تستكثر علينا إدارتنا حتى الكلام في شؤون لصيقة بحياتنا، بحقوقنا ومصيرنا وبكيفية كفاحنا، وهي التي استكثرت لنفسها ما شاءت من متاع الدنيا وحتى الآخرة. فقد وصلت قيادتنا أرذل الفعل، وباتت تمنع مُجرد الرأي، وتعجز أن ترد عليه بالرأي، وسيلتها الوحيدة "التهديد". دون ريب يريد منا البعض أن نلغي عقولنا، أو نُغمض أعيُننا ونشل قوى الفكر والمنطق التي فضلنا بها الله على الدواب والبهائم، يريد منا البعض أن نكون قطيعا من النعاج، يهش علينا بالعصا فننعطف يمينا أو شمالا، نُساق وننساق لرغباته. إن الإصلاح و الدعوة إليه سنة من سنن الله في الأرض، فهو منذ القدم جزء من الصراع الأزلي بين الخير والشر لقوله تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، والإصلاح في أرقى تجلياته هو عملية واعية تستهدف تصحيح الأوضاع على حسب درجة الفساد والإفساد والخلل. وإذا كانت تِلكم بعض أشكال الإصلاح فإن الفساد أيضا يأخذ قوالب وأنواع تبدأ بممارسة السلطة وتنتهي بمزاوجتها بالمال الحرام والمحصل بأشكال وأنواع تعطى لها صيغتها الشرعية على حسب قوة كل فاسد، ولا تنتهي بممارسة التسلط وتسخير القوة من أجل الحفاظ على هذا الوضع إلى درجة السادية والتجاوز على آدمية الإنسان. حين يتحدث أحد بمؤسستنا بصوت مُرتفع عن الفساد وعن غياب الديمقراطية يواجه بتهمة جاهزة مُفصّلة على المقاس الصحراوي "تهمة الإنفصال" والتواطئ ضد مصلحة المغرب. خليط من الأوصاف والتهم والنعوت لا يجمعها جامع، ولا يملك أي أحد دليلا على ما يقول إلا ما يلتقطونه من مائدة المدير الرخيصة. ففوسبوكراع كانت ولا زالت خارج سياق المحاسبة بدعوى حساسية المنطقة والنفوذ الذي يحمي مديرها، حتى أضحت ضيعة مملوكة له، وليس من حق أحد إقتحامها عليه أو مساءلته لأنه تعوَّد على غياب المحاسبة في إقليم يعرف أعلى مستويات الريع. لذا على الذين يوجهون التهم للنقابي أميدان ويتهمونه بالإنفصال ويصدرون قرارات إرتجالية وغير قانونية أن يتراجعوا للخلف، لأن الإنفصال الحقيقي هو أن تظل أكبر مؤسسة في الصحراء خارج المحاسبة بدعوى الحساسية التي لا نعرف مصدرها. وعلى الذين اتهموه أن يُحدِّدوا بدقة صك الإتهام حتى تتضح الصورة جيدا للجميع وحتى نفهم جميعا من هذا الإتهام أن فوسبوكراع خط أحمر لا يجب الإقتراب منه، وعلى السيد أميدان أن يُبعد مجاله النقابي عن المؤسسة، وأن يبتلع لسانه كما تفعل النقابات الأخرى، لأنه ليس من حقه الإقتراب من ضيعة ماء العينين التي منحها له المخزن، وهو بذلك يشق عصا الطاعة عن المخزن لأنه يفضح قلعة من قِلاع الريع الذي ظل خارج نطاق المحاسبة ويجب الإبتعاد عنه تماما، وإلا فالتهمة جاهزة لكل من جاهر بالحقيقة. فوسبوكراع جزء من ريع الصحراء الذي يخدم مصالح معيّنة لأشخاص آخرين داخل وخارج الصحراء، وحجم الأموال التي رُصدت لها لا يعكس أية تنمية محلية ويُثير العديد من التساؤلات حول مصير هذه الأموال التي لن تستطيع لجان المراقبة ولا المجلس الأعلى للحسابات الإقتراب منها لأن الصحراء أموالها حلال. بتعنتها ترفض إدارة فوسبوكراع الحوار وتطبيق القانون وخلق جو الإحترام المتبادل، بعيدا عن سياسة التخوين والتسفيه وتوزيع صكوك الوطنية وفق نظرة "من ليس معي فهو خائن عميل يعمل لزعزعة الإستقرار ويخدم أجندة العدو"، وكذا الإبتعاد عن ممارسة الأبوية والوصاية على الشغيلة ومكتسباتها، والإنجرار وراء الإتهامات غير المؤسسة.