في الوقت الذي يعج المغرب بالمسيرات و الاحتجاجات المطالبة بالتغيير والعدالة الاجتماعية ، نجد المخزن يحاول تجاهلها بينما يصب كل اهتمامه بموضوع الانتخابات ، كأنها هي المعضلة الكبرى التي تواجه الشعب المغربي الذي سئم من سياسة المخزن الاستبدادية ، فغالبية الشعب مقتنع بان الانتخابات لا فائدة منها وأن المؤسسات التي تفرزها عديمة الجدوى ،هي مجرد مهزلة يقاطعها غالبية الشعب المغربي وخير دليل على ذلك الانتخابات التشريعية الماضية التي لم يشارك فيها إلا نسبة ضعيفة جدا من المواطنين. لا معنى للمشاركة في الانتخابات في ظل دستور يكرس احتكار السلطة من طرف جهة واحدة، فكل السلطات المطلقة وفق الدستور الممنوح مركزة في يد الملك لوحده، بحيث لا يمكن لأي احد محاسبتها أو مراقبتها أو مراجعتها ،وبالتالي فالمشكلة سياسية عميقة تتعلق بطبيعة النظام السياسي الاستبدادي ،فمادام هذا الاستبداد موجود ومستمر فسيكون له تأثير كبير وسلبي جدا على مختلف المجالات الأخرى سواء الاقتصادية منها أوالاجتماعية وكذا الثقافية. إذن في ظل هذا النظام الاستبدادي الذي يحتكر كل شيء في هذا البلد ، نتساءل ما جدوى المؤسسات التي ستفرزها نتائج هذه الانتخابات ؟؟ البرلمان أو الحكومة... لن تكون بيدهم حسب الدستور والقوانين المكتوبة والعرفية التي تحكم حياتنا السياسية، أية سلطات فعلية لتطبيق برامجهم"إن كانت لهم برامج" بل سيكونون في أحسن الأحوال منفذين للسياسات التي تحددها خطابات الملك وتوجيهاته وتعليماته ، وهذا عايناه بقوة في الحكومة الحالية التي يترأسها عباس الفاسي فالملك يصدر تعليماته وتوجيهاته للحكومة وهذه الأخيرة تنفذ فقط ،وبالتالي تنفيذها لبرامج المؤسسة الملكية على حساب برنامجها الانتخابي الذي وعدت به المواطنين يجعلها ضعيفة وبدون فائدة، ويؤكد أن الانتخابات ماهي إلا مهزلة ومسرحية لا تخدم سوى المخزن ومن يجري في فلكه . هذا بالإضافة إلى إن المشاركين في هذه الانتخابات هم الذين قبلوا صراحة أو ضمنيا الدخول في اللعبة وفق الشروط والقواعد التي يمليها النظام من فوق والتي تكرس مبادئ الاستبداد وهي الأمور التي يرفضها الإطراف المقاطعة للانتخابات جملة وتفصيلا لان ذلك ينافي كليا لدولة القانون و المؤسسات في حين يقوي دولة المخزن والتعليمات. إن المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة لا تسهم إلا في إطالة عمر الاستبداد والفساد ،وكذا تعطي الفرصة لإخماد حركة التغيير السياسي والاجتماعي التي تقودها حركة 20 فبراير وكل القوى الوطنية الديمقراطية ، فمشاركتنا في الانتخابات لا يمكن أن نحقق بها مغرب الحريات والحقوق، مغرب المؤسسات، مغرب التوزيع العادل للسلطة والثروة،وإنما يتأتى ذلك بمواصلة النضال الشعبي من أجل إجبار النظام المخزني للاستجابة لمطالب الشعب المغربي.