خلصت الدراسة – التحقيق التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط حول الشباب إلى العديد من المؤشرات المتعلقة بالمرجعية الثقافية والأخلاقية للشباب المغربي المتراوحة أعمارهم مابين 18و45 سنة وبالأولويات والانشغالات التي تؤرق بال هذه الفئة العمرية الهامة داخل نسيج المجتمع المغربي وبالمرجعية الثقافية والأخلاقية لهده الفئة والمشاركة في الحياة العامة إضافة إلى الإدراكات المتعلقة بالواقع الاجتماعي. وجاءت الدراسة في عمومها لتؤكد أن غالبية الشباب المغربي من تدني مستوى التعليم إذ يتميزون عموما بمستوى تعليمي ضعيف خصوصا بين النساء والقرويين كما يعاني من البطالة وانعدام موارد الدخل مقابل ارتفاع مؤشر الانفتاح عن طريق التلفزة والانترنيت ونظير ضعف انتمائهم إلى الأحزاب السياسية و النقابات مع ارتفاع مؤشر انعدام الثقة لديهم في الحكومة و البرلمان مقابل ارتفاع هده الثقة في الصحافة والقضاء..كما خلصت هده الدراسة إلى ارتفاع نسبة المواطنة والاعتزاز بمغربيتهم وارتفاع العزوبية إضافة إلى ارتفاع مؤشر التعاطي إلى التدخين وبدرجة اقل إلى شرب الخمر و التعاطي إلى المخدرات.. *مواطنون قبل كل شيء يشكل حب الوطن والعائلة والدين النسق المرجعي للشباب. حيث تؤكد غالبية الشباب المغاربة اعتزازها بمغربيتها (98,5%). وتُعتبر العائلة بالنسبة ل 54,6% والدين بالنسبة ل 24,1% بمثابة أهم الأمور في الحياة. ويأتي بعد ذلك الشغل (10,4%) وتقدم البلد (8,7%) وأخيرا الدراسة (2,3% إجمالا : 7% من الفئة العمرية 18-24 سنة مقابل 0,2 % بالنسبة لفئة 34-44 سنة). وتجدر الإشارة إلى أن أهمية العائلة قد تم ذكرها على الخصوص من طرف ربات البيوت (65,7%). يَعتبر شابان من أصل ثلاثة الزواج قيمة مرجعية وذلك لأسباب تتعلق بالاستقرار العائلي، ويَعتبر الثلث الباقي الزواج أساسيا لأسباب دينية. ويرى 91% منهم أن نجاح الزواج رهين بالإخلاص و يعتقد 81% منهم أن الأطفال يكتسون أهمية بالغة في ذلك النجاح. إلى جانب هذه القيم، التي تبقى تقليدية مع ذلك، تحيل عوامل أخرى إلى ممارسات أكثر حداثة مثل مشاركة الرجال في الأشغال المنزلية (39%) والمحافظة على الحرية الفردية (30%). *مستوى تعليمي ضعيف وبطالة متفشية تضم هذه الفئة العمرية 60% من الحضريين و52% من النساء. قرابة نصفهم متزوجون : 17% من بين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة و80% من بين فئة 35 - 44 سنة. ويتوفرون عموما على مستوى تعليمي ضعيف خصوصا بين النساء والقرويين. إجمالا لا يتوفر شاب من أصل ثلاثة على أي مستوى دراسي. وهذه النسبة أعلى في صفوف القرويين ، حيث تبلغ واحدا من أصل اثنين مقابل واحد من أصل خمسة في صفوف الحضريين. وتبلغ هذه النسبة أربعة من أصل عشرة في صفوف النساء مقابل اثنان من أصل عشرة في صفوف الرجال. ويسجل هذا الجيل الذي أسميته جيل إعادة التقويم الهيكلي (35-44 سنة) نسبة تساوي ضعف نسبة جيل 18 – 24 سنة (38% مقابل 15%). وأخيرا، لا تبلغ نسبة الشباب الذين يتوفرون على مستوى التعليم العالي سوى 9%. يتميز اندماج هذه الشريحة من السكان في الحياة النشيطة بمستوى نشاط ضعيف، خاصة في صفوف الشابات وبنسبة عالية من البطالة على الخصوص في صفوف الحضريين. وتبلغ نسبة النشاط 56% غير أنها ثلاثة مرات أعلى في صفوف الرجال (86%) منها في صفوف النساء (28,5%). وتنتقل من 44% في صفوف الفئة العمرية 18-24 سنة إلى 62% في صفوف الفئة العمرية 35-44 سنة. وإجمالا، تعاني من البطالة 12% من هؤلاء الشباب النشيطين، وهذه النسبة هي أعلى ثلاثة مرات في صفوف الحضريين (17%) منها في صفوف القرويين (5%) وبين الفئة العمرية 18-24 سنة (18%) مقارنة مع فئة 35-45 سنة (5,5%). وفي ما يخص الشباب غير النشيطين، فإنهم في ثلاث حالات من أصل أربعة ربات بيوت وفي 21% من الحالات تلاميذ أو طلبة. *عزوبية وانعدام موارد الدخل واتكال على الأسرة وفي هذه الظروف، فإن من المفهوم أن 67% من الفئة العمرية 18 – 24 سنة لا تتوفر على مورد للدخل، فإنه ينبغي أن نسجل بالمقابل أن هذه الوضعية تطال 40 % من الفئة العمرية 35 – 44 سنة. وفضلا عن ذلك، فإن أزيد من نصف الشباب (54%) ما زالوا يعيشون داخل البيت العائلي. وتشمل هذه الوضعية على الخصوص الشباب من الفئة العمرية 18 إلى أقل من 25 سنة (81% مقابل 25% من الفئة العمرية 35-44 سنة) وعددهم أعلى في صفوف الرجال (67%) مقارنة مع النساء (41%). ويتعلق الأمر علاوة على ذلك ب 81% من العزب و16% من المتزوجين و3% من المطلقين أو المترملين. مع ذلك، لا تؤثر الهشاشة في مجال التشغيل والدخل على نمط اندماجهم في الوسط العائلي. ذلك أن 9% فقط من هؤلاء الشباب صرح بأنه يعاني من صعوبات مع آبائهم، خاصة في ما يتعلق بالنتائج المدرسية أو علاقاتهم الاجتماعية أو باحترامهم الضعيف للتعاليم الدينية أو القيم التقليدية. في هذا الإطار، فإن 42% من الشباب العُزب لا يفكرون في الزواج، ويتعلق الأمر برجل واحد من أصل اثنين مقابل فتاة واحدة من أصل ثلاث (31%) و56% في صفوف الفئة العمرية 18-24 سنة مقابل 25% في صفوف فئة 35-44 سنة. والأسباب التي يرد ذكرها تتعلق بالإمكانيات المالية (38%) والسن (35% : منهم 40% من الرجال مقابل 24% من النساء) ويطرح 16% منهم مسألة القدَر (41% من الفتيات و4% من الرجال). *ضعف الانتماء السياسي و النقابي يُولي الشباب المغاربة اهتماما قليلا بالشأن العام. ذلك أن 1% منهم فقط منخرطون في حزب سياسي، ويشارك 4% منهم في اللقاءات التي تنظمها الأحزاب السياسية أو النقابات، و1% أعضاء نشيطون في نقابة ما، ويشارك 4% منهم في مظاهرات اجتماعية أو إضرابات في حين يُشارك 9% منهم في أنشطة تطوعية. وفضلا عن ذلك، يشارك في الانتخابات 36% بكيفية منتظمة و14% بكيفية غير منتظمة. * انفتاح أعمى على التلفزة والانترنيت يمر انفتاح الشباب على بيئتهم عبر التلفزة والإذاعة والإنترنيت. ذلك أن 68% من الشباب صرحوا بأنهم يشاهدون التلفزة أو يستمعون للإذاعة بكيفية منتظمة. ويستعمل أقل من ثلث الشباب (30% : 43% من الحضريين و10% من القرويين) الإنترنيت (14% منهم بانتظام و16% من حين إلى آخر) أساسا من أجل الاستماع للموسيقى ومشاهدة الأفلام (70%)، أو التواصل في إطار الشبكات الاجتماعية (62%) أو البحث عن معلومات (59%) أو القيام بأبحاث علمية ومدرسية (51%). وفيما يخص المصادر المفضلة لاستقاء الأخبار الوطنية، يستعمل قرابة الثلثين من الشباب وسائل الإعلام الوطنية، في حين يحصل 24% منهم على هذه الأخبار عن طريق وسائل الإعلام الأجنبية و5% منهم بواسطة الأصدقاء والأقارب. *السجائر و الخمور و..المخدرات زينة الشباب المغربي وعلى مستوى آخر متعلق بالممارسات الاجتماعية، يتبين أن 19% من الشباب صرحوا أنهم استهلكوا السجائر و8% الكحول و5% المخدرات. وتهم هذه الظواهر الرجال أكثر من النساء. وهكذا صرح 39% من الرجال أنهم استهلكوا السجائر و15% الكحول و11% المخدرات، فيما تبلغ هذه النسب لدى النساء 0,8% و0,4% و0,3% على التوالي. ويشكِّل الفضول والرغبة في محاكاة الأصدقاء العوامل التي تدفع بالشباب إلى استهلاك هذه المواد. تؤمن أغلبية الشباب بتكافؤ الفرص بين الجنسين في مجالي التمدرس ( 81.4%( والتشغيل (68%). ويؤمن بذلك عدد أكبر من حملة شهادات التعليم العالي (88.5 % و74% على التوالي). تعبِّر النساء عن الإيمان بتكافؤ الفرص في مجال ولوج الشغل، بشكل يفوق تعبير الرجال عن ذلك (74% مقابل 60%). غير أن 60.5% فقط يؤمنون بالمساواة بين الجنسين في مجال ولوج مناصب المسؤولية. وأخيرا، عندما يُطرح عليهم السؤال حول قيمة أو شخصية يتماهون معها، فإن 63% يصرحون بأنهم لا يتوفرون عليها [القيمة والشخصية. وتذكر البقية منهم شخصية أو قيما تنتمي أساسا إلى المجال الديني (25%) أوالفنون (25%) أو الرياضات (23%). *الشغل أولى الأولويات مع المطالبة بإصلاح التعليم فيما يخص أولوياتهم، يطرح 96% من الشباب التشغيل وتكافؤ الفرص للولوج إليه، و 83% مسألة إصلاح التعليم، ويحتل السكن اللائق المرتبة الثالثة ضمن الأولويات بنسبة 81% متبوعا بتحسين الخدمات الصحية بنسبة 76%. وقد تم ذكر احترام حقوق الإنسان كأولوية من طرف 72% من الشباب وتوسيع مجال حرية التعبير من طرف 62% منهم. وبالنسبة للمستقبل، يُشكل غلاء المعيشة (84%) والبطالة (78%) وانخفاض مستوى الموارد (78%) الانشغالات الرئيسية للشباب *هروب من الواقع بزيف الانتماء إلى أرقى الطبقات تعتبر أغلبية الشباب المغربي أنها تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، ذلك أن أكثر من شاب من أصل اثنين (52%) يعتقد أنه ينتمي إليها مقابل 46% يعتبرون أنهم ينتمون بالأحرى إلى الطبقة المتواضعة. وحسب المستوى الدراسي، فإن 37% من الذين لا يتوفرون على أي مستوى دراسي يعتبرون أنفسهم من الطبقة المتوسطة مقابل 57% من الذين يتوفرون على مستوى دراسي متوسط و73% من الذين يتوفرون على مستوى دراسي عال. وحسب الفئة العمرية، يعتبر 57% من الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و24 سنة مقابل 49% من بين الفئة 35-44 سنة أنفسهم من الطبقة المتوسطة. عند طرح السؤال حول تطور مستوى معيشتهم خلال السنوات العشر الأخيرة، يصرح 45% منهم أنهم لمسوا تحسنا في ذلك المستوى و32% استقرارا، فيما يعتبر 21% أن ظروف العيش قد تدهورت. ويُدرك التحسن من لدن 49% من الفئة العمرية 18-24 سنة مقابل 43% من الفئة العمرية 35-44 سنة. يصاحِب هذا التثمين الإيجابي لتطور مستوى المعيشة توافق واسع في صفوف الشباب حول تزايد التفاوتات الاجتماعية (67% منهم) وتدهور التضامن العائلي (45% إجمالا : 49% بين صفوف الفئة العمرية 35-44 سنة مقابل 42% بين فئة 18-24 سنة). وعندما نسألهم حول عوامل الارتقاء الاجتماعي فإن 72% منهم يذكرون عامل الطموح والجدية و 76% يذكرون التعليم. كما يعتبر الانتماء إلى عائلة ميسورة عاملا بالنسبة ل 54%، في حين أن الانخراط السياسي والانتماء العرقي أو الجهوي لم يتم ذكرهما إلا من طرف 26% و 16% من الشباب على التوالي. وأخيرا، وبخصوص الجانب المؤسساتي، يعتبر شاب من بين اثنين (54,3 %) أن الممارسة الديمقراطية قد تحسنت بالمغرب.*ثقة عمياء في الصحافة و القضاء علاوة على ذلك، عبر 58% من الشباب عن ثقة كبرى أو متوسطة في العدالة (مقابل 26% لا يثقون فيها)، و49% (مقابل 32%) في الحكومة، و60% (مقابل 24%) في الصحافة و49% (مقابل 28%) في المجتمع المدني و37% (مقابل 42%) في البرلمان و26% (مقابل 60%) في الجماعات المحلية و24% (مقابل 55%) في الأحزاب السياسية. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مستوى الثقة في المؤسسات هو، على العموم، أعلى نسبيا في صفوف الشباب القروي بالمقارنة مع الشباب الحضري، وفي صفوف النساء مقارنة مع الرجال وفي صفوف غير النشيطين، وعلى الخصوص ربات البيوت، مقارنة مع العاطلين.