من المنتظر أن يتم اليوم بنيويورك التصويت بإجماع أعضاء مجلس الأمن على قرار تمديد مهمة البعثة الأممية في الصحراء المغربية. قبل ذلك تواصل التمثيلية الدبلوماسية المغربية، حسب مصدر رفيع المستوى، تكثيف اتصالاتها لتبني توصية لصالح المقترح المغربي وإنهاء الجدل الذي رافق محاولات الولاياتالمتحدة توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان وبالتالي الإبقاء على مهمتها الحالية وهي حفظ السلام ومراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار. من نيويورك تتواصل اتصالات في الكواليس في انتظار جلسة التصويت على مشروع التوصية الأممية لتمديد مهمة البعثة الأممية. كافة التقارير الإخبارية تؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية سحبت اقتراحها بتوسيع مهمتها بعد نجاعة التحركات الدبلوماسية ونجاحها في اقتناع عواصم عالمية مؤثرة بسحبه، خاصة مجموعة أصدقاء الصحراء المغربية التي تضم فرنسا واسبانيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة وروسيا. المصدر ذاته أكد أن «الفقرة الخاصة بحقوق الإنسان ستختفي من القرار الذي سيصوت عليه مجلس الأمن يومه الخميس»، وسيتم تعويضها «مراقبة المينورسو لحقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف» بجملة تطلب من الطرفين تشجيع احترام حقوق الإنسان. وبالمقابل فإن المغرب سيتعهد بتفعيل مهام آليته الوطنية لمراقبة حقوق الإنسان بالمنطقة عن طريق المجالس الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان مع السماح لمقررين أمميين بالقيام بزيارات ميداينة للمنطقة، وهو ما كشف عنه سعد الدين العثماني أمام مجلس النواب بتأكيده أن المغرب طلب زيارة مقررين أمميين آخرين لتفقد أوضاع حقوق الإنسان للاستفادة من تقاريرهم وملاحظاتهم. دبلوماسيون بنيويورك صرحوا لوكالة الأنباء الفرنسية أول أمس الثلاثاء، أن «الولاياتالمتحدة سحبت طلبا بتبني قرار يتعلق ببعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقدمت به ويتعلق بإضافة التحقيق في الصحراء إلى مهام المنظمة الدولية بعد حملة قام بها المغرب»، وأضافت أن «القرار سينص على التشجيع على بذل الجهود في مجال حقوق الإنسان بدون إدراجه بين مهمات البعثة». ورغم فشل البوليساريو ومعها حليفتها الجزائر في فرض الاقتراح الأمريكي، فقد قالت على لسان أحمد بوخاري ممثلها بالأممالمتحدة إن ذلك «انتصارا معنويا لها». بالمقابل فإن التراجع الأمريكي هو نصر دبلوماسي للمغرب في الفترة الحرجة الحالية وتثمين لمجهوداتها في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان بعد إحداث آلية وطنية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلسها الجهوي بالعيون والداخلة والتي وصفها تقرير الأمين العام الأممي «بان كيمون» بداية الشهر بأنها «خطوة إيجابية». مصادر إعلامية أكدت أن دولا عديدة خارج مجلس الأمن دخلت على الخط لدعم الموقف المغربي ومنها السعودية والإمارات العربية المتحدة. وذكرت أن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ناقش الموضوع خلال لقائه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وطلب منه ضرورة تراجع أمريكا عن قرارها، وأشارت أيضا إلى أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي استقبله هو الآخر باراك أوباما دفع بدوره لتغيير الموقف الأمريكي. كل ذلك ينضاف إلى الجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية بعد تسليم وفد مغربي رفيع المستوى لرسائل من جلالة الملك محمد السادس إلى مسؤولين بالعاصمة البريطانية لندن وموسكو والصين واتصالات أخرى بمسؤولين فرنسيين واسبانيين وأيضا مجهود البعثة المغربية بالمنتظم الأممي. وكالة المغرب العربي للأنباء نقلت عن مصدر على اطلاع بملف الصحراء بأن «المفاوضات المكثفة التي قادها المغرب حول تمديد مهمة بعثة (المينورسو) بالصحراء، سواء على مستوى الأممالمتحدة أو على صعيد كبريات العواصم العالمية، عن طريق مبعوثي جلالة الملك محمد السادس، مكنت من ترجيح كفة الموقف المغربي، الذي حظي بتجاوب على أعلى مستوى بواشنطن والأممالمتحدة. وفي تعليق على التطورات الجديدة، نقلت الوكالة ذاتها عن بيتر فام مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا التابع لمجموعة التفكير الأمريكية (أطلانتيك كاونسيل) أن «الأمر يتعلق بنتيجة إيجابية ومنطقية تماما بالنظر إلى الشراكة الاستثنائية القائمة بين المغرب والولاياتالمتحدة منذ أزيد من 225 سنة والعلاقات الفريدة التي ظلت جيدة منذ ذلك الحين». من جهته، أكد عضو الكونغرس الأمريكي ماريو دياز بلارت أن «العلاقات المغربية الأمريكية ستظل قوية ومتينة»، وأن البلدين «تجمعهما علاقة صداقة عريقة تقوم على الاحترام المتبادل والحرص على الانشغالات والمصالح المشتركة». وبالنسبة إلى دياز بلارت، فإنه ينبغي «تعزيز هذه الشراكة الاستثنائية أكثر فأكثر بالنظر إلى المكانة التي يوليها البلدان للعلاقات الثنائية». إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه ومقبول من قبل الأطراف لقضية الصحراء هو رهان الجولة الجديدة للمبعوث الأممي التي سيقوم بها إلى المنطقة. كل ذلك لدفع الأطراف إلى مفاوضات حقيقية في إطار منطق لا غالب ولا مغلوب، كما أكد عليه الأمين العام الأممي في تقريره الأخير، لكن مع احترام طلب المغرب بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف ووضع حد لمعاناة الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف والأسر المبعدة عن بعضها مع إيجاد تسوية تجعل المنطقة في منأى عن كافة التقلبات ومخاطر عدم الاستقرار التي تحدق بها. إعداد: أوسي موح لحسن