لقد كرسنا حياتنا للبحث والعلم والمعرفة، متغربين عن الاهل والأحباب وعن المجتمع نقطع الكلمترات من أجل اتمام الدراسة والحصول على الشواهد العلمية لدخول إلى سوق الشغل والظفر بعمل قار يضمن لنا ولعائلتنا العيش الكريم وسبل الحياة، ومستقبل أفضل بعد سنوات عجاف بسبب الدراسة، التي أخذت الكثير من حياتنا. انتهت الدراسة وبدأت المعانات، من الابتدائي إلى الاعدادي إلى الثانوي إلى الجامعي، من السلك الأول إلى السلك الثاني، إلى السلك الثالث، إلى السلك الرابع، حتى انتهت كل الأسلاك وسقطنا في فخ البطالة التي احتضنتنا بين ذراعيها. لماذا درسنا ولماذا ندرس سؤال يدور في دهن كل شاب وشابة بعدما ضاع نصف عمرنا بين الكتب التي لا منفعة لها في دولة تحتقر أصحاب العلم وأصحاب الشواهد العلمية بشتى أنواعها أدبية وعلمية، وقانونية، وقتصادية، وطبية، وتقنية، وتنهال عليهم في الشوارع كل يوم ذنبهم الوحيد أنهم تابعوا الدراسة حتى حصلوا على شواهد علمية لا منفعة لها إلا القمع والاحتقار والمذلة والمهانة. فمن حقك أنت تضرب معطل، ومن حقك أنت أن تضرب معطل لأنك وفرت على نفسك مسار الدراسة واختصرت الطريق الشاق للبحث عن العلم فأنت الذي فهمت الرسالة من الذي لايتوفر على شواهد علمية، فأحسنت يا راعي الغنم لأنك لم تدرس، فأحسنت يا تاجر لأنك لم تدرس، فأحسنت يا حلاق لأنك لم تدرس، فأحسنت يا جزار لأنك لم تدرس، فأحسنت يا من تشتغل أحقر المهن لأنك لم تدرس. فمهما درست وبحثت وتعلمت فأنت لا تساوي شيئا، في مجتمع يسيره الجاهل والأمي والمفسد وصاحب سوابق وتاجر مخذرات، فلنغادر المدارس والجامعات والمعاهد ولنحارب التعليم بدل الامية ولنهاجر إلى البادية بدل المدينة، فليس لنا مكاننا فيها ونرجع إلى حرفت الأجداد. يقول المثل الحساني (حرفت بوك لا يغلبوك).