انغير بوبكر/ باحث في العلاقات الدولية أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن اجتماعا لمجموعة "أصدقاء سوريا" على مستوى وزراء الخارجية سيعقد في الأردن منتصف الأسبوع المقبل ولكن السؤال المطروح هو هل تصلح مثل هذه المؤتمرات الدولية لإسداء خدمة ما للشعب السوري أم أن هذه المؤتمرات تهدف أساسا لتطويل معاناة الشعب السوري وإعطاء المزيد من الوقت للمجرم بشار الأسد وشبيحته لارتكاب المزيد من الجرائم المروعة في حق الشعب السوري وباستعمال الأسلحة الكيماوية ، من حقنا أن نتساءل بالفعل هل للشعب السوري أصدقاء بعدما توغل المجرم الأسد في دماء الشعب السوري وبقي المجتمع الدولي يكرر اسطوانات مشروخة من قبيل مؤتمر جنيف واحد وجنيف اثنين فيما الجرائم المرتكبة في بانياس والبيضاء وطرطوس وحلفا يا والقصير حيث حزب الله اللبناني وهو في الحقيقة حزب للشيطان ارتكب أبشع الجرائم وبررها بان هذه الجرائم دفاعا عن شيعة سوريا كأن بهذا المنطق يجب على تركيا أن تتدخل في سوريا لحماية التركمان وعلى المسيحيين الغربيين التدخل لحماية مسيحي سوريا وعلى السنة المسلمين إغاثة أشقائهم السنة السوريين انه منطق بائس ذلك الذي تبرر به إيران وعميلها في المنطقة حزب الله تدخلها السافر في تقويض حياة السوريين ، مؤتمرات أصدقاء سوريا لم تعد تجدي شيئا مادام الشعب السوري قد انتظر سنتين وقدم أكثر من 90000 شهيد وشهيدة ودمرت الآثار التاريخية والمعمارية ورجعت سوريا إلى القرون الوسطى ، الشعب السوري لم يعد يثق في سياسة الغرب وأمريكا لأنها سياسة منافقة مبنية على المصالح والتناقضات فوزير الخارجية الأمريكي يقول في موسكو شيئا ويقول نقيضه في ستوكهولم ووزير الخارجية الفرنسي يصرح بعبارات غامضة لا تفهم منها هل هو مع تسليح المعارضة أم مع الحل الإجرامي لبشار الأسد ، الشعب السوري لم يعد ينتظر مقررات المؤتمرات الدولية لأنه يعرف أن مصيره بيده فكلما تقدم الجيش الحر في الميدان سمعنا جون كيري ولوران فابيوس وهيغ وآخرون يقولون بان بشار الأسد لن يكون في ترتيبات المرحلة المقبلة لكن إذا تراجع الجيش الحر بفعل القصف الصاروخي الكبير والقنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية سمعنا الغرب يدعو المعارضة إلى حل سلمي هذا هو الغرب كما عرفناه دائما وكما قرأنا عنه لا يتغير لا مبادئ له ولا قيم سوى الدفاع عن مصالحه الاقتصادية والسياسية ، قصفت إسرائيل احد ألوية جيش المجرم بشار الأسد ليس لان إسرائيل ساندت الثورة السورية بل إن إسرائيل أكدت للعالم أنها الدولة العظمى التي تستطيع أن تحمي مصالحها بدون تفويض لا دولي ولا غربي وبذلك تؤكد إسرائيل لمن لا يزال يحلم بالشرعية الدولية بأن القوة هي التي تصنع الحقوق والشرعية وحتى المشروعية الدولية أما المؤتمرات الدولية فهي مضيعة للوقت وتسويف للثورة السورية ، بطبيعة الحال كان جواب بشار الأسد على الغارات الإسرائيلية هو أن سوريا تحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين ، فمتى استطاع خادم إسرائيل بشار الأسد أن يقلق راحتها ولو برصاصة واحدة ؟ ولكن بشار الأسد فعلا قد رد في المكان المناسب أي في بانياس والبيضاء والقصير وفي الزمن المناسب أي زمن الغدر الدولي والتخاذل ألأممي عن إغاثة ودعم الشعب السوري ، كما أن بشار الأسد قد رد في الأراضي التركية عن طريق تفجيرات الريحانية وسمعنا كذلك اردوغان يقول بان تركيا تحتفظ بحق الرد ، إننا نعتقد مكرهين أن إسرائيل هي وحدها التي تتوعد فتنفذ وعيدها أما باقي الدول فهي تعطي فقاعات إعلامية وتهديدات كلامية بات أطفال سوريا لا يصدقونها فما بالكم بالكبار ، الثورة السورية المجيدة أعطتنا دروسا في العلاقات الدولية لا تنسى فهي علمتنا بأن الدماء الإنسانية ارخص من البترول والغاز وأعطتنا بان الحسابات القطرية الضيقة حقيقة وليست شعارات وعلمتنا الثورة السورية بأن الآية الكريمة "لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هي ذليل الراغبين في التغيير فلا أمريكا ولا أوروبا ولا العالم اجمع يستطيع أن يدعم ثورة من الثورات لدواعي إنسانية بل المصالح هي اللغة الرائجة في العلاقات الدولية ، الثورة السورية علمتنا دروسا ومواعظ مهمة ومنها انك يجب أن لا ننخدع بالشعارات الثورية الفضفاضة التي تدرس في المدارس وتلقن في المناسبات من قبيل إن النظام السوري أو أي نظام آخر نظام مقاومة وممانعة لإسرائيل كل الأنظمة العالمية اليوم وبدون استثناء ليست ممانعة ولا مقاومة سوى لتطلعات شعوبها ولا يغتر أحدكم بشعاراتها الجوفاء فإسرائيل تعرف جيدا بان العالم لم يعد فيه منطق للإيديولوجية والحسابات الثقافية والسياسية الفجة إسرائيل تعلم بان مفاتيح التقدم في العالم هي امتلاك التكنولوجيا المتطورة امتلاك العلم والقوة ولان إسرائيل تملك ذلك فهي مهابة في العالم تصول وتجول وشعبها ينعم بالديمقراطية الداخلية النموذجية والتناوب الديمقراطي على الحكم فيما بلداننا تعيش أمية وفقرا وجهلا وقمع و استبداد فكيف سنواجه إسرائيل و ندعي الممانعة والمقاومة؟؟، إن كانت للثورات والتضحيات الكبيرة التي أعطاها الشعب السوري من ايجابيات فهي أن الثورة السورية أكدت لمن لا يزال مشككا أن الشعوب عليها ألا تثق في الشعارات ولا في الخطابات السياسية والدينية ولو كانت على منابر المساجد إلا إذا كانت متوافقة مع المنطق والعقل والحجة والدليل ، فتلك دروس الثورة السورية إذا كانت التسوية السياسية المراد فرضها أمريكيا وروسيا على الشعب السوري تستند لمنطق ميزان القوى وفرض إرادة طرف على طرف آخر فان مثل هذه التسوية لن يكتب لها النجاح والحياة ولن تدوم لان الشعب السوري قدم التضحيات ومئات الآلاف من الشهداء من اجل التحرر من نظام الطاغية بشار الأسد ولن يقيل بنصف الحلول بعد كل الدماء التي سالت لكننا كشعوب ثالثية وكشعوب واعية مدركة لحجم المؤامرة التي يتعرض لها الشعب السوري من قبل من يسمون زورا وبهتانا أصدقاؤه قبل أعدائه مقصرون في التضامن مع الشعب السوري وتركناه وحيدا في وجه كاسر الغابة بشار المجرم ولن يغفر لنا التاريخ صمتنا وخنوعنا وسكوتنا عن جرائم بشار الأسد وعصابته