أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ سياسات اجتماعية منصفة ومستدامة    قضاء الرباط يقرر عدم تسليم الدكتور الإمام لمصر        انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله    صاحب الجلالة يؤكد على ضرورة التوصل إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    استئنافية طنجة توزع 25 سنة سجنا نافذا على قاتلة "أنور" وخالها    كيوسك الأربعاء | إجراءات زجرية ضد مروجي الأخبار الزائفة بمواقع التواصل الاجتماعي    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف    تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية        الرئيس الأسبق للرجاء أوزال بسجن "عكاشة" بسبب شيك بالملايير    نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    المؤبد والسجن النافذ لمرتكبي جريمة قتل شاب في حي المطار بالجديدة    حيازة حيوانات مهددة بالانقراض والاتجار فيها يجر شخصين للاعتقال بالناظور    وفد عسكري مغربي يزور حاملة الطائرات الأمريكية 'هاري ترومان' في عرض ساحل الحسيمة    الملك محمد السادس يدعو إلى حلول عملية لوقف النار ودعم الفلسطينيين إنسانياً وسياسياً    الرئيس الأمريكي يعلن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    فتح تحقيق في محاولة تصفية مدير مستشفى سانية الرمل تطوان    سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يهزم الرجاء بعقر داره في افتتاح مباريات دور المجموعات    لجنة الحماية الاجتماعية تجتمع بالرباط    المغرب يستعد لإطلاق عملة رقمية وطنية لتعزيز الابتكار المالي وضمان الاستقرار الاقتصادي            "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»        معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط        برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون العرائض والشروط التعجيزية !
نشر في صحراء بريس يوم 27 - 07 - 2017

يتضح من خلال بعض المؤشرات الأولى، أن حكومة سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية" لن تكون أحسن حالا من سابقتها، التي تركت لها إرثا اجتماعيا واقتصاديا ثقيلا، تأتي في مقدمته أزمة منطقة الريف المتواصلة لأزيد من ثمانية شهور، دون أن تظهر أدنى بوادر للحلحلة قريبا، مما جعل رقعة الانتقادات اللاذعة تزداد اتساعا، إذ بلغت حد المطالبة برحيل رئيسها...
وحتى لا تنصرم المائة يوم الأولى من عمرها خالية من أي إنجاز، أرتأت الحكومة لفت الأنظار بزف "بشرى" الإفراج عن "لجنة العرائض"، المندرجة في إطار تفعيل القوانين التنظيمية. عبر الناطق الرسمي باسمها، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مصطفى الخلفي، وهو ما اعتبره الكثيرون مجرد "لوحة" أخرى لتزيين ديمقراطية الواجهة والتسويق الخارجي.
فبشهادة الباحثين يعد دستور 2011 من أفضل الدساتير المتقدمة، وأتى بعدة مقتضيات هامة، تقتضي السهر على حسن تنزيلها وأجرأتها، حيث نجد من بينها إعطاء المواطنات والمواطنين داخل البلاد وخارجها الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية. وتطبيقا للمادة 15 منه صدر بتاريخ: 28 يوليوز 2016، أمر بتنفيذ ونشر القانون التنظيمي رقم: 14-44، المصادق عليه في المجلس الحكومي المنعقد في 23 أبريل 2015، والمتعلق بتحديد شروط وكيفية تقديم العرائض، في انتظار صدور نص تنظيمي يحدد تشكيلة واختصاصات وسير عمل "لجنة العرائض".
وبالفعل أنه استنادا على المادة التاسعة من القانون التنظيمي السالف الذكر، عقدت لجنة العرائض المحدثة أول اجتماع يوم الإثنين 17 يوليوز 2017 تحت رئاسة العثماني، الذي بدا فرحا بتحقيق هذا "الفتح المبين"، داعيا المجتمع المدني والمواطنين إلى الاستثمار الجيد لهذا المكسب الدستوري وفق مقتضيات القوانين التنظيمية. معتبرا أنه خطوة جديدة نحو الديمقراطية التشاركية، مجددا استعداد حكومته لتذليل الصعاب وإيلاء مضامين العرائض العناية اللازمة. وقد حضرت إلى جانبه القطاعات الحكومية السبعة المكونة للجنة: وزارة الداخلية، وزارة العدل والحريات، وزارة المالية، الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والأمانة العامة للحكومة.
ومما لا جدال فيه أن القانون 14-44 ربح دستوري هام، وأن لجنة العرائض تشكل لبنة أساسية في توطيد أسس الديمقراطية التشاركية، من حيث منح المواطنات والمواطنين فرصة المشاركة في تدبير الشأن العام، ودعم الدور الرقابي للمجتمع المدني والمساهمة في تتبع وتنفيذ وتقييم السياسات العامة، على أن تلتزم السلطات العمومية بالتجاوب مع العرائض المقدمة لها في الآجال المحددة. كما يجدر التنويه إلى أنه فضلا عن الحق في تقديم العرائض والملتمسات، هناك كذلك آلية أخرى للتشاور العمومي، عبر التواصل المباشر والحوار المؤسساتي بين السلطات العمومية والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني، للإسهام في صناعة السياسات والبرامج والمشاريع والمخططات ذات الارتباط الوثيق بالحياة العامة وحقوق المواطنين وأهداف التنمية البشرية المستدامة وسائر الخدمات الاجتماعية.
فالديمقراطية التشاركية من أبرز المصطلحات السائدة اليوم، أدخلها المشرع الدستوري إلى حقل تدبير الفضاء العام، للتكامل مع الديمقراطية التمثيلية التي تعتورها عيوب كثيرة من قبيل بطء أداء المنتخبين أو تعطيل مسار التنمية والإصلاحات الضرورية، وعدم قدرتها على التفاعل والتجاوب مع المعطيات الاجتماعية الحديثة، المتمثلة في ظهور تكتلات وحركات وتنسيقيات... حيث جاء في تصدير الدستور: "إن المملكة المغربية وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة..." وورد أيضا في الفقرة الثالثة من الفصل 12: "تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها وتقييمها..."
وكما أن قانون تقديم العرائض وضع بعض الشروط المقبولة، كأن يكون الغرض من العريضة تحقيق مصلحة عامة، وأن تتضمن مطالب أو اقتراحات أو توصيات مشروعة، لا تمس بثوابت الأمة ولا علاقة لها بالدفاع الوطني أو قضايا معروضة أمام القضاء أو صدرت أحكام بشأنها أو أحداث محط أبحاث من قبل لجن نيابية لتقصي الحقائق... فهناك كذلك بعض الاشتراطات المزعجة والمتداخلة، أجمع مهتمون وباحثون على أن منها المتسرع ومنها التعجيزي، مما يستلزم المراجعة والتجويد للتحفيز. منها مثلا انطباق القانون فقط على الأشخاص الذاتيين دون الجمعيات، وتكبيل حق تقديم العريضة بتوقيعها من طرف 5000 مواطنة ومواطن مع تعيين وكيل لجنة تقديمها، إرفاقها بنسخ من بطاقات التعريف الوطنية لكافة الموقعين والمصادقة على توقيعاتهم لدى السلطات المحلية، وأن يكونوا متمتعين بكافة الحقوق المدنية والسياسية ومسجلين باللوائح الانتخابية العامة، وفي وضعية جبائية سليمة من حيث تسديد كافة الواجبات الضريبية والرسوم بما فيها فواتير الماء والكرباء والهاتف والأنترنت، وهو ما لا يراعي الفوارق المجالية ويتنافى مع روح الوثيقة الدستورية. علاوة على حصر عبارة "السلطات العمومية" في رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان، بينما كان يفترض أن تشمل كل شخصية معنوية عامة، لها صفة هيأة عمومية مركزية أو محلية إدارية أو منتخبة...
أفلا تعتبر مثل هذه الشروط إفراغا مقصودا لمضامين بعض القوانين وتضييقا ممنهجا على المجتمع المدني والمواطنين، وتنفيرهم من ممارسة دورهم الرقابي إزاء السياسات العامة وقرارات السلطات العمومية، في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون إلى تدابير حقيقية، تعيد الثقة للمواطنين في الإدارة والأحزاب والنقابات والجمعيات...؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.