[email protected] لا يختلف اثنان على أهمية الصحراء في حياة العرب وتراثهم وثقافتهم فهي موطن الأصالة روحا وجسدا قلعة الهدوء وسهوب الصمت معدن الصفاء حيث الرضى بالقليل مقابل كرم لا يساوم فيكفي الصحراء أهمية وشرفا انها مهبط الوحي و موضع قبلته . قساوة الحياة أفرزت قوة في الشخصية وفصاحة في اللسان وحكمة الشعراء فالتسامح والتعاون وحسن الجوار التواضع والطيبة المفرطة سمة جماعية درر تربت عليها أجيال أسمى مبادئها استمدت من بساطة الحياة وماضي عريق غني بالدروس والأخلاق ... لا يخفى على أحد الدور الريادي الذي كانت تحظى به المرأة الصحراوية في مملكة العنقاء أما زوجة، ابنة أو أخت حيث كانت تعتبر العمود الفقري للأسرة الصحراوية .سيدة بكل ما تحمل الكلمة من معنى: حزم، حكمة وقوة حاضرة ومؤثرة في كل صغيرة وكبيرة، حافظة للقرآن شاعرة، قاصة، راوية وفقيهة ومقاومة حينما روت حبات عرقها الأرض الطيبةوهي تدافع عن الوطن يدا في يد مع شريكها الرجل أسوة بأمهات المؤمنين فخر نساء العالمين. فقد كانت دائما تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة في الصحراء على الاحترام التكامل والتقدير، ويرجع ذلك إلى التربية التي يتلقاها الأبناء منذ صغرهم، بحيث يتم تلقينهم بأن اهانة المرأة تدخل في إطار المحرمات. إلا أن موجة الانفتاح والاستلاب الثقافي جعلت المرأة الصحراوية كمثيلاتها في العالم العربي تتراجع عن دورها الريادي في تخليق الأسرة والمجتمع ولعل السبب الرئيس في ظهور هذا التخلف يكمن في المجتمع المتمثل في المرأة والرجل، الذين ساهما في تكريس هذا الوضع المؤلم، فأصبح هو الأصل، هذا في الوقت الذي تعرضت فيه الأمة العربية والإسلامية في مراحل التخلف والانحطاط لظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة انعكست آثارها على أوضاع المرأة بصفة عامة، وكذا على أوضاع المجتمع باعتبار المرأة نصف المجتمع بل هي المجتمع كله لكونها أنجبت رجاله ونساءه . فهل ترضين يا بنت الأجاويد يا بنت الصحراء... أن تكوني اليوم شخصية مهزوزة شبه غائبة لا تتواجدين ولا تجيدين سوى الفخر والزينة في محافل التباهي، الأعراس ومجالس التبراع مع وجود الاستثناء؟ اليوم، والعالم قرية صغيرة وأنت أستاذة طبيبة وجامعية... أين دورك الطلائعي أين تميزك أين موروثك الثقافي التراثي والديني للنهوض بمجتمعك حفاظا على هويتك استثمارا وتقييما لتقاليدك وعاداتك تنفضين عنها غبار أزمنة غابرة تأخذين منها الأصلح لعصرك ولمحيطك ولاحتياجاتك. فلا تجعلي من شبح خصوصيتك مقبرتك فمسؤوليتك اليوم كبيرة يا سليلة أجدادك مربية في الاسرة ورائدة في المجتمع. مسؤوليتك اجتماعية سياسية ورسالة ثقافية وإعلامية ومعركة كبيرة تحاربين فيها مخلفات الجهل ورواسب الامية المركبة والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والمساهمة في تنشئة مجتمع متماسك ومنتج . مسؤوليتك تنوير الرأي العام حيال قضاياك وقضايا مجتمعك وخلق التفاعل معها، معرفة مالك وما عليك، مواجهة آفة الامية بين النساء وترقية عمل المرأة في الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية وتفعيل آليات العمل على أرض الواقع. اجعلي مجالس الشاي واحة تدارس واستفادة، لا تعكري صفوها بمواضيع تافهة ونميمة ذميمة تزيد من تكريس دونيتك وتختصرك في جسد بلا عقل وازن، بل كوني امرأة واقفة شامخة في تحدي وإباء لا تزيدك نوائب الدهر ومتغيرات الحياة إلا صمودا حكمة وعفة، فأنت تمتلكين من الطاقة والقدرة ما يجعلك تساهمين بأدوار فعالة في بناء المجتمع وتصحيح مفاهيم سبل المشاركة الحقة وكسر قيود الأغلال التي تحول دون إسهامك في تنميته وتخليقه والحفاظ على ثوابته. لاشك إذن أن التحديات كثيرة ولكن بإرادة من حديد وعزم قوي بإمكانك أن تكوني مدرسة قائمة بذاتها تبارزين مخلفات الجهل ورواسب الامية والتخلف الاجتماعي والثقافي ، وتتفوقين في معركة تحرير العقول وطرد كل موروث متخلف والنهوض السياسي والرقي الاجتماعي، ولو في ظروف استثنائية بكل المقاييس. همسة في أذنك، أكتُبُها بصوت ولون منخفض قبل فوات الآوان . عيدة بوي كاتبة واعلامية فائزة بجائزة المركز الدولي للصحفيين 2013