسيرات ومنهم من ينتظر صناديق الاقتراع ليصفي حساباته مع من انتهك حرمة "قفته".