تبدو حركة الجهاد الاسلامي في موقف حرج بين رغبتها في الرد على الهجمات الاسرائيلية التي تستهدف عناصرها مؤخرا وحرصها على عدم توتير علاقتها مع حماس التي تسعى لتثبيت تهدئة مع اسرائيل. وتحرص حركة الجهاد ثاني اكبر تنظيم مسلح في قطاع بعد حماس, على الرد على هجمات اسرائيل ولكن دون ان يؤدي ذلك لصدام مع الحركة رغم انتقادها لحماس منذ سيطرتها على قطاع غزة منتصف حزيران/يونيو 2007. ويقول داوود شهاب المتحدث باسم الجهاد الاسلامي ان حركته ترى انه "يجب ان يتم الرد على اعتداءات الاحتلال بشكل مباشر لكن حماس بعد دخولها السلطة اصبح لديها اعتبارات اخرى للحفاظ على السلطة". ويضيف ان "الاخوة في حماس يحاولون ان يوازنوا بين مشروع السلطة والحكم ومشروع المقاومة وهذا شانهم. لكن نحن نختلف في وجه النظر بهذا الخصوص وهذه الموازنة غير واقعية بالنسبة لنا في فلسطين" ويرى شهاب ان "الجمع بين السلطة والمقاومة لا يستقيم في فلسطين لان برنامج السلطة في فلسطين محكوم بسقف الاحتلال وباتفاقيات مع الاحتلال وبالتالي هذا يعيق برنامج المقاومة". ورغم هذه الانتقادات يؤكد شهاب ان علاقة حركته مع حماس "مبنية على احترام متبادل". ويوضح لوكالة فرانس برس "نحن وحماس نتفق على كثير من النقاط خصوصا ان كلينا حركات اسلامية تنطلق من رؤية اسلامية والحركتين تؤمنان بمشروع المقاومة وبتحرير فلسطين". ويضيف "لكن ما نختلف عليه امور ثانوية مثل المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية والقبول بدولة في حدود 1967". وقاطعت الجهاد الاسلامي الانتخابات الفسطينية عام 2006 التي حققت فيها حماس فوزا كاسحا مكنها لاحقا من الانفراد بالحكم في قطاع غزة بعد ان طردت عناصر فتح منتصف 2007 على اثر اشتباكات دامية. وشهدت الحدود بين قطاع غزة واسرائيل مؤخرا تصعيدا مفاجئا بعد مقتل تسعة ناشطين من سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي احدهم قائد عسكري بارز. وردت السرايا باطلاق عشرات الصواريخ على اسرائيل. وبعد ايام عدة دامية تم بوساطة مصرية التوصل الى توافق لتهدئة متبادلة ومتزامنة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية وبينها الجهاد الاسلامي لاحتواء هذا موجة التصعيد. وللمرة الاولى استخدم مقاتلو السرايا راجمات صواريخ غراد مثبتة على مركبة, وفق شريط فيديو بثته السرايا على موقعها الالكتروني. ويعتبر ابو احمد المتحدث باسم سرايا القدس من جانبه ان منظمته "ردت ردا نوعيا على العدو واوصلت رسالة للعدو (تفيد) ان مغامرته بخرق التهدئة لن تؤتي اكلها". ويضيف لفرانس برس ان كتائبه ارادت من خلال الكشف عن استخدامها راجمة الصواريخ "ايصال رسالة واضحة للعدو بانه كلما زاد حجم الاستهداف يجب ان يكون الرد كبيرا ونوعيا حتى يدرك العدو ان المعادلة اختلفت عن الماضي". ويشير الى ان "صواريخ المقاومة تصل الآن الى اشدود ويبنا" جنوب اسرائيل. لكن المحلل السياسي ناجي شراب استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر يرى "تناقضا كبيرا بين الخطابين الاعلامي والسياسي للجهاد الاسلامي والردود الموجودة على ارض الواقع". ويقول "على الارض هناك نوع من الالتزام بالتهدئة لا يتواءم مع التشدد في خطابها السياسي". لكن داوود شهاب يرد قائلا انه "لا يوجد حرج او تناقض في موقفنا. فنحن نحتفظ بحقنا في الرد. نحن نرد لكن اسرائيل لا تفرض علينا توقيت المعركة". ويعتبر شراب ان "الجهاد ترد على اسرائيل بدرجة تريد ان تؤكد من خلالها انها حركة قوية وفاعلة وتريد ان يكون لها دورا فاعلا في المشهد السياسي كما لحركة حماس". ويعتقد شراب ايضا ان "الجهاد الاسلامي لا تريد ان تتصادم مع حماس الحريصة على استمرار التهدئة مع اسرائيل لانها تمثل الحكومة في غزة". وردا على ذلك يقول ابو احمد "لا ننكر انه قد تكون لحماس مصلحة في التهدئة اكثر منا لكن لا يمكن ان تفرض حركة مقاومة على حركة اخرى وقف مقاومتها". الا انه اكد في الوقت نفسه ان "مشاورات ونقاشات داخلية تجري بين الفصائل حول المصلحة العامة". لكنه يؤكد في ذات الوقت ان "اي حركة مقاومة تدخل في المعترك السياسي يصبح لديها حسابات وربما تكبل ايدي المقاومة لكن حماس ما زالت حركة مقاومة مشهود لها ولا يمكن لاحد ان يزاود عليها". وفي نيسان/ابريل من العام الماضي اتهمت الجهاد الاسلامي حركة حماس باعتقال مجموعة من عناصرها كانت تعد لاطلاق صواريخ. وتمتنع حركة حماس عن اطلاق صواريخ على الاراضي الاسرائيلية من غزة منذ انتهاء الحملة العسكرية التي شنتها اسرائيل على القطاع في كانون الثاني/يناير 2009 بهدف وقف اطلاق الصواريخ عليها من القطاع. ولا يخفي المتحدث باسم السرايا الذي قدر عدد مقاتلي كتائبه "بحوالى ثمانية آلاف" بان كتائبه تتلقى دعما من ايران لكنه يوضح انه "دعم مالي لاسر الشهداء والجرحى من ايران ولكن ليس دعما عسكريا". ويتابع "العديد من الدول تدعمنا ولكن ليس دعما عسكريا", مؤكدا انه "من المستحيل ان تصل قطعة عسكرية من ايران مثلا الى قطاع غزة".مي ياغي