يبدو إن الحكام العرب لا يتعظون ولا يستفيدون من التجارب السابقة للشعوب الثائرة ، فهم لم يستوعبوا بعد دروس التغيير في تونس ومصر وليبيا ،فبشار الأسد نسي إن القدافي ومبارك وبن علي استعملوا كل الوسائل والأساليب التي يوظفها ألان ضد الشعب ، كاستخدام العنف والبلطجية والاعتقال والتعذيب ، والتقتيل...لكن لم تنجح لهم خططهم لان إرادة الشعب اقوي من كل ذلك ،وبالتالي فمثل هذه الأساليب القديمة والمكشوفة لن تحقق نجاحا في فض المظاهرات ،بقدر ما ستساهم في تعجيل رحيل النظام الغير الشرعي ،ليختار الشعب بعده نظاما ديمقراطيا يحترم كرامتهم وإرادتهم ويضمن لهم الحرية والعدالة الاجتماعية. إن ما يمارسه النظام السوري من جرائم ضد شعبه الأعزل يمكن أن نعتبرها إرهاب دولة بامتياز ،فالشعب يطالب بحقوقه المشروعة بشكل سلمي ،ولم يقم إلى حد الساعة بحمل السلاح ضد النظام ،وأما ما يروجه هذا الأخير بان هناك مليشيات مسلحة مدعمة من الغرب تريد نشر الفتنة في البلاد ما هي إلا أكاذيب ملفقة الغرض منها هو النيل من الأصوات التي تدعو إلى التغيير في سوريا ،ومن اجل تبرير عمليات القتل والاعتقالات التي ينفدها الجيش ضد المواطنين العزل .
إن الشعب السوري التواق للحرية لن يركن بعد نجاح ثورات الربيع العربي للذل والاستبداد ،فمهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر ،الاستبداد والطغيان مهما طالا أمدهما فإنهما سيزولان لا محالة،فمهما استمر بشار الأسد في التقتيل والتعذيب والاعتقال وترويع النساء والأطفال واستباحته للحريات والكرامات فانه راحل .... الشعب السوري نساء ورجالا يضحون بأرواحهم من اجل الرقي ببلدهم ، وإقامة دولة ديمقراطية التي تحفظ للمواطنين حقوقهم وكرامتهم، وتصون أمنهم في ظل نظام يؤسس لحقوق الإنسان في الحرية والحياة الكريمة.وهذا كله لا يمكن أن يتحقق إلا بقيام كل السوريين بتوحيد صفوفهم في هذه المرحلة وترك الخلافات جانبا إلى غاية إسقاط النظام الإرهابي ، وبعدها يتم الاحتكام إلى إرادة الشعب ليختار ما يريد .
يقتضي على الجيش السوري بدوره أن يعود إلى رشده ويتوقف عن عملية الإبادة للشعب ،عليه أن يكون محايدا في هذه المرحلة ويسير على نفس النهج الذي صار عليه الجيش في تونس وفي مصر وليبيا أثناء ثورتهم على حكامهم المستبدين ، يجب على الجيش أن يعلم علم اليقين أن دوره والمسؤولية التي على عاتقه محصورة في حماية المواطنين والدفاع عن حوزة البلاد من المخاطر الخارجية وليس سفك دمائهم ،فمادام الشعب قرر إسقاط هذا النظام الظالم فلا يجب على الجيش أن يضمن له الحماية وإنما يتوجب عليه أن يجبره على التوقف في قمع واستعمال العنف ضد المواطنين وان يعمل على نقل السلطة إلى الشعب بشكل سلمي وسلس ليختاروا بعد ذلك و بشكل ديمقراطي من يحكمهم .
إن القرار الذي اتخذته إيران ولبنان من خلال دعمهم للنظام السوري الذي وصفوه بأنه نظام مقاوم قرار ليس بالحكيم ،فلا يعقل لمن يتصف بصفة المقاوم أن يقوم بتنفيذ سياسة الإبادة ضد شعبه، في حين نجده لم يستطيع الدفاع عن أراضيه المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي ،بل لم يقم يوما بإطلاق ولو رصاصة واحدة ضد هذا العدو المحتل الذي استباح أراضيه في العديد من المناسبات ولم يصدر منه إي رد ، فهل هذا نظام مقاوم ؟ على العكس الذي يقتل شعبه نظام ظالم، وبالتالي على هذه الدول وغيرها من الدول الأخرى التي تساند بشار الأسد أن تستدرك خطأها بالتوقف عن دعمه لأنه فاقد للشرعية كليا ،وإلا فإنهم سيخسرون ود وحب الشعب السوري وكل الشعوب العربية .
يجب علينا نحن كشعوب تجاه الشعب السوري المقهور إن ندعمه وننصره وذلك من خلال النزول إلى الشوارع للتظاهر كوسيلة للضغط على الحكومات العربية والدولية كي تقوم بالضغط على النظام السوري لإجباره على إيقاف الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب المقهور ،ونقل السلطة بشكل سلمي إلى الشعب السوري الأبي .