هاهي الذكرى في نسختها الثالثة لاغتيال شهيد الكرامة والعدالة الاجتماعية تحل علينا وهي تلوح بعنوان عريض يحمل من المآسي والأنين المتقاطر بالدمع الشيء الكثير، وكأن ما اقترفته أيديهم من اعتقال همجي، واغتيال سياسي ودفن سري مباح في مواد القانون الجنائي المغربي، بل لم يحركوا ساكنا حتى في أقبية القضاء التابع وغير المستقل ولو على شاكلة المسرحيات الهزلية بدائية الإخراج لنطمئن أنفسنا بنوع من النفاق الذاتي، ونصدق رغم أنفسنا عبارة لطالما صفعتنا بها جدران محاكمكم (العدل اساس الملك). نعم.. 03 سنوات عجاف يا رفيقي، و ملف اغتيالك أردوه في أقبية النسيان و التهميش، أردوه أن يصبح عبرة بل درسا لكل من تمرد أو انتعاش بنوع من الكبرياء على أوامرهم الخسيسة ومخططاتهم القذرة، 03 سنوات يا رفيقي، وقضيتك تتجول في غياهب السحب بحثا عن عدالة غير وضعية عدالة من نوع آخر ولو على شاكلة عدالة الآلهة بمدينة أفلاطون الفاضلة، لأن أبنية عدالتهم ومحاكمهم غزتها شياطين مجلببة بلباس الملائكة. 03 سنوات كانت كافية لكشف عورة من كان يحيط بك يا رفيقي من متآمرين و مأمورين، لفيف يتقن حد الاحتراف ميكانيزمات الخيانة والطعن بخنجر الغدر بل ترتعد جوارحه لتحصيل شيء واحد، مصلحة انتهازية وصولية ولو على حساب رفاتك ومبادئك ووصياك يا شهيد. 03 سنوات مرت ثقيلة كئيبة يا رفيقي، ونبض الشارع الوادنوني الحر الذي ما تخليت عليه يوما أدخلك في حيز التراث وصرت بمخيلتهم شيئا من الماضي والتاريخ. سنوات 03 رفيقي، تعتصر قلوبنا ألما شديد العتمة لمجرد رؤية من استباح دمك يجول و يصول بكل فخر وهو يمارس طغيانه وجبروته الرمزي قبل المادي على جثة المقهورين، بل ارتقى لدرجات متقدمة بسلم الجلاد. سنوات 03 رفيقي، وكل الاعتزاز والفخر الموسوم بتحايا العزة والأنفة تزف لأمك التي أرضعتك من ثدي الكرامة والحرية الحقة، أمك التي صارعت مختلف أجهزة هذا النظام التوتاليتاري بإرادة ثابتة لا مثيل لها. 03 سنوات ورفاقك الذين ما تزحزحوا قط عن عهدك وهم قلة، نالوا شرف الوفاء لوصياك وقضيتك، بل مطلبهم أمام القاصي والداني يلوح "لا محيد عن المتابعة الجنائية الدولية لقتلة الشهيد ابراهيم صيكا". كل هذا وأكثر وأنا بجنب مثواك الأخير أتلو على مسامعك تراتيل حقيقة ذات حر جهنمي، تختلط عبرها قطرات من الدمع مع حبات تربة على عظامك لأفصح لك وأنت بمثوى الشهداء. "نم قرير العين فمحكمة التاريخ كفيلة بالإنصاف".