يلتقي أزيد من مائة خبير اقتصادي ورجل أعمال من 15 بلدا من حوض البحر الأبيض المتوسط, على مدى يومين بمدينة طنجة, في إطار الدورة الثالثة من منتدى "أوروميد كابيتال" من أجل مناقشة دور صناديق الاستثمار في الإقلاع الاقتصادي ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. ويهدف هذا اللقاء, المنظم بمبادرة من جمعية "أوروميد كابيتال", إلى فتح فضاء للحوار النقاش بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين في حوض البحر الأبيض المتوسط حول سبل دعم النسيج الاقتصادي لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال مساعدة صناديق الاستثمار للمقاولات التي تواجه صعوبات لاستئناف نشاطها الإنتاجي أو الخدماتي. وأبرز رئيس منتدى "أوروميد كابيتال" السيد دومينيك نوفيلي, في كلمة خلال افتتاح أشغال هذا المنتدى صباح اليوم الجمعة, أن هذا اللقاء يأتي في وقت يعاني فيه العالم تبعات الأزمة العالمية وهو ما يستدعي من الخبراء المشاركين البحث عن أجوبة شافية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي مجددا. وأفرد عدد من المتدخلين خلال الجلسات الصباحية للمنتدى حيزا زمنيا هاما للحديث عن مؤشرات الانكماش الاقتصادي ببلدان ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط, ففي بريطانيا تراجع معدل النمو السنوي منذ بداية السنة بأربعة نقاط, بينما تقلصت قدرة الاقتصاد الفرنسي على استقطاب الاستثمارات الأجنبية, في وقت تضررت فيه قطاعات إنتاجية كاملة بعدد من البلدان جنوب المتوسط. وحاول الاقتصاديون, خلال هذا اللقاء, تناول الجوانب الإيجابية لهذه الأزمة التي دفعت بعدد من الدول إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية على ضوء مستجدات الأسواق المالية والاقتصادية الدولية, والدخول في إصلاحات واسعة لتثبيت أركان الاقتصادات الوطنية. وفي هذا الصدد, أكد الخبير التونسي ورئيس الصندوق الاستثماري "انتيغرا غروب" السيد أحمد عبد الكافي أن الأزمة دفعت الدول الأوروبية إلى مراجعة آليات التحكم في الأسواق الاقتصادية, بينما كان تأثيرها محدودا على دول الجنوب التي ما تزال اقتصاداتها فتية. وأبرز أن الإقلاع الاقتصادي مستقبلا يتطلب من الدول وصناديق الاستثمار البحث عن الفرص الاستثمارية في القطاعات الواعدة ودعم القطاع الخاص ومواكبة المقاولات المتضررة. وشدد, في هذا الإطار, على ضرورة تحسين صورة الصناديق الاستثمارية, ومراجعة الإطار القانوني المنظم, ومضاعفة حجم المكتتبين في الصناديق, وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم النسيج الاقتصادي من جانبه, أكد رئيس الخبراء الاقتصاديين لدى شركة بيلتون المالية (مصر) السيد أنغوس بلير إلى أن البلدان مدعوة للتفكير, بمعية صناديق الاستثمار, في سبل التحضير لما بعد الأزمة من خلال الاستثمار في البنيات التحتية وهيكلة المقاولات الصغرى والمتوسطة. ولمنح مناخ الثقة للمستثمرين, شدد السيد بلير على ضرورة مواصلة الاستثمار العمومي, مثمنا, في هذا الصدد, الإجراءات التي اتخذتها كل من مصر ولبنان والمغرب للرفع من حجم الاستثمارات في البنيات التحتية (الموانئ والطرق) والقطاعات الواعدة (اللوجستيك والصناعات الغذائية). من جهته, وبعد أن ذكر بأن الشركات التي تحظى بدعم الصناديق الاستثمارية حققت معدلات نمو أسرع من نظيراتها, أكد رئيس شركة صندوق الاستثمار "فينتور" ببريطانيا السيد سيمون والكر على ضرورة فتح الأسواق الدولية أمام صناديق الاستثمار والتقليص من مستوى الإجراءات الحمائية, وتعزيز الشراكات الإقليمية بين الصناديق الاستثمارية. وقال إنه يتعين على صناديق الاستثمار أن تستثمر في القطاعات الواعدة التي تتوفر على قيمة مضافة عالية, وأن تتحلى بروح الابتكار لإعادة بث الروح في المقاولات التي تواجه صعوبات مالية, وتسهيل عملية الاقتراض. وتم خلال هذا المنتدى استعراض مجموعة من التجارب الناجحة لصناديق استثمارية تمكنت من الدفع بمقاولات صغرى ومتوسطة بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط لتصبح من بين الفاعلين الاقتصاديين العالميين. وتحدث في هذا الإطار عدد من المسؤولين عن الصناديق الاستثمارية بالمغرب وتونس عن تجربتهم في دعم المقاولات لتطوير أنشطتها الإنتاجية, مما مكن مجموعة من المقاولات من توسعة حجم نشاطها لتصبح ذات بعد دولي. وقد أعلن بهذه المناسبة رئيس البنك الخارجي الجزائري السيد محمد لوكال عن مشروع إعلان إنشاء أول صندوق استثماري بالجزائر بغلاف مالي قيمته 50 مليار أورو. ويأتي الإعلان عن هذا الصندوق في سياق مشروع لإحداث ثلاثة آلاف مقاولة صغيرة ومتوسطة, ووضع برنامج إقلاع اقتصادي كلفته 150 مليار أورو يمتد على ثلاث سنوات.وتجدر الإشارة إلى أن جمعية "أوروميد كابيتال" تنظم هذا المنتدى بشكل دوري بمختلف بلدان منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط, حيث احتضنت مدينة ليون الفرنسية الدورة الأولى سنة 2005, بينما انعقدت الدورة الثانية في تونس العاصمة خلال السنة الماضية. .