هي منطقة نعرفها سياسيا لأسباب عدة: استحضار في الجغرافيا وتقدير للتاريخ ولو ارتباك في المناهج التعليمية أو ربما بسبب تلك البرامج والمناهج الدراسية التي لاتعير أي اهتمام للتاريخ الجهوي أو بالأحرى المغربي عوض أن تبدي تاريخ الشرق ، مهرجانات عدة احتفل بها في مناطق مختلفة من المغرب دون أن تكون في مستوى ما خصص لجوهرة الصحراء حتى تظل في الواجهة بعد ما وهبه المخزن للعروبة ، بعد استبدال مستقطبي الكجيجمات وماخلفه ذالك من أساطير سياسية محبكة عجز الإنسان أن يفهم وقائع أحداث في جغرافية امازيغية تحمل اسم اكديم ازيك، هذا الاستبدال تم بتعيين سفير عائد من تندوف لتدبير شؤون مغاربة اسبانيا ، بينما ظل السكان الأصليين لهذه الأرض وما لهم من حسن وبهاء واختلاف في وضع استثنائي.. الداخلة، تبعد ببضعة كيلومترات عن عيون اكديم ازيك ، أم مصائب الصحراء مند وقف إطلاق النار حيث المزج بين التشغيل والسياسية ، جغرافية امازيغية وقفت كجلمود صخر بشموخ ليسبح بحمد من أبدع ذاك التعنت، رغم ما قدم عن المنطقة على أنها فضاء مفتوح يحتفي به كل الفنانين والمبدعين وبشجون الكيفان.. تلك الكيفان الحزينة التي تروي الكثير مما أكلته الصحراء غدرا ينخر جسد الأهالي من آلام وآمال مؤجلة في انتظار أن يأتي يوم ما تنتهي فيه التعاسة ، الداخلة في الأوانة الأخيرة مشهورة في بقاع العالم تستغل فيه المنطقة كواجهة سياحية رائدة تنمي المنطقة ، حيث ملجاء لكبار الفنانين العرب منهم والأجانب ودون الامازيغ الأصليين البداية كانت بأغنية " ونسيت دائي... " والترويج للفن العربي عبر مناطق وظفت قسرا أنها متنازع عليها ، حيث البداية مع الفنان كاظم الساهر إلى إعداد مهرجانات بالملايير ... إلى وضع اكبر علم للمملكة... ، إلى هدايا الأرض بأثمان رمزية...، و رغم كل ذالك المدينة لا تسحب من هموم شبابها الأنا الصحراوي ، رغم وشح الزمن وقسوة من أرادوا أن يبعدوهم عن بلداتهم ليصنعوا لهم مخيما أن يختصر في سور على شاكلة زريبة تنسجها نسوة يحملن ذنب الانتماء إلى منطقة كانت في يوم من الأيام خليج المعتقلين مع المستعمر الاسباني وورثت المعاناة مع الاستقلال. فرق كبير بين أن تعيش في زمن القبيلة بأعرافها الامازيغية وقورا لاهثا في مدينة الداخلة حيث وجود العباد يقاس بما يمنتمون إليه ، وأن تعيش في الداخلة اليوم غير بعيد عن روافد المحيط الأطلنطي، وعن قندهار ، وبيع الممنوع... وحيث قيمة الناس في الداخلة تقاس بما يعطى لهم من العطايا المخزنية إلى تلك المعروفة في التمثيلية الانتخابية خوفا من لعنة اسمها الأممالمتحدة ، لذلك لم أستغرب أن يرتجف قلبي وأنا أشمئز مما يقع لأهالي المنطقة الأصليين، من مسح للعقول ، وتخلي عن المبادئ والأخلاق وأقتسم معهم القليل من الإنسانية مما يملكونه بالتقصير ، رغم كل ما عانوه من تهميش و«حكرة» وتضييق وسلب للهوية ومحو للذاكرة.. جريمة الداخلة لاتبدو سوى صورة عازف يدندن على إيقاع نقر الأعيان على وتر وراقصات يمتهنون فيها هز الأكتاف، وتحريك الشفاه" ايزكي" كالجمل، واستبدال للدراعيات على أشكالها تقع كلما حان وقت الانتخاب ، واللعب على وثر المفاوضات المفبركة فيما هؤلاء لايعيرون أي اهتمام لأولئك الذين سبقوهم من الامازيغ الصحراويين واعتقلتهم اسبانيا في سيدي افني ونفتهم إلى خليج الداخلة في أبراج يعرفونها دون ان ينصفها التاريخ العروبي ، أو أن يعيروا لها أية اهتمام تقديرا لحفدة مقاومين ومقاومات الصحراء وغيرهم الذين منحوا أعمارهم قربانا ليتحرر الوطن بداء من عاصمة الصحراء سيدي افني ، وغنوا وأنشدوا وعزفوا بلغة مازالت لا تعني شيئا لأولئك الدين يتحدثون اليوم عن الداخلة والمغرب بصفة عامة شجنا ترتجف له الأوصال للتغني بأيام مضت وبمنبع الحرية، دشنته أودية الصحراء التي هي رمز الوجود الامازيغي بالصحراء بداء من واد سيدي محمد بن عبلا إلى واد درعة و وادي الساقية الحمراء ووادي الدهاب ، النقي الصافي الذي أراد بعض الانتهازيين أن يلطخ أهاليه بدماء الأبرياء باستغلال تناقضات في العادات بين أهالي الشمال والجنوب رغم أن التعبير بالرقص والجسد يتم بتكدورة وخطوات الجمل . وان نغمات أهالي الصحراء الطوارقية تجيد ذالك كلما وصل موسم مرور سباق الرالي الأوربي سعيا إلى معرفة كل الطرق التي تؤدي إلى تامبكتوا، ورغم رسم صورة تسويقية لعروبة الصحراء التي ظلت لصيقة بأهالي المنطقة في إقصاء تام للهوية الأصلية ، يحس الصحراوي بظلم وجور لا يغفر من خلاله لكل هؤلاء الذين يقتاتون من الم البسطاء ....، وحتى النسوة الرائعات بملاحفهن القديمة الحديثة. وبرموز الالون اللواتي يشبهن ألطوارقيات في خجلهن لم يفلتن من استغلال الانتهازيون باسم الصحراء يصرون على تقديمهن وبجهد مضني في البرامج الغنائية خدمة للعروبة وتسويقا لها. جميل جدا ألا يعيروا أي اهتمام لامازيغية الصحراء، لكنك تحس بأن ما يربطك بهؤلاء الناس هو أرض ومتجر و إنسان ووطن.. وادٍ ما استمر إشراك الملح ولم تلطخه قذارة من تعاقبوا على اغتصاب صحرائنا الجميلة الصامدة التي تتحدى من يخططون تحريف مسارها دون أن يمكثوا فيها يوما، أولئك الذين أرادوا للمغرب أن يكون صغيرا ممزقا، نافعا ومنسيا، لكنه أبى إلا أن يظل واحدا، أوحدا كما رسمه ابن تومرت وتاشفين. أتمعن التفكير واتامل ، بل نتألم جميعا ، لكوارث صنعها الإنسان باسم الصحراء ، أحداث الداخلة اليوم يندر إليها الجبين ، عنصرية مفبركة ، وفي الواجهة المسيحيون يراقبون الوهابيون واندفاعهم...، وبين هذا وذاك أنظر إلى وجوه الناس وابتسامات التجار أصحاب الحوانيت والأفران ، صحراويين بلغة أمازيغية تشير بأن شعوبا وحضارات مرت من الداخلة ، وبأننا رائعون في الاحتفاظ برصيدنا الثقافي وغنانا الحضاري، وتبا لأولئك الدين يرأون ويمنعون... وهم يتحدثون باسم الصحراء والصحراويين.