ما يطبع الخطاب الاديولوجي للتشكيلات السياسية في حملتها الانتخابية، هو إجماعها على محاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله، وما يثير الاستغراب، هو أن هذا الخطاب ظل حاضرا في كل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب، ومع ذلك لم يتم القضاء على الفساد، بل زاد انتشارا في البر والبحر والجو. وأن أس هذا الفساد، من هذه الأحزاب. فواهم من يثق في الخطاب الديماغوجي للأحزاب، وواهم من يثق بإجراء عملية انتخابية، ستحل جميع مشاكلنا على جميع الأصعدة والمستويات، و سنخطو خطوة مهمة على درب الركب الحداثي الديمقراطي. وهذا ما جعل أجهزة الدولة بمختلف مؤسساتها، تدخل في هذه الجوقة، لعزف نفس السيمفونية، لإيهام الرأي العام على أن هذه الانتخابات مرحلة مفصلية وتستوجب التعبئة والدعاية. وفي هذا تضخيم للعملية الانتخابية، والتي ما هي في الأصل إلا آلية من آليات المنظومة الديمقراطية، التي تتشكل من مجموعة من القيم والأسس المتعارف عليها كونيا. ولنفرض جدلا، أن هذه الانتخابات عرفت مشاركة كبيرة من قبل الناخبين، وأنها مرت نزيهة وشفافة على غرار انتخابات الدول العريقة ديمقراطيا، فهل جميع مشاكلنا ستحل؟ وهل جميع آمالنا وتطلعاتنا ستتحقق؟ الحق يقال، أن ما يجب أن تعيه الدولة، هو أن الشعب بمختلف شرائحه فطن في فك طلاسيم هذه اللعبة المسلية، و تيقن بما لايدع مجالا للشك أن فاقد الشيء لايعطيه. كيف لأحزاب فاسدة، وغير ديمقراطية، أن تحارب الفساد وتحقق الديمقراطية. كيف لأحزاب تتبجح بشعارات جذابة للاستهلاك السياسوي الإنتخابوي وعلى أرض الواقع تمارس كل الممارسات المشينة المتناقضة مع مفهوم النزاهة وتخليق العملية الانتخابية؟ كيف لنخبة وصولية انتهازية، تصطف في طوابير المقاولات السياسية، لعقد صفقاتها الخاسرة في بورصة الانتخابات، على حساب المواطنين للوصول إلى وهم مواقع المسؤولية، بكل الأشكال اللاديمقراطية، تتبجح بالنزاهة والشفافية وخدمة الصالح العام. هذه المفارقة في المشهد الانتخابي المغربي مابين الخطاب الديماغوجي للإيهام بمحاربة الفساد، وعلى أرض الواقع ممارسة كل أصناف الفساد، أحدثت تمزقا نفسيا لدى المواطن جعلته لا يثق لا في الأحزاب ولا في الانتخاب.