وأخيرا انتهى المطاف بالمدرب البرازيلي لمنتخب جنوب إفريقيا لكرة القدم جويل سانتانا إلى الاستقالة أو الإقالة, مساء الإثنين, قبل ثمانية أشهر بالكاد من انطلاق نهائيات كأس العالم 2010 بعدما ظل يقاوم لمدة غير يسيرة ضغط الهجمات الإعلامية التي غذتها النتائج الكارثية لفريق البلد المضيف لأول مونديال بالقارة الإفريقية. وأكدت الجامعة الجنوب إفريقية لكرة القدم في موقعها على الإنترنت أن هذا القرار تم اتخاذه بتوافق ودي مع جويل سانتانا الذي "شكرت له مجهوداته وتمنت له التوفيق في مسيرته المقبلة", معلنة بالمناسبة تعيين جاييرو ليل وبيتسو موسيماني كمدربين بالنيابة لمنتخب "بافانا بافانا". وسواء تعلق الأمر باستقالة أو إقالة, فالراجح أن مؤشرات الطلاق بين الإطار البرازيلي والجامعة الجنوب إفريقية لكرة القدم التي لم تكن خافية على أحد, لاسيما بعد انتخاب قيادة جديدة على رأس الجامعة نهاية شهر شتنبر الماضي, تفاقمت أعراضها خاصة بعد سلسلة الهزائم الأخيرة التي مني بها فريق البلد المضيف للمونديال. وفي هذا السياق, لم تكن الهزيمتان اللتان مني بهما, خلال الأسبوع الماضي, منتخب "بافانا بافانا" (الأولاد بلغة الزولو) في مباراتين وديتين أمام منتخبي النرويج وإيسلاندا غير القشة التي قصمت ظهر البعير في مسار كروي متعثر. فقد خسر منتخب جنوب إفريقيا منذ أن تولى زمام أموره جويل سانتانا (60 عاما) ثماني مباريات من أصل التسعة التي لعبها منذ شهر يونيو الماضي, وانهزم في 14 مقابلة من أصل 27 نزالا وتراجع إلى المركز 85 في التصنيف الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم. والحال أن الإطار البرازيلي لم يرف له جفن وظل متمسكا برأيه, عقب عودة فريقه بهزيمتين مذلتين في لقاءين وديين أمام منتخبي النرويج (1-0) وإيسلاندا بالنتيجة ذاتها, بتأكيده على أن مهمته تتحدد في ضمان سير الفريق الجنوب إفريقي إلى نهائيات كأس العالم 2010 التي سيلعبها "الأولاد" على أرضهم وأمام جمهورهم. وصرح سانتانا بلهجة الواثق من نفسه, عقب وصوله إلى مطار جوهانسبورغ, "إنني لا أعرف مدربا وطنيا واحدا في العالم تمت إقالته لكونه خسر مباراة ودية, لا أعتقد أنني سأقال من مهمتي غير أن الصحافة المحلية لم تكن لتنام قريرة العين مطمئنة البال في ظل الغيوم التي ما انفكت تتكثف حول مصير الناخب الوطني منذ انتخاب رئيس جديد للجامعة, في 26 شتنبر الماضي, في شخص كيرستن نيماتانداني الذي جعل من إقالة جويل سانتانا أحد المحاور المفصلية في حملته الانتخابية. وبينما تشير أولى ردود الفعل إلى استحسان عارم لقرار إقالة الناخب سانتانا من طرف عدد من عشاق كرة القدم الذين ما انفكوا يحلمون بنصر رياضي قريب أو من قبل فاعلين سياسيين ونقابيين لا يخفون تعطشهم لإنجاز رياضي في بلد بات يعتبر رياضة كرة القدم وكأس العالم مدعاة لتوحيد "أمة قوس قزح" من جديد. تجدر الإشارة إلى أن جويل سانتانا هو المدرب الخامس عشر الذي سهر على تدريب فريق جنوب إفريقيا, منذ سقوط نظام الأبارتايد العنصري قبل 15 عاما خلت. وتم تعيين سانتانا في ماي 2008 كمدرب جديد للمنتخب الجنوب إفريقي لكرة القدم خلفا لمواطنه كارلوس ألبيرتو باريرا, الذي قدم شهرا قبل ذلك استقالته من مهامه لأسباب عائلية, بعدما قضى 16 شهرا على رأس الفريق. يذكر أن جويل سانتانا, اللاعب الأسبق لنادي فاسكو دي غاما البرازيلي, سبق له أن أشرف خلال مسيرته التي تمتد على مدى 27 عاما على تدريب 26 فريقا منها 14 خلال الثمان سنوات الأخيرة في بلده الأصلي, بالإضافة إلى تدريبه لفترات متقطعة لفرق من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليابان. وفي غضون ذلك, كانت جامعة كرة القدم قد انفصلت عن المدرب الجنوب إفريقي كلايف باركر قبل ستة أشهر من بداية الإقصائيات المؤهلة لكأس العالم 1998 بفرنسا, كما سرحت الإطار البرتغالي كارلوس كويروس قبل ثلاثة أشهر من بدء المباريات النهائية لمونديال 2002 التي جرت بكوريا واليابان. ومن المرتقب أن تعلن اللجنة التنفيذية الوطنية للجامعة الجنوب إفريقية لكرة القدم, يوم الجمعة المقبل, عن اسم المدرب الجديد لفريق "بافانا بافانا". وتشير تسريبات صحفية إلى إمكانية تعيين الهولندي ليو بينهاكر أو الإطار الوطني غافين هانت, مدرب نادي "سوبر سبورت", حامل لقب البطولة بجنوب إفريقيا. وبينما يحتدم النقاش وتكثر التكهنات حول هوية الناخب الجديد, ما انفكت إمكانية عودة الإطار البرازيلي كارلوس ألبرتو باريرا تتردد بقوة في الأوساط الإعلامية المحلية, علما بأن هذا الأخير سبق له أن غادر المنتخب الجنوب إفريقي, في أبريل من سنة 2008, ليعود إلى بلده الأصلي بغرض العناية بزوجته المريضة, بعد أن أشار على الجامعة الجنوب إفريقية لكرة القدم بالارتباط بمواطنه جويل سانتانا كخليفة له. وكان باريرا (66 عاما) قد صرح, خلال الأسبوع الماضي, للصحافة قائلا "لم أكن أعلم أنهم يرغبون في خدماتي, وإن الأمر يفاجئني. فحينما غادرت خلال السنة الماضية, كانت المسألة بسبب مشاكل عائلية, غير أن هذا كله بات في عداد التاريخ", وهو ما اعتبره الكثير من المراقبين مؤشرا إلى إمكانية عودته إلى جنوب إفريقيا.وخلال مدة 16 شهرا التي قضاها باريرا على رأس المنتخب الجنوب إفريقي, فاز فريق "الأولاد" بتسع مباريات مقابل ست هزائم من أصل 21 مقابلة, فيما لم يفوزوا تحت إشراف سانتانا سوى بعشر مباريات مقابل 14 هزيمة من أصل 27 مقابلة.