تصاعد التوتّر مجدّداً بين الدولة المغربية و نظيرتها الاسبانية خلال هذه الايام ،وقد أفضح مسؤول مغربي عن أن أسباب هذا التوتر راجع بالاساس الى التحليق المتكرر لمروحيات عسكرية اسبانية فوق الأجواء المغربية خاصة فوق مدينة الحسيمة أثناء وجود الملك محمد السادس بالمدينة، وأضاف أن الاحتقان، الذي يطفو على السطح بين الفينة والأخرى في العلاقة بين البلدين، يعود إلى خلاف جوهري عميق بين البلدين حول السيادة على مدينتي سبتة ومليلية. كما أن تصاعد الممارسات العنصرية بحق عمال مغاربة مهاجرين إلى اسبانيا، وتواتر المضايقات لهم لدفعهم إلى المغادرة، بالاضافة لاعتداءات الحرس المدني الإسباني على خمسة شبّان مغاربة كانوا يرفعون عَلم المغرب على متْن سيارتهم ،كان عاملا في تجدد توتر العلاقات المغربية الإسبانية والتي اجتازت الكثير من المراحل الصعبة منذ أن تم الإعلان عن استقلال المغرب سنة 1956 وكانت أكبرها قضية الصحراء في منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي، وأخطرها المواجهة الدبلوماسية الحادة بين البلدين، صيف 2002 ، التي وصلت حد المواجهة المسلحة المباشرة بعد قيام اسبانيا بإخراج الجنود المغاربة من جزيرة ليلى الواقعة داخل المياه المغربية،و انتشار القوات البحرية الاسبانية على مسافة طويلة بالقرب من السواحل الشمالية المغربية، واختراق الطائرات العسكرية الاسبانية للاجواء المغربية.وكذا الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها للمدينتين المحتلتين العاهل الإسباني خوان كارلوس يومي 5 و6 نوفمبر2007 ، وقبله كانت الزيارة الاستفزازية لرئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباتير2006 والتي خلفت استياءا و غضبا على الشارع السياسي والمدني المغربي. إن السبب الحقيقي في تجدد التوتر بين البلدين في جميع الأحوال يتعلق بمطالبة المغرب من اسبانيا بضرورة فتح حوار بينها حول التغرين المحتلين وهوالأمر الذي يثير حفيظة الدولة الإسبانية التي تعتبرأن"السيادة" على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين في شمال المغرب ،ليس مطروحا لنقاش في أي حال من الأحوال ،وقد أكدت ذلك ماريا تيريزا فرنانديز دولا فيغا نائبة رئيس الحكومة الإسبانية للإذاعة الوطنية الإسبانية في مايو الماضي تقول أن "السيادة والطابع الإسباني لسبتة ومليلية ليسا مطروحين للنقاش في أي شكل من الأشكال وأن المغرب الذي نقيم معه علاقة جيدة، يعرف هذا الموقف”. وفي نفس السياق أكد الدبلوماسي الإسباني خابيير خيمنيس أوغارتي أن الرباطومدريد مقبلتان على أزمة سياسة شائكة بسبب ملف سبتة ومليلية المحتلتين، وهو تصريح يعكس التطورات التي بدأت تسجلها مؤخرا العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تنفلت من السيطرة السياسية نحو مواجهة دبلوماسية مفتوحة ،إذن ما دام الإحتلال الإسباني مستمرفي إحتلال المدينتين سبتة ومليلية إلا التوتر ويستمر معه التوتر في العلاقات،قد يصل في المستقبل إلى قطع العلاقات ،وهو ما يعمل الطرفان بتجنبه في الوقت الراهن بسبب ما سيترتب عن ذلك من انعكاسات وخيمة على إقتصاد البلدين 0 ومن جهة أخرى يحرص المغرب على تلطيف الأجواء مع إسبانيا بما يخدم مصالحه في قضية الصحراء المتنازع عليها ،والتي تعتبر مدنها يعني اسبانيا ساحة لنشاط المنظمات المناهضة لمغربية الصحراء ودعم جبهة البوليساريو لإقامة دولة مستقلة عليها. وإذا كانت الحكومة الإشتراكية الإسبانية بقيادة ثباتيرو (وفي ظل وجود ميغيل مارتينوس، وهو صديق حميم للمغرب، على رأس دبلوماسيتها)، أعطت إشارات إيجابية لدعم المبادرة المغربية بمنح الصحراويين حُكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، فإن مدريد بقيت متمسِّكة بإجراء استفتاء للصحراويين للقبول بذلك وتقريره، كما انها سجّلت انزعاجا «لتوريطات» مغربية لها، كان يمكن أن لا تقع، مثل إبعاد أمينتو حيدر، الناشطة الصحراوية في شهر نوفمبر 2009 من مطار العيون إلى مطار لانثروتي في لاس بالماس الإسبانية.
ان التوتر صار تقليداً في تاريخ التوتر في العلاقة بين المغرب وإسبانيا وسيتواصل ذلك من حين لاخر لكون التقارب الجغرافي بين البلدين يفرض عليهما التعاون كما أن هناك مجموعة مصالح مشتركة بين العاصمتين تستوجب على الطرفين في الاخير العودة الى طاولة المفاوضات وتغليب لغة الحوار على لغة التوتر والانفعال ،ان الصراع الدائر بين اللبلدين المغربي والاسباني شيسه بالصراع الفلسطسني الاسرائيلي بحيث صعب في الوقت الراهن التوصل الى حل نهائي لمعضلة الاحتلال التي استمرت لما يزيد عن خمسة قرون مضت. البشير حزام