المفاوضات المكثفة التي قادها المغرب حول تمديد مهمة بعثة (المينورسو) بالصحراء، سواء على مستوى الأممالمتحدة أو على صعيد كبريات العواصم العالمية، عن طريق مبعوثي جلالة الملك محمد السادس، مكنت من ترجيح كفة الموقف المغربي، الذي حظي بتجاوب على أعلى مستوى بواشنطنوالأممالمتحدة. يعقد مجلس الامن يومه الخميس جلسة لمناقشة والتصويت على قرار يتعلق بملف الصحراء بعد اطلاعه على تقرير الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون المتعلق بهذا الملف قبل أسبوعين . وتتوج جلسة اليوم تحركات دبلوماسية مكثفة عرفتها أروقة الاممالمتحدة بعد أن قدمت الولاياتالمتحدةالامريكية عن طريق ممثلها الدائم بهذه المنظمة الدولية، سوزان رايس، يوم 9 ابريل الجاري مسودة قرار ضمنتها نقطة تتعلق بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان بالأقاليم الصحراوية . وقد أثمرت التحركات الدبلوماسية المغربية منذ الاسبوع الماضي، وتراجعت واشنطن أول أمس عن خطوتها التي رفضتها الرباط بشكل قاطع واعتبرتها انحيازا ومبادرة أحادية اتخذت دون تشاور مسبق سواء في ما يخص المضمون أو السياق أو الطريقة «وهو أمر غير مفهوم ولا يمكن إلا رفضه». وأفاد مصدر على اطلاع بملف الصحراء بأن المفاوضات المكثفة التي قادها المغرب حول تمديد مهمة بعثة (المينورسو) بالصحراء، سواء على مستوى الأممالمتحدة أو على صعيد كبريات العواصم العالمية، عن طريق مبعوثي جلالة الملك محمد السادس، مكنت من ترجيح كفة الموقف المغربي، الذي حظي بتجاوب على أعلى مستوى بواشنطنوالأممالمتحدة. وأكد بيتر فام، مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا، التابع لمجموعة التفكير الأمريكية (أطلانتيك كاونسيل)، أن «الأمر يتعلق بنتيجة إيجابية ومنطقية تماما بالنظر إلى الشراكة الاستثنائية القائمة بين المغرب والولاياتالمتحدة منذ أزيد من 225 سنة، والعلاقات الفريدة التي ظلت جيدة منذ ذلك الحين». وبعد أن أعرب عن «ارتياحه» لهذا القرار، أشاد هذا الخبير الأمريكي في الشؤون الإفريقية ب»الإدارة الأمريكية لحرصها على مصالح وانشغالات المغرب»، مشيرا إلى أن «هذه الحلقة الحزينة في تاريخ العلاقات العريقة بين البلدين أصبحت الآن وراء ظهورنا»، معربا عن الأمل في أن يتم التوصل إلى حل قضية الصحراء في إطار الشراكة المغربية الأمريكية، ومجموعة أصدقاء الصحراء. وقال إن الشراكة الاستثنائية القائمة بين المملكة والولاياتالمتحدة «تمثل عاملا للاستقرار بمنطقة المغرب العربي والساحل»، مذكرا بأن «البلدين يتقاسمان العديد من القيم والمصالح المشتركة التي تنطلق من الأمن الإقليمي إلى دعم التنمية الاقتصادية والإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تأتي في مقدمة أولويات المملكة، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، وكذا والده جلالة الملك الراحل الحسن الثاني». واعتبر أن التعبئة «الاستثنائية»، التي أبان عنها المغرب «غير غريبة على أولئك الذين يعرفون المملكة»، مبرزا أن القضية الوطنية «ساكنة في أعماق كافة المغاربة، تماشيا مع الحقيقية التاريخية والهوياتية التي تمس جوهر الأمة المغربية». من جهته، أكد عضو الكونغرس الأمريكي ماريو دياز بلارت أن «العلاقات المغربية الأمريكية ستظل قوية ومتينة»، وأن البلدين «تجمعهما علاقة صداقة عريقة تقوم على الاحترام المتبادل والحرص على الانشغالات والمصالح المشتركة». وبالنسبة لدياز بلارت، فإنه ينبغي «تعزيز هذه الشراكة الاستثنائية أكثر فأكثر بالنظر إلى المكانة التي يوليها البلدان للعلاقات الثنائية». ويبدو أن مبادرة واشنطن جاءت في سياق العلاقات التي تربط وزير الخارجية الامريكي جون كيري مع مركز كينيدي الذي هو عضو فيه . وكانت رئيسة هذا المركز قد قامت بزبارة للمغرب وتنقلت إلى أقاليمه الصحراوية وأبدت تعاطفا مع أطروحة الانفصاليين ، ونشرت قبل اسبوع تقريرا أورد معطيات غير مدققة تم تجميعها من تقارير ومؤلفات وتصريحات لجهات تكن العداء للمغرب ولوحدته الترابية . وقد عاكس الموقف الامريكي التطورات الايجابية التي يعرفها المغرب وأقرتها تقارير الاممالمتحدة، بل والتقارير الثلاثة الاخيرة التي أصدرتها وزارة الخارجية الامريكية، وتم فيها تسجيل إيجابية عمل المجلس الوطني لحقوق الانسان ومصداقيته وأهمية الآليات التي أنشأها في الاقاليم الصحراوية وكذا تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي . ويبدو أن المبادرة الامريكية التي أدرجتها في مسودة القرار بتوسيع صلاحيات المينورسو على عكس ما حدده لها مجلس الامن من اختصاصات في بداية تسعينيات القرن الماضي، لم تلق ترحيبا لدى أبرز عواصم العالم مثل باريس ومدريد وموسكو وبيكين . وكان المغرب قد أوفد مبعوثين له لأكثر من عاصمة لشرح موقفه وتوضيح الملابسات المحيطة بالموضوع. وبموازاة هذا التحرك الدبلوماسي أكدت الاحزاب والهيئات الحقوقية المغربية إجماعها حول القضية الوطنية قضية الصحراء المغربية . وأصدرت بيانات تستنكر فيها الموقف الامريكي . وفي تعليق لها على التطورات التي عرفتها صياغة قرار مجلس الامن ، قالت وكالة المغرب العربي للأنباء أنه « تم في نهاية المطاف ترجيح كفة المقاربة التوافقية التي ظلت على الدوام محط رهان للجهود الرامية إلى إيجاد حل متفاوض بشأنه ومقبول من قبل الأطراف لقضية الصحراء، وذلك في إطار المشاورات التي تمت على مستوى الأممالمتحدة، وبشكل خاص على مستوى مجموعة أصدقاء الصحراء، التي تضم كلا من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وروسيا والولاياتالمتحدةالأمريكية . فبانخراطها في منطق ينحو إلى تعزيز الجهود المبذولة حتى الآن لإيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه للنزاع حول الصحراء، مع الإبقاء على مهمة بعثة (المينورسو) كما تم الاتفاق عليها منذ البداية، تكون المشاورات التي تسبق تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على التوصية المتعلقة بقضية الصحراء، قد أخذت بالاعتبار الاعتراضات التي أثارتها المملكة بخصوص المساعي الرامية إلى تغيير طبيعة مهمة بعثة (المينورسو).