يعيش الوضع الصحي بمدينة كلميم حالة لا يحسد عليها، خاصة مع تردي الخدمات الصحية المقدمة من طرف المراكز الاستشفائية بالإقليم عامة و بالمستشفى الإقليمي خاصة. ففي الوقت الذي يسجل فيه غياب تام لبعض الأقسام الطبية، تعرف الأقسام الأخرى نذرة ملحوظة في الآليات و الأجهزة، ناهيك عن النقص الحاد في الأطر المختصة من قبيل الإنعاش و الولادة و الجراحة... في زيارة بسيطة لبعض أروقة المستشفى يتجلى للزائر مدى درجة الإهمال التي وصل إليها المكان، و قدر الإستهتار الذي تعامل به الوزارة الوصية الوضع الصحي بالمنطقة، فلا يعقل مثلا أن تكلف طبيبة واحدة و على مدار الساعة بقسم الولادات الذي قد يضم في بعض الأحيان- بل و في الغالب منها- عددا من النساء يفوق الأسرة المتوافرة؟ وقد عاينت الموقف شخصيا،حيث اضطرت غير المحظوظات من افتراش الأرضية، و الصراخ عبثا عل أحدا من الممرضين يقدم عونا أو يسكن ألما. بل و الأدهى من ذلك أن تجد النساء في هذا القسم عددا من القطط يفوق الأطقم الطبية بالمستشفى، و هي تتقاسم معها الأسرة، منتظرة أية فرصة تغفل فيها أم عن صغيرا حتى يصير لقمة سهلة في متناول مخالبها. ولم يكن قسم الجراحة- المحظوظ نسبيا- أن يخلو من مشاكل، و دائما فيما يتعلق بالأطر الطبية المختصة، حيث يكلف ممرض واحد على مجار 24 ساعة بمتابعة الوضع الصحي لأكثر من عشرين مريضا، خاضعين لعمليات مختلفة النوع و الخطورة. وهو أمر يكاد يكون مستحيلا بالنسبة لشخص واحد ففي ذلك قمة الإرهاق و التعب، مما قد يشكل خطورة على بعض المرضى في حال نسيان علاج معين في وقت محدد. وليس قسم المستعجلات بحال أفضل من سابقيه، فأغلب الواصلي إليه لا يتلقون سوى علاجات سريعة بسيطة جدا، لا تتجاوز بعض الحقن المهدئة أو أدوية صيانة الجراح السطحية أو بعض قنينات الأكسجين، علما أن بعض الحالات المستعجلة التي تصل للقسم تكون بحاجة لتدخل سريع و لعلاج أدق من ذلك. أما الغياب الذي أتينا على ذكره سالفا، فيخص أقساما عديدة أهمها القسم الخاص بالماسح الضوئي أو ما يعرف بالسكانير، و هو ما يضطر غالبية المرضى إلى التوجه صوب المستشفى العسكري بذات المدينة قصد إجراء المسح، مقابل مبالغ تثقل كاهل المواطن المغلوب على أمره. علما أن المستشفى الإقليمي قد استفاد من هبة يابانية متمثلة في أجهزة الماسح الضوئي بكافة متعلقاتها، لكنها و لأسباب غير معروفة تقبع بفناء المستشفى منذ أزيد من سنتين أو أكثر (أنظر الصور). في ظل هذا الوضع المتأزم الذي يعيشه المجال الصحي بإقليم كلميم، ندعو الوزارة الوصية إلى التدخل سريعا و من غير إبطاء، من أجل محاولة الرقي بقطاع طالما قبع في أسفل السافلين من بين باقي القطاعات الحيوية و الضرورية لجل المواطنين، و أملنا كبير في أن يجد هذا النداء طريقه لآذان تجيد الإصغاء و تبدع في التنفيذ.