ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة البوليساريو...بصيغة أخرى
نشر في صحراء بريس يوم 19 - 01 - 2013

عندما طلب الولي مصطفى السيد من زعماء حركة التحرير الوطنية بالمغرب آنذاك (قادة حزب الإستقلال وحزب الحركة الشعبية تحديدا)، قصد مد يد العون لهم كصحراويين أشاوس لتحرير أرض أجدادهم من المستعمر الإمبريالي الإسباني كباقي شعوب العالم الثالث أنذاك، قوبل الطلب من "القادة والساسة" المغاربة بجواب مهين لكرامة الرجال "إذهبوا لرعي إبلكم فللصحراء رجال سيحررونها"، تلميحا لرجالات الحركة الوطنية بالمغرب، وهو الجواب الذي إعتبره القصر بأنه "جواب غير رسمي" من قبل الدولة، وفي المقابل إعتبره الولي مصطفى السيد ورفاقه عبارة عن "إهانة وإبتزازا لنضالهم"، طبعا المغرب لم يكن يعي مآلات تلك الخطوة التي تعد من الأخطاء الكبرى في تاريخه الراهن.
وهو الخطأ الذي دفع شباب صحراوي محب لأرض أجداده حد الموت يتجه جنوبا لينتقم لكرامته، وأسس حينها جبهة "البوليساريو" للتحرير ضد المستعمر الإسباني في البداية، لكن ما لم يكن الولي مصطفى السيد يعيه وهو الحالم بالديموقراطية ورد الكرامة والعزة للصحراويين ممن نهكتهم الجغرافيا قبل التاريخ والسياسة، أن ما وصفه ب"شعبه" لحدود الساعة "ضحية" أثقلت كاهله مزايدات ومناورات تطول ماتزال، يتظافر فيها السياسي بالحقوقي والدبلوماسي بالإعلامي، وهو الذي قال لرفيق دربه محمد علي العظمي (عمر الحضرامي) "إني أخاف أن أظلم شعبي يوما"، ولا يعي أن جبهة البوليساريو الناكرة لوجود أية معارضة لها والساعية إلى التقليل من درجات الرفض والاستياء ضد سياستها، والتي وضع لبنة تأسيسها، ما تزال تتحمل هي الأخرى ومن قريب معاناة الصحراويين والمتاجرة بمآسيهم وبؤسهم ومستقبلهم المجهول دون التفكير العملي الحسن في إستراتيجية حلول، بدل نهج إستراتيجة فارغة من جدواها تتأسس فقط على الصراع و"المباغثات السياسوية"، وهو العيب عينه يحضر في تعاطي الطرف المغربي مع الملف، لكن مادامت المصلحة والقوة أهم آليتي تحريك نزاع الصحراء بين المغرب والبوليساريو وقوى دولية أخرى متورطة في تأزيم القضية، فالحديث عن معاناة الشعوب والخطاب الإنساني هذا، لا محل له من الإعراب هنا .
فمن موقعي كصحراوي حر لا أصطف لطرف على حساب طرف آخر، ولا مقدس عندي سوى العلي العظيم، وفهمت معنى وواجب الإنتماء للصحراء روحا لا فقط جثة، ووعيا بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي إسوة بباقي الصحراويين، أرى أن من حقي، بل من الواجب التساؤل وتوجيه النقد لجميع الأطراف المسؤولة (المعلنة والغير معلنة)على تأزيم قضية الصحراء، لاسيما في ذلك قيادة جبهة البوليساريو ككيان سياسي يعتبر نفسه دوما "ممثلا أمميا رسميا" بالنسبة لي كصحراوي، (أقول "بالنسبة لي" إلزاما لرأيي الشخصي)، خاصة وأنه الكيان الذي شارك في رهن المصير والتاريخ في صراع دام 36 عاما و يطول مايزال.
وعليه، فثمة كثير من الأسئلة وضعت دوما في سياق مزايدات سياسوية هجومية من قبل المغرب، لكن رغم هذا وذاك، تظل أسئلة حية في منظور فقه السياسة، وتتطلب إجابات سياسية وواقعية مقنعة ليس إلا، وخالية من العواطف الثورية التي تسكن بالفطرة كل الصحراويين والصحراويات، لطالما الخلاف مع قيادة الرابوني... لايفسد للود قضية.
أي إختيار ديموقراطي للجبهة ؟
لعل أهم مبدأ من مبادئ الجمهريات التي إختارت الإختيار الديموقراطي كاملا دون بتر، هو مبدأ "تداول السلطة" كقيمة تترجم العقلية والذهنية السياسية الموجودة في سوق المنافسة السياسية من داخل تلك الجمهوريات، ومن يقرأ غير ما مرة المبادئ ال16 التي سطرها المؤسس لجبهة البوليساريو الولي مصطفى السيد، ويتأمل في إسم الدولة الصحراوية التي تناضل لحساب وجودها جبهة البوليساريو (الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية) سيفهم عفويا وللوهة الأولى بأن "الخيار الديموقراطي"، من بين المسلمات المقدسة ل"الدولة الصحراوية"، لكن من يلامس الواقع والممارسة التنظيمية والسياسية لقيادة الرابوني، سيجد أن ذلك الخيار الديموقراطي هو مجرد خيار "مزعوم"، ومجرد جدار وواجهة للإستعراض الصوتي والكتابي في المحافل الدولية والبيانات الختامية للمؤتمرات الوطنية ليس إلا، وهذا طبعا رسالة للصحراويين الحالمين بدولة ديموقراطية شكلا ومضمونا، بأن الغد عنوانه : الحزب الواحد، الرأي الواحد، والزعيم الوحيد الأحد.
فمنذ المؤتمر الثالث لجبهة البوليساريو سنة 1976، ومحمد عبد العزيز زعيما لجبهة البوليساريو ورئيسا لمجلس قيادة الثورة دون من سواه، وخلال 36 عاما وهو الزعيم الواحد الأحد، وظل إنتخابه يعاد المرة تلو الأخرى في إطار تكريس الديكتاتورية القبلية وتقاليدها تحت مبرر واهم (حساسية المرحلة والصراع المفتعل) وهو مبرر سياسي توراثي متقادم، ولعل هذا أهم ما سحب بساط الشرعية الديموقراطية والتمثيلية لتداول السلطة من داخل أسوار رئاسة الرابوني قبل تكريسها على الصحراويين، لكن على ما يبدو فقد خانت جبهة محمد عبد العزيز الموقف التقدمي للولي مصطفى السيد، المشرق بمناهضة الفكر القبلي، والذي إنبعث من جديد في أبهى صوره الوحشية والإجرامية رغم الجهود التلميعية للجبهة.
بل حتى خلفية الخطاب الذي خرج به الدكتور بابا مصطفى السيد لمجلة "الصحراء اليوم" العام الماضي في إجابته على سؤال "الإختيار الديموقراطي" للقيادة، كان جوابه ثوريا لا جوابا سياسي منسجم مع روح الديموقراطية : "لاحاجة لنا بالديموقراطية في غياب الحرية والأرض"، ليذر الرماد في أعين قاعدة فاعلة وواسعة من الصحراويين الأشاوس، فالديمقراطية كما فهمناها مع المواثيق الدولية (التي تعض عليها الجبهة بالنواجد) هي كل لا يتجزأ، إما أن تأخذ كاملة، أو أن تترك كاملة، دون أي سفسطة ثورية تبريرية تسحب بساط "إرادة وشرعية الشعوب".
الهوية الصحراوية والمعني من الصراع ؟
من الأسئلة التي شكلت مأزق في الصياغة القانونية بالنسبة لجبهة البوليساريو، سؤال "الهوية الصحراوية" والمزايدات "الصحراوية –الصحراوية" الحاصلة في هذا الشأن. بين صحراويين الداخلة وبوجدور والعيون والسمارة من جهة، وصحراويين الطنطان وكليميم وأسا والزاك وسيدي إفني من جهة أخرى، و من هنا ينبع المؤزق حول ما إن كانت جبهة البوليساريو التي تعتبر نفسها دوما "ممثلة أممية رسمية وتاريخية للصحراويين قاطبة دون إستثناء" على إقناع وجلب تأييد كافة هؤلاء الصحراويين من الكويرة إلى حدود مرتفعات الواركزيز، وفي ذلك مشارف ومنعرجات أغني أومغارن مع إدخال منطقة سيدي إفني بإعتبارها مستعمرة إسبانية إلى حدود 1969 ؟ أم سنكون فقط أمام سيناريو ثان يقودنا إلى العودة إلى المثلث الصحراوي الأول الموروث من الإمبريالية الإسبانية والممتد من الطاح إلى السمارة، ثم العيون وبوجدور والداخلة والكويرة التي ليس لنا منها سوى الإسم، على إعتبار أن الكويرة الحقيقية تقع تحت سيادة موريتانيا الشقيقة.
وتكتيكيا، هنا توجد معادلة تزيد من الأزمة لدى قيادة الرابوني، مفادها إما أن تقبل البوليساريو خيار الحكم الذاتي على أساس المثلث الأول المشكل من جهتي وادي الذهب-الكويرة وبوجدور- الساقية الحمراء (كما هو مفهوم أمميا)، دون المطالبة بأي إستفتاء، وهنا حرج كبير لها أمام المناصرين الذي عبأتهم منذ 36 عاما على أساس "الإستقلال التام" لا غير، وإما أن تختار العكس أي خيار الإستفتاء، وفي هذا الخيار يكمن الشيطان في رقم صعب ومعقد ضمن المعادلة، مفاده أنه في حالة إن ذهبت البوليساريو في إتجاه التمسك بالإستفتاء، ستجد نفسها أمام حالة "تخلي علنية" عن أقاليم وساكنة هي أيضا صحراوية وكانت مستعمرة إسبانيا، لأن جغرافية إجراء الإستفتاء هي فقط على مستوى الصحراء الغربية وفق حدود الثالوث الأول الممتد من مدشر السمارة ومنطقة أخفنير إلى حدود الداخلة والكويرة.
المؤتمرات الوطنية، أي تحصيل ؟
منذ 1973 ومؤتمرات جبهة البوليساريو فارغة من المحتوى والشكل بخصوص تحصيل التوافق الديموقراطي بين كل المؤتميرين، فبدون الغوص في عمق تاريخ مؤتمرات الرابوني، فقط إطلالة تحليلية بسيطة في شكل ومضمون المؤتمر الثالث عشر الأخير للجبهة، نجد إنتقادات حادة من قبل المؤتمرين الصحراويين لم تستطع الجبهة حجبها، وهي تلك الإنتقادات المتعلقة بإحتجاج مؤتمرين من الجالية الأوربية والمخيمات ومداشر الصحراء من إقصائهم من الحضور، تمخض عنها طعون في طريقة تحضير المؤتمر، وطال هذا التنديد تغييب بعض مقررات المؤتمر من أجل الإطلاع عليها، فضلا على التوجس الذي كان باديا على قيادة الرابوني من خلال خوفها من عدم تزكيتها لولاية جديدة، كما أن المؤتمر الأخير كانت مقرراته جد محتشمة ولم تحسم في الجواب على أسئلة كانت في مخيلة المؤتمرين الحاضرين، تعلقت بالموقع الفعلي للجبهة من مسلسل إجراء الإستفتاء، وخيار المغرب الداعي للحكم الذاتي في مقابل الخيار المسلح؟ وأي دور للجبهة على المستوى التنظيمي والتمثيلي؟ وكيف ستواجه المجموعات المسلحة والتهريب؟ وما آفاق علاقاتها الإقليمية ووضعها الداخلي؟
وبالتالي، فجبهة البوليساريو في كل مرة تبدو في مؤتمراتها الوطنية ليست سيدة القرارات المصيرية والجازمة تجاه حل النزاع، فالجزائر كجبهة غير علنية، ترسم "الديزاين" العام وخارطة الطريق لقيادة الرابوني في كل مرحلة، ولا ريب في إن "قررت" الجزائر تمزيق إتفاقية 1991 القاضية بوقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، فستدفع بشخصية أكثر راديكالية كوزير الدفاع محمد لمين البوهالي مثلا، ليحل محل محمد عبد العزيز في مؤتمر جديد، لأن المتحكم في لعبة الشطرنج يعي تماما بأن المغرب وجب إنتهاك قواه بالورقة الحقوقية والدبلوماسية عن طريق زعامة محمد عبد العزيز، أما ترأس محمد لمين البوهالي لقيادة الرابوني، هو بمثابة ناقوس للخطر لإعلان آخر ورقة، وهي الخيار المسلح ضد المغرب، لكن هذا الأخير يعد منافسا ليس بالسهل إحراجه حقوقيا ودبلوماسيا، مادام قد ضمن وفاء "الفيتو الفرنسي" المواضب على الحضور بمجلس الأمن، وقد يجني أيضا دعم الفيتو الأمريكي تحت أي مبرر أمني معتاد، (مثلا: منطقة غير قابلة للإضطراب، لإحتمال إستغلال حركة بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد الإرهابيتين الصراع كبوابة لها لشمال إفريقيا)، في حالة تلويح الرابوني بورقتها الثانية والأخيرة (والتي تقل فيها خسائر الجبهة طبعا).
الموقف "الحاسم" من إتفاقية 1991 ؟
لقد كانت هذه النقطة، من أبرز الأسئلة التي لم تحسم بعد في المؤتمر الأخير للجبهة، حيث لوح الكثير من المؤتمرين بتساؤل جوهري يتوقف عليه مستقبلهم كمناصرين ل"خيار الإستقلال"، وكذا مناصري خيار "الحكم الذاتي" ضمنيا، وهو "هل ماتزال الجبهة متمسكة بإتفاق إطلاق النار لسنة 1991" ؟ فإن كان جواب قيادة محمد عبد العزيز الصحراوي ب"نعم"، فهل للجبهة النية الصادقة في خوض هذا الخيار المسلح وتحمل كل عواقبه أم أنه فقط خيار تستخدمه ك"جوكير" للضغط على المجتمع الدولي والرباط ؟ وإن كان، فهل مايزال بمقدورها فعلا مباغثة ما عقب خروجها خلف الجدار الرملي ؟
وإن كان جواب القيادة ب"لا" فهو ضرب في عمق الإلتزامات والإتفاقيات الدولية الأممية للسلام، والتي تعض عليها الجبهة بالنواجد وتستعرض طاعتها وإمتثالها للإتفاقيات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في غير ما مرة، وفي في أكثر من مؤتمر شعبي ولقاء دولي. وفي حالة إن كانت الجبهة أول طرف يخرق إتفاقية 1991 الأممية وتدخل بعدها في حالة حرب مع المغرب، فستبدو حينها مثلها مثل الجماعات والمنظمات "الإرهابية العشوائي والمتمردة"، وسيكبر الموقف الموقف المغربي في عيون المجتمع الدولي، وسيصدق المجتمع الدولي بهذا الخصوص الدعاية الرائجة، وبالتالي ستكون كل المكاسب الدبلوماسية والسياسية الأخيرة للرابوني في مهب الريح.
إذن، فضبابية الموقف الحاسم لجبهة البوليساريو إزاء إتفاقية 1991، نتيجة للمآلات والأفق السياسية والدبلوماسية المسدودة والتي لاتترك للجبهة أي بديل سوى الإجتهاد في جلب مؤيدين و متعاطفين من دول الديموقراطيات العريقة (الدول الإسكندنافية نموذجا)، مستغلة كسل الدبلوماسيين المغاربة في هذا الإتجاه.
مجمل القول، إن جبهة البوليساريو ليست كيانا سياسيا ملائكيا مقدسا كماهو مصور في المخيال والتمثل الذهني الإجتماعي لبعض الصحراويين، الذين ما وجدوا بديلا عن الواقع الإجتماعي والحقوقي والأمني المزري بمحافضات الصحراء. فنعم المغرب طرف رئيسي في حلقة الصراع وتأزيم النزاع، لكن في المقابل، فالشيطان يسكن في عروق قادة جبهة البوليساريو ورائحته تفوح من داخل أسوار قيادة الرابوني، ولذلك... تقبلوا
بفلم : عبيد أعبيد.
عندما طلب الولي مصطفى السيد من زعماء حركة التحرير الوطنية بالمغرب آنذاك (قادة حزب الإستقلال وحزب الحركة الشعبية تحديدا)، قصد مد يد العون لهم كصحراويين أشاوس لتحرير أرض أجدادهم من المستعمر الإمبريالي الإسباني كباقي شعوب العالم الثالث أنذاك، قوبل الطلب من "القادة والساسة" المغاربة بجواب مهين لكرامة الرجال "إذهبوا لرعي إبلكم فللصحراء رجال سيحررونها"، تلميحا لرجالات الحركة الوطنية بالمغرب، وهو الجواب الذي إعتبره القصر بأنه "جواب غير رسمي" من قبل الدولة، وفي المقابل إعتبره الولي مصطفى السيد ورفاقه عبارة عن "إهانة وإبتزازا لنضالهم"، طبعا المغرب لم يكن يعي مآلات تلك الخطوة التي تعد من الأخطاء الكبرى في تاريخه الراهن.
وهو الخطأ الذي دفع شباب صحراوي محب لأرض أجداده حد الموت يتجه جنوبا لينتقم لكرامته، وأسس حينها جبهة "البوليساريو" للتحرير ضد المستعمر الإسباني في البداية، لكن ما لم يكن الولي مصطفى السيد يعيه وهو الحالم بالديموقراطية ورد الكرامة والعزة للصحراويين ممن نهكتهم الجغرافيا قبل التاريخ والسياسة، أن ما وصفه ب"شعبه" لحدود الساعة "ضحية" أثقلت كاهله مزايدات ومناورات تطول ماتزال، يتظافر فيها السياسي بالحقوقي والدبلوماسي بالإعلامي، وهو الذي قال لرفيق دربه محمد علي العظمي (عمر الحضرامي) "إني أخاف أن أظلم شعبي يوما"، ولا يعي أن جبهة البوليساريو الناكرة لوجود أية معارضة لها والساعية إلى التقليل من درجات الرفض والاستياء ضد سياستها، والتي وضع لبنة تأسيسها، ما تزال تتحمل هي الأخرى ومن قريب معاناة الصحراويين والمتاجرة بمآسيهم وبؤسهم ومستقبلهم المجهول دون التفكير العملي الحسن في إستراتيجية حلول، بدل نهج إستراتيجة فارغة من جدواها تتأسس فقط على الصراع و"المباغثات السياسوية"، وهو العيب عينه يحضر في تعاطي الطرف المغربي مع الملف، لكن مادامت المصلحة والقوة أهم آليتي تحريك نزاع الصحراء بين المغرب والبوليساريو وقوى دولية أخرى متورطة في تأزيم القضية، فالحديث عن معاناة الشعوب والخطاب الإنساني هذا، لا محل له من الإعراب هنا .
فمن موقعي كصحراوي حر لا أصطف لطرف على حساب طرف آخر، ولا مقدس عندي سوى العلي العظيم، وفهمت معنى وواجب الإنتماء للصحراء روحا لا فقط جثة، ووعيا بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي إسوة بباقي الصحراويين، أرى أن من حقي، بل من الواجب التساؤل وتوجيه النقد لجميع الأطراف المسؤولة (المعلنة والغير معلنة)على تأزيم قضية الصحراء، لاسيما في ذلك قيادة جبهة البوليساريو ككيان سياسي يعتبر نفسه دوما "ممثلا أمميا رسميا" بالنسبة لي كصحراوي، (أقول "بالنسبة لي" إلزاما لرأيي الشخصي)، خاصة وأنه الكيان الذي شارك في رهن المصير والتاريخ في صراع دام 36 عاما و يطول مايزال.
وعليه، فثمة كثير من الأسئلة وضعت دوما في سياق مزايدات سياسوية هجومية من قبل المغرب، لكن رغم هذا وذاك، تظل أسئلة حية في منظور فقه السياسة، وتتطلب إجابات سياسية وواقعية مقنعة ليس إلا، وخالية من العواطف الثورية التي تسكن بالفطرة كل الصحراويين والصحراويات، لطالما الخلاف مع قيادة الرابوني... لايفسد للود قضية.
أي إختيار ديموقراطي للجبهة ؟
لعل أهم مبدأ من مبادئ الجمهريات التي إختارت الإختيار الديموقراطي كاملا دون بتر، هو مبدأ "تداول السلطة" كقيمة تترجم العقلية والذهنية السياسية الموجودة في سوق المنافسة السياسية من داخل تلك الجمهوريات، ومن يقرأ غير ما مرة المبادئ ال16 التي سطرها المؤسس لجبهة البوليساريو الولي مصطفى السيد، ويتأمل في إسم الدولة الصحراوية التي تناضل لحساب وجودها جبهة البوليساريو (الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية) سيفهم عفويا وللوهة الأولى بأن "الخيار الديموقراطي"، من بين المسلمات المقدسة ل"الدولة الصحراوية"، لكن من يلامس الواقع والممارسة التنظيمية والسياسية لقيادة الرابوني، سيجد أن ذلك الخيار الديموقراطي هو مجرد خيار "مزعوم"، ومجرد جدار وواجهة للإستعراض الصوتي والكتابي في المحافل الدولية والبيانات الختامية للمؤتمرات الوطنية ليس إلا، وهذا طبعا رسالة للصحراويين الحالمين بدولة ديموقراطية شكلا ومضمونا، بأن الغد عنوانه : الحزب الواحد، الرأي الواحد، والزعيم الوحيد الأحد.
فمنذ المؤتمر الثالث لجبهة البوليساريو سنة 1976، ومحمد عبد العزيز زعيما لجبهة البوليساريو ورئيسا لمجلس قيادة الثورة دون من سواه، وخلال 36 عاما وهو الزعيم الواحد الأحد، وظل إنتخابه يعاد المرة تلو الأخرى في إطار تكريس الديكتاتورية القبلية وتقاليدها تحت مبرر واهم (حساسية المرحلة والصراع المفتعل) وهو مبرر سياسي توراثي متقادم، ولعل هذا أهم ما سحب بساط الشرعية الديموقراطية والتمثيلية لتداول السلطة من داخل أسوار رئاسة الرابوني قبل تكريسها على الصحراويين، لكن على ما يبدو فقد خانت جبهة محمد عبد العزيز الموقف التقدمي للولي مصطفى السيد، المشرق بمناهضة الفكر القبلي، والذي إنبعث من جديد في أبهى صوره الوحشية والإجرامية رغم الجهود التلميعية للجبهة.
بل حتى خلفية الخطاب الذي خرج به الدكتور بابا مصطفى السيد لمجلة "الصحراء اليوم" العام الماضي في إجابته على سؤال "الإختيار الديموقراطي" للقيادة، كان جوابه ثوريا لا جوابا سياسي منسجم مع روح الديموقراطية : "لاحاجة لنا بالديموقراطية في غياب الحرية والأرض"، ليذر الرماد في أعين قاعدة فاعلة وواسعة من الصحراويين الأشاوس، فالديمقراطية كما فهمناها مع المواثيق الدولية (التي تعض عليها الجبهة بالنواجد) هي كل لا يتجزأ، إما أن تأخذ كاملة، أو أن تترك كاملة، دون أي سفسطة ثورية تبريرية تسحب بساط "إرادة وشرعية الشعوب".
الهوية الصحراوية والمعني من الصراع ؟
من الأسئلة التي شكلت مأزق في الصياغة القانونية بالنسبة لجبهة البوليساريو، سؤال "الهوية الصحراوية" والمزايدات "الصحراوية –الصحراوية" الحاصلة في هذا الشأن. بين صحراويين الداخلة وبوجدور والعيون والسمارة من جهة، وصحراويين الطنطان وكليميم وأسا والزاك وسيدي إفني من جهة أخرى، و من هنا ينبع المؤزق حول ما إن كانت جبهة البوليساريو التي تعتبر نفسها دوما "ممثلة أممية رسمية وتاريخية للصحراويين قاطبة دون إستثناء" على إقناع وجلب تأييد كافة هؤلاء الصحراويين من الكويرة إلى حدود مرتفعات الواركزيز، وفي ذلك مشارف ومنعرجات أغني أومغارن مع إدخال منطقة سيدي إفني بإعتبارها مستعمرة إسبانية إلى حدود 1969 ؟ أم سنكون فقط أمام سيناريو ثان يقودنا إلى العودة إلى المثلث الصحراوي الأول الموروث من الإمبريالية الإسبانية والممتد من الطاح إلى السمارة، ثم العيون وبوجدور والداخلة والكويرة التي ليس لنا منها سوى الإسم، على إعتبار أن الكويرة الحقيقية تقع تحت سيادة موريتانيا الشقيقة.
وتكتيكيا، هنا توجد معادلة تزيد من الأزمة لدى قيادة الرابوني، مفادها إما أن تقبل البوليساريو خيار الحكم الذاتي على أساس المثلث الأول المشكل من جهتي وادي الذهب-الكويرة وبوجدور- الساقية الحمراء (كما هو مفهوم أمميا)، دون المطالبة بأي إستفتاء، وهنا حرج كبير لها أمام المناصرين الذي عبأتهم منذ 36 عاما على أساس "الإستقلال التام" لا غير، وإما أن تختار العكس أي خيار الإستفتاء، وفي هذا الخيار يكمن الشيطان في رقم صعب ومعقد ضمن المعادلة، مفاده أنه في حالة إن ذهبت البوليساريو في إتجاه التمسك بالإستفتاء، ستجد نفسها أمام حالة "تخلي علنية" عن أقاليم وساكنة هي أيضا صحراوية وكانت مستعمرة إسبانيا، لأن جغرافية إجراء الإستفتاء هي فقط على مستوى الصحراء الغربية وفق حدود الثالوث الأول الممتد من مدشر السمارة ومنطقة أخفنير إلى حدود الداخلة والكويرة.
المؤتمرات الوطنية، أي تحصيل ؟
منذ 1973 ومؤتمرات جبهة البوليساريو فارغة من المحتوى والشكل بخصوص تحصيل التوافق الديموقراطي بين كل المؤتميرين، فبدون الغوص في عمق تاريخ مؤتمرات الرابوني، فقط إطلالة تحليلية بسيطة في شكل ومضمون المؤتمر الثالث عشر الأخير للجبهة، نجد إنتقادات حادة من قبل المؤتمرين الصحراويين لم تستطع الجبهة حجبها، وهي تلك الإنتقادات المتعلقة بإحتجاج مؤتمرين من الجالية الأوربية والمخيمات ومداشر الصحراء من إقصائهم من الحضور، تمخض عنها طعون في طريقة تحضير المؤتمر، وطال هذا التنديد تغييب بعض مقررات المؤتمر من أجل الإطلاع عليها، فضلا على التوجس الذي كان باديا على قيادة الرابوني من خلال خوفها من عدم تزكيتها لولاية جديدة، كما أن المؤتمر الأخير كانت مقرراته جد محتشمة ولم تحسم في الجواب على أسئلة كانت في مخيلة المؤتمرين الحاضرين، تعلقت بالموقع الفعلي للجبهة من مسلسل إجراء الإستفتاء، وخيار المغرب الداعي للحكم الذاتي في مقابل الخيار المسلح؟ وأي دور للجبهة على المستوى التنظيمي والتمثيلي؟ وكيف ستواجه المجموعات المسلحة والتهريب؟ وما آفاق علاقاتها الإقليمية ووضعها الداخلي؟
وبالتالي، فجبهة البوليساريو في كل مرة تبدو في مؤتمراتها الوطنية ليست سيدة القرارات المصيرية والجازمة تجاه حل النزاع، فالجزائر كجبهة غير علنية، ترسم "الديزاين" العام وخارطة الطريق لقيادة الرابوني في كل مرحلة، ولا ريب في إن "قررت" الجزائر تمزيق إتفاقية 1991 القاضية بوقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، فستدفع بشخصية أكثر راديكالية كوزير الدفاع محمد لمين البوهالي مثلا، ليحل محل محمد عبد العزيز في مؤتمر جديد، لأن المتحكم في لعبة الشطرنج يعي تماما بأن المغرب وجب إنتهاك قواه بالورقة الحقوقية والدبلوماسية عن طريق زعامة محمد عبد العزيز، أما ترأس محمد لمين البوهالي لقيادة الرابوني، هو بمثابة ناقوس للخطر لإعلان آخر ورقة، وهي الخيار المسلح ضد المغرب، لكن هذا الأخير يعد منافسا ليس بالسهل إحراجه حقوقيا ودبلوماسيا، مادام قد ضمن وفاء "الفيتو الفرنسي" المواضب على الحضور بمجلس الأمن، وقد يجني أيضا دعم الفيتو الأمريكي تحت أي مبرر أمني معتاد، (مثلا: منطقة غير قابلة للإضطراب، لإحتمال إستغلال حركة بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد الإرهابيتين الصراع كبوابة لها لشمال إفريقيا)، في حالة تلويح الرابوني بورقتها الثانية والأخيرة (والتي تقل فيها خسائر الجبهة طبعا).
الموقف "الحاسم" من إتفاقية 1991 ؟
لقد كانت هذه النقطة، من أبرز الأسئلة التي لم تحسم بعد في المؤتمر الأخير للجبهة، حيث لوح الكثير من المؤتمرين بتساؤل جوهري يتوقف عليه مستقبلهم كمناصرين ل"خيار الإستقلال"، وكذا مناصري خيار "الحكم الذاتي" ضمنيا، وهو "هل ماتزال الجبهة متمسكة بإتفاق إطلاق النار لسنة 1991" ؟ فإن كان جواب قيادة محمد عبد العزيز الصحراوي ب"نعم"، فهل للجبهة النية الصادقة في خوض هذا الخيار المسلح وتحمل كل عواقبه أم أنه فقط خيار تستخدمه ك"جوكير" للضغط على المجتمع الدولي والرباط ؟ وإن كان، فهل مايزال بمقدورها فعلا مباغثة ما عقب خروجها خلف الجدار الرملي ؟
وإن كان جواب القيادة ب"لا" فهو ضرب في عمق الإلتزامات والإتفاقيات الدولية الأممية للسلام، والتي تعض عليها الجبهة بالنواجد وتستعرض طاعتها وإمتثالها للإتفاقيات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في غير ما مرة، وفي في أكثر من مؤتمر شعبي ولقاء دولي. وفي حالة إن كانت الجبهة أول طرف يخرق إتفاقية 1991 الأممية وتدخل بعدها في حالة حرب مع المغرب، فستبدو حينها مثلها مثل الجماعات والمنظمات "الإرهابية العشوائي والمتمردة"، وسيكبر الموقف الموقف المغربي في عيون المجتمع الدولي، وسيصدق المجتمع الدولي بهذا الخصوص الدعاية الرائجة، وبالتالي ستكون كل المكاسب الدبلوماسية والسياسية الأخيرة للرابوني في مهب الريح.
إذن، فضبابية الموقف الحاسم لجبهة البوليساريو إزاء إتفاقية 1991، نتيجة للمآلات والأفق السياسية والدبلوماسية المسدودة والتي لاتترك للجبهة أي بديل سوى الإجتهاد في جلب مؤيدين و متعاطفين من دول الديموقراطيات العريقة (الدول الإسكندنافية نموذجا)، مستغلة كسل الدبلوماسيين المغاربة في هذا الإتجاه.
مجمل القول، إن جبهة البوليساريو ليست كيانا سياسيا ملائكيا مقدسا كماهو مصور في المخيال والتمثل الذهني الإجتماعي لبعض الصحراويين، الذين ما وجدوا بديلا عن الواقع الإجتماعي والحقوقي والأمني المزري بمحافضات الصحراء. فنعم المغرب طرف رئيسي في حلقة الصراع وتأزيم النزاع، لكن في المقابل، فالشيطان يسكن في عروق قادة جبهة البوليساريو ورائحته تفوح من داخل أسوار قيادة الرابوني، ولذلك... تقبلوا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.