في إطار المهرجان السنوي لزاوية آسا والمنظم هذه السنة من 20 إلى 24 يناير تحت شعار : " آسا بين الهوية المحلية و الانفتاح على الثقافات " ، والذي شهد تنظيم تظاهرات رياضية وثقافية ومعارض للصناعة التقليدية و أخرى فلاحية ، وبهذه المناسبة التي تعتبر فرصة لأبناء قبائل أيتوسى للتوافد على مدينة آسا من أجل أولا إحياء هاته الذكرى ثم لصلة الأرحام وتجعلها كذلك فترة لمناقشة أمور السياسة و مستجدات قضية الصحراء بشكل خاص مع تمثليات مختلف القبائل التي تحج إلى هذه الأرض الغالية . في هذا السياق جاءت فكرة تنظيم ندوة فكرية والتي قاربت موضوعا مهما ، والتي ساهم في إنجاحها " نادي الطالب للتراث الحساني والتبادل الثقافي " ، بالإضافة إلى طلبة كلية الحقوق بجامعة ابن زهر أكادير وبتنسيق مع جمعية مهرجان آسا للتنمية و التواصل ومساهمة مجموعة من الفعاليات و المثقفين و الغيورين من أبناء المدشر على إنجاح هذا العرس الثقافي . وبعد افتتاح أشغال الندوة من طرف مسير الندوة الباحث " بوجمعة بيناهو " تم إعطاء الكلمة باسم كلية الحقوق جامعة ابن زهر بأكادير إلى الأستاذ " كمال بلحركة " نائب عميد كلية الحقوق ، ثم بعد ذلك إلى الطالب " رشيد شليح " نيابة عن طلبة كلية الحقوق جامعة ابن زهر بأكادير ، ثم غلى الباحث "خيطار الشرقي " والذي قدم كلمة ترحيبية في حق الأساتذة الحاضرين وأعطى نبذة تعريفية عن كل واحد منهم . ولقد اختار المنظمون لهاته الندوة عنوان " المشاركة السياسية بالجنوب وأبعادها " – إقليم آسا الزاك نموذجا " ، بينما تكونت أرضية النقاش من خمس مداخلات لأساتذة الحقوق بجامعة ابن زهر وكانت كل مداخلة تصب في محور معين . حيث تناولت المداخلة الأولى للأستاذ " عبد العالي الماكوري " دور هيئات المجتمع المدني في تفعيل المشاركة السياسية ، وتطرق الأستاذ المحاضر إلى الجمعيات في تكريس ثقافة المشاركة السياسية بالإضافة إلى تحديده لمفهوم المشاركة السياسية و الذي عبر عنه من خلال وصفه له بأنه الرابط الذي يجمع مابين الفرد و الجماعة وكذلك المشاركة السياسية سلوك سياسي يرتبط بمجموعة من المحددات ، لينتقل بعد ذلك إلى الوقوف على التجربة السياسية في المغرب والتي خلص من خلالها على أن هناك عزف سياسي وبالتالي هذا مؤشر كبير على ضعف المشاركة السياسية بعد ذلك قام بطرح التساؤل التالي هو : هل هيئات المجتمع المدني قادرة على أن تساهم في التنشئة السياسية والتكوين السياسي وكان الجواب هو نعم . وبعد ذلك قام بطرح الإشكالية التالية والتي تمحورت حول سؤال كيف يمكن لهاته الهيئات أن تلعب دورها التأطيري ؟ وبعد تحليله أكد على أن ربط القدرات مرتبط بمجموعة من العوامل ولعل أهمها يبقى القدرة على متابعة الشأن العام بالإضافة إلى أهمية التكوين و التحسيس . أما المتدخل الثاني الأستاذ " إبراهيم أولتيت " الذي عنون محوره : " من اجل مشاركة سياسية فعالة " ، حيث انطلق من خلال تقديم تساؤلين : لماذا نشارك ؟ ثم لماذا لا نشارك ؟ وذلك من أجل صناعة القرار السياسي وذلك عن طريق المشاركة في صناعة هذا القرار أو التأثير في اتخاذ هذا القرار وأكد على أن المشاركة السياسية تستعمل اليوم كمؤشر لقياس قوة الدول . وبعد ذلك قام بتحديد أنماط المشاركة و قسمها إلى المشاركة المباشرة وهي الاستفتاء ثم الديمقراطية التمثيلية و الفاعل فيها هو الأحزاب السياسية و المحدد فيها هو الانتخابات ثم أخيرا الديمقراطية التشاركية . أما الأستاذ المحاضر " حسن الزواوي " والذي قارب في نقاشه محورا مهما وهو ثقافة المشاركة السياسية عند الشباب الصحراوي حيث ركز على أن المشاركة السياسية في الصحراء تختلف نظرا لمجموعة من الظروف ولعل أبرزها طبيعة و بنية المجتمع الصحراوي ليتجه في تحليله إلى أن المشاركة السياسية تأخذ أبعادا أخرى منها المشاركة اللاتعاقدية ومنها الفعل الاحتجاجي و الذي لا يجب أن يقرأ في جانبه المادي الصرف فقط . و أوضح أن القبيلة لها دور كبير كمؤسسة اجتماعية في بروز ثقافة المشاركة السياسية ، بعد ذلك تناول الأستاذ " حسن الزواوي " وبصفة قطعية على انه لا يمكن تصور أي مشاركة سياسية حقيقية في ظل نظام استبدادي ليطرح بعد ذلك التساؤل الآتي : هو كيف يتصور الشباب الصحراوي السياسية ؟ وربط ذلك إلى العوامل التالية وهي الانتماء للوطن ، لينتقل بعد ذلك إلى العوامل الواجب توفرها من أجل تقوية المشاركة السياسية ومنها تقوية مؤسسات التنشئة ثم القطيعة مع العصبية القبلية و الرجوع إلى دور القبيلة الإيجابي ، وخلص إلى مكامن الخلل في الصحراء ومنها ضعف التأطير الحزبي ثم استمرار ظاهرة شبكة الأعيان و سيطرة سياسة الريع و المصالح الشخصية على أدوار المجتمع المدني . أما المتدخل الرابع الأستاذ " محمد المساوي " والذي تناول في محوره " مفهوم المواطنة ورهان المشاركة السياسية " حيث وقف بشكل مفصل على مفهوم المواطنة والتي لا يمكن أن نفهمها إلا في إطار علاقتها بالديمقراطية و أعطى الأستاذ المساوي تقسيما لأبعاد المواطنة وهي البعد الحقوقي ثم البعد السياسي ثم البعد المدني . وحدد الأستاذ مفهوم المشاركة السياسية في كونه ذلك النشاط الذي يقوم به الأفراد العاديون من أجل التأثير في صناعة القرار الحكومي و ركز على أن المواطنة هي التي تساهم في تكريس ثقافة المشاركة السياسية . أما المتدخل الخامس و الأخير في هاته الندوة كان الأستاذ " محمد همام " في محور " المشاركة السياسية و الخبرة الديمقراطية : دور النخبة نموذجا " ، حيث بدأ مداخلة بالتركيز على أن المشاركة السياسية ظهرت بشكل جلي في الربيع العربي ، وهذا مايجعلنا نتساءل عن دور النخبة في هذا الحراك ، لأننا كنا أمام ربيع جماهيري ولم نرى ربيع نخبة أو فئة مثقفة وهذا مايفرض علينا أن نتساءل مرة أخرى عن غياب أدوار النخبة ولماذا لا تكون في طليعة هذا الحراك الذي عرفه العالم العربي ؟ ليتجه في تحليله بعد ذلك إلى محنة النخبة حيث قال بأن النخبة الحقيقية للمجتمع تتعرض دوما للاضطهاد سواء في الأحزاب أو من طرف أجهزة المخزن حيث أعطى أمثلة مثل عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري ، فصل الأستاذ في تجليات محنة النخبة حيث قسمها إلى نخبة مغضوب عليها و نخبة مدمجة و أحيانا تكون نخبة مطرودة . بعد هذه المداخلة اخذ مسير الجلسة الباحث في العلوم السياسية " بوجمعة بيناهو " الكلمة حيث دعا كافة الحضور إلى الالتزام في المداخلات و احترام الوقت المخصص لكل متدخل و المحدد في دقيقتين و احترام سياق الموضوع . وقد عرفت الندوة قوة المداخلات سواء من حيث العدد حيث وصلت إلى 27 مداخلة أو من حيث المضمون وذلك ما أغنى النقاش و أعطى شحنة قوية لنجاح هاته القافلة الفكرية . بعد ذلك وفي إطار الردود تناول الأساتذة المحاضرون الكلمة مرة أخرى حيث نوهوا بأهمية المداخلات و قدموا الشكر لكافة الحاضرين قبل أن يأخذ مسير الندوة الكلمة الأخيرة و التي شكر من خلالها الأخوة الطلبة المنظمين والسادة الأساتذة المحاضرين و كافة الحضور على الالتزام و المساهمة في إنجاح هاته الندوة و جعلها فرصة لفتح النقاش في مواضيع أخرى إن شاء الله ، وتم رفع أشغال الندوة حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال وعشرون دقيقة .