بعيدا عن مجاملات التصريحات البروتوكولية، جاء تقرير الخارجية الأمريكية الأخير عن حقوق الإنسان في المغرب قاتما بعدما اعتبرت الإصلاحات مجرد حبر على ورق دون تنفيذ وخاصة في حق الصحفيين. وعادة ما تتحكم التقارير الحقوقية في سياسة واشنطن تجاه بلد معين، والتساؤل، هل سيتأثر موقف واشنطن في مجلس الأمن حول الصحراء بالتقرير. وتناول التقرير قطاعات متعددة وأبرزها قطاع الأمن والقضاء وقطاع حرية الاعلام. وفي الحالة الأولى، شدد التقرير على استمرار التعذيب في المغرب سواء في القضايا العادية أو ذات الطابع السياسي وكذلك الجنحي مثل الإرهاب بل وحتى القضايا التي تنتفي فيها الصفة السياسية. ومن جهة أخرى، خصص التقرير حيزا هاما للحريات مثل التضييق على الصحفيين ومحاكمتهم بشكل لم تشهده البلاد خلال السنوات الأخيرة مما دفع البعض منهم الى اللجوء الى الخارج، ثم التضييق على الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية. في الوقت ذاته، ألقى التقرير الضوء على غياب سياسة تجاه الحركة الأمازيغية سياسيا وثقافيا، وهذه أول مرة تلقي الخارجية الأمريكية الضوء بشكل بارز على القضية الأمازيغية التي تصنفها بحقوق الإثنيات. ولا يعتبر مضمون التقرير مفاجئا للمهتمين بحكم أن ما ورد فيه سبق وأن ألقت الضوء عليه الجمعيات الحقوقية الوطنية مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وتقارير دولية سابقة مثل هيومن رايتس ووتش. لكن التقرير الأمريكي يكشف شيئين مهمين، الأول وهو أن تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين حول التقدم الحقوقي تعتبر مجاملات بروتوكولية فقط، بينما التقارير التقييمية الحقيقية تقدم الواقع دون مجاملات. وبينما تبرز السلطات المغربية وإعلامها التصريحات البروتوكولية تلتزم الصمت حول التقارير. والشيء الثاني يتجلى في اعتماد الولاياتالمتحدة على مضمون هذه التقارير لصياغة موقفها الدبلوماسي من القضايا التي تشارك في البث فيها في مجلس الأمن مثل نزاع الصحراء في حالة المغرب. وارتباطا بتقارير أمريكية سابقة، كانت واشنطن قد طالبت سنة 2013 بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، ولا يعرف موقف واشنطن من تطورات الصحراء، علما أن المغرب اتهمها ضمنيا بمحاولة نزع الصحراء عنه.