عرفت مدينة العيون ، جوهرة الصحراء كما يحلو للبعض أن يلقبها تنظيم نشاطين نهاية الأسبوع أيام 28/29 ماي ، إحداهما بقصر المؤتمرات من طرف جمعية جوهرة الصحراء لأوضاع المرأة و الطفل و الآخر بفندق البرادور من طرف الإتحاد الوطني النسائي ، فرع العيون . من الناحية المبدئية و بالتركيز على الجانب الشكلي يمكن إستحسان المبادرة و لا بد أن تستحق منا كل تشجيع و تنويه ، فالمبادرة في كلا النشاطين كانت نسائية محظة و التأطير كان لبعض النساء القادمات من مدن الشمال و دول أوروبية و إفريقية وهي خطوة نستحسنها كذلك مادام الكثير منا يعشق أن يحضر مع الأجانب ولو للالتقاط الصور و تبادل العناوين و أرقام الهواتف ، غير أن الغريب في الأمر والغير مستساغ هو أن يحضر هؤلاء النسوة سواء بفندق البرادور أو بقصر المؤتمرات و هن محملات بأفكار ومواقف أكل عليها الدهر و شرب ، فالذي أثار إستغراب نساء الصحراء باعتبارهن مستفيدات من النشاطين هو مظهر هؤلاء النساء الخارجي فلباسهن لا يوحي بأدنى إشارة للاحترام و التقدير فما بالك بالتأطير، وقد لا تستغرب لذلك ، خاصة إذا علمنا أن أمثال هؤلاء النسوة إنتدبن أنفسهن للنضال و خوض غمار الحياة على شاكلة أولئك المنتسبات للغرب ثقافة وسلوكا ، فياليتهم فهموا معنى التوازن بين العالمي و المحلي. فهؤلاء النسوة و إن كن يملكن قناعات و أفكار ، قد تبدو للبعض أنها تنويرية وحداثية تعتبر الآن محل نقد ومراجعة لمن وضعوها و أسسوا لها ، لم يمنعهن كل هذا من أن يعاودا طرحها بكل جرأة وشجاعة ، بل أن بعضهن ممن أتيحت لها فرصة تأطير ندوة أو ورشة تتحدث بكل طلاقة و إسهاب عن أفكار من قبيل : المثلية ، الحقوق الجنسية ... في ورشة موضوعها و عنوانها الكبير مخصص للمشاركة السياسية للمرأة في ظل الإصلاحات الدستورية ، فأي علاقة يمكن أن تبنى بين ما أرادته الجهة المنظمة للنشاط و طبيعة الأفكار المخزية لمن تدعي أنها على دراية تامة بالمشاركة السياسية للنساء . إن أمثال هؤلاء النسوة لا يستحقون منا أدنى جواب على مكالمة هاتفية و بالأحرى أن نحجز لهن تذاكر الطائرة و غرف بالفنادق و تقدم لهن المبادرة على طبق من ذهب ليدلين بأفكارهن السامة و التي نبشرهن بأنها لن تجد أدنى قبول ، ليطمئن الجميع ، فالمجتمع الصحراوي بطبعه يميل إلى الارتباط بالأصول و لن ينسلخ عن جذوره مهما كانت الإغراءات و مهما حضر من الضيوف ، و إن كانوا هؤلاء قد إستبشروا خيرا بنشر سمومهم بعد جلسات النقاش التي دامت لساعات طوال مع الفاعلات الجمعويات من نساء الصحراء داخل الورشات أو على موائد الطعام ، فإننا نقول لهم أو لهن : إن الطبائع و الخصال الأصيلة لدى أهل الصحراء أنهم لا ينكرون على الضيف شيئا مادام الأمر يتعلق بلحظة عابرة لن تستطيع أن تغير شيئا بالنسبة للذي يجعل شعاره في الحياة قول الله عز وجل : أما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.