الوطن الان: مازالت قبائل أيتوسى بإقليم أسا منشغلة بتداعيات الحكم الذي أصدرته محكمة كلميم ضد محمد أكرف، نائب رئيس المجلس الإقليمي لأسا الزاك، والقاضي بحبسه ثلاث سنوات. إذ اهتز الرأي العام المحلي لهذا الحكم القاسي. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة أسا أعدت تقريرا ننشره كاملا «نطقت المحكمة الابتدائية بمدينة كلميم يوم 14 يوليوز 2010 بحكم يقضي بثلاث سنوات سجنا نافدة وغرامة مالية قدرها ثلاثمائة وخمسون ألف درهم، إضافة إلى أداء قيمة الشيك محل النازلة المقدرة بمليون وأربعمائة ألف درهم في حق المتهم الشاب محمد اكرف النائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي لآسا الزاك، في حين تمت تبرئة علي كديوار رئيس المجلس الجماعي لجماعة تويزكي والمتهم باستعمال شهادة مدرسية مزورة، وغيلان محمود عضو المجلس البلدي بآسا الذي كان متابعا من لأجل حيازة شيك على سبيل الضمان وخيانة الأمانة. وقد عرفت المحاكمة إنزالا أمنيا غير مسبوق على اختلاف الألوان والأشكال، كما اكتظت قاعة جلسات المحاكمة وكل الأروقة المؤدية إليها بعشرات المواطنين الذين هتفوا قبل انطلاق الجلسة بشعارات: يحيى العدل... يحيى العدل... يحيى العدل... وهم يوقنون أن العدل لن يتوفر في هذه النازلة التي قد تطيح برؤوس وتسائل أخرى إن توفر العدل والإنصاف، وستخلخل أركان بناء انتخابي عمدت الدولة على تشييده منذ سنة ونيف- على علاته وعيوبه الجلية لضمان استمرارية واستقرار وضع سياسي معين لهذه المناطق. وإذا كانت القاعدة القانونية الشهيرة تقضي بأن القاضي يجب أن لا يحكم بما يعلم، بل بما توفر لديه من حجج وبراهين في الجلسة، فإن هذه القضية أريد لها أن تعالج في إطار: «إنما نحكم بالظواهر...»، وهي في ظاهرها ترتبط بجنحة إصدار شيك بدون مؤونة وفي باطنها مستنقع يعج بالمعاملات والتصرفات المنافية للقيم والقانون. وبالنظر إلى تقييم خطورة الأفعال الناتجة عن هذه القضية فإن المحكمة ارتأت أن تؤسس حكمها على الشكل الظاهري، وهي تعلم علم اليقين بطلان الادعاء، والأسباب، وعدم انسجام مختلف المطالب حتى من الناحية المنطقية. فأسست حكمها على مبدأ هلامي عام مفاده ومقتضاه حماية الشيك كورقة تجارية من التلاعب!! وأغفلت خطورة النازلة وآثارها على مصداقية مؤسسات الدولة برمتها بما في ذلك مؤسسة القضاء. فالرأي العام المحلي، وكل صغير وكبير بالصحراء، يعرف أطوار هذه النازلة ويعلم أن محلها ما يرتبط لا من قريب أو بعيد بأية معاملة تجارية أو اقتصادية أو تداين، بل هي مفرزة تعاقدات ورهانات انتخابية فاسدة وموجبة لبطلان كل المؤسسات الناتجة عنها، لاسيما وأنه قد سبق لنفس المحكمة أن دانت شابا آخر بنفس التهمة والطريقة ومن نفس المدعي ويتعلق الأمر بالشاب بكار الصغير مستشار بنفس الجماعة. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: إذا كانت الدولة المغربية تراهن على انخراط الشباب الصحراوي في الحياة السياسية ومشاركته في كل الاستحقاقات الانتخابية وتدبير الشأن العام، وأن هذه المشاركة تلقى مقاومة شرسة من طرف النخب التقليدية وعصابات الفساد الانتخابي التي لا تتورع في استعمال كل الوسائل المشبوهة لإفساد العملية، وردع الوافدين الجدد، فإن تغاضي أجهزة الدولة وسلطاتها عن متابعة هذه الرؤوس وملاحقتها يضع أكثر من علامة استفهام حول مصداقية هذه المؤسسات وجدوائيتها في نظر شباب تتجاذبه أقطاب وجهات مختلفة. بل هناك من يتساءل على ضوء تفاعل هذه الأحداث بالقول: هل الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات العامة هو تغرير بالشباب الصحراوي أم تحريره لبناء تصور حداثي وديمقراطي كما تدعي الدولة؟!» ابراهيم أبيدار، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة آسا