تموت الابل شامخة دون أن يمرغ النحر أنفها في التراب ، ومن أنفتها اشتق أهلها معاني التأنف والعزة تحقيقا لقوله عليه السلام : الابل عز لأهلها و في الغنم بركة ! أما من يزاحمون أهلها بمناكب الجاه و المال السياسي ، فقد أوردوها في غير موردها طمعا في معطن موعود وورد غير مورود لمن تحبسهم عنه عزة النفس . ذاك الورد والمعطن الذي حمي لأجله وطيس الطعان باللسان لا بالسنان ، والحمد لله المنان ! ، هو دعم مالي غير مجذوذ ولا معدود لمربي الابل ! ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، و ليتزاحم المتزاحمون عملا بالمثل القائل : زاحم ولو بعود ! لمثل هذا فليعمل العاملون ! حكمة تلقفتها شياطين السياسة من في وزير سوسي متشوف لمغرب أخضر ،وأوحت بها الى بعض أعيان هذا الزمان ، فهبوا عن بكرة أبيهم لشراء القطعان ! ، ليس حبا في سواد عيون الابل التي وجف قلب عنترة اشفاقا لحالها حين رآها ترد موردا غير موردها و تأكل نباتا يضر بها فقال : ما راعني الا حمولة أهلها ***وسط الديار تسف حب الخمخم فيها اثنتان وأربعون حلوبة ***سودا كخافية الغراب الأسحم و انما طمعا في الظفر ببركات الدعم المرصود لتشجيع تربية الابل .... و اذا قيل : انما تقطع رقاب الرجال المطامع ، فان بعض المطامع مصارع للمروءة و مداخل لاذلال نفوس تسنمت ذروة سنام صناديق الاقتراع بمقامع المال السياسي والجاه الانتخابي ...، فهل يقبل أعيان هذا الزمان الذين ساهموا في تكبيل ارادة الشعب بمقامع من ذهب وفضة ( والفقر كافر) ، أن ينعتوا اليوم بالرعاة الجدد لمجرد أنهم اشتروا قطعان الابل كما اشتروا الذمم ! ان كلمة الرعاة ليست سبة ، لأن منطوق الحديث المتقدم يسبغ العزة على أهل الابل ورعاتها ، ولكن السبة أن يمتهن بعض أعيان هذا الزمان رعي الابل مجازا لا حقيقة !، وحق لها آنذاك أن تنتحب أو تنتحر بشموخ وعنفوان ، وتخلي ساح الطعان لرعاع هذا الزمان !