يرتقب أن يناقش مجلس الأمن الدولي في الأيام القليلة المقبلة تقرير المبعوث الأممي روس حول مستجدات النزاع حول الصحراء ، كما يروج عزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون زيارة المنطقة لإقناع الطرفين للمضي قدما في إطار مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة لإنهاء النزاع . فأي تطورات قد يعرفها النزاع على ضوء الأحداث الأخيرة ؟ قام العاهل المغربي بزيارة إلى العيون بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء و وجه خطابا حمل تصعيدا خطيرا وهجوما غير مسبوق على الجزائر. الخطاب الذي أعلن انطلاق ورش التنمية الفعلي بالصحراء . إذ يحاول المغرب جاهدا إفراغ قضية الصحراء من محتواها السياسي و تحويلها إلى قضية تنمية و أوضاع اقتصادية واجتماعية و ثقافية لا غير و هو ما دفع السلطات إلى السماح بتنظيم العشرات من الوقفات قبل و إبان زيارة الملك و أمام إقامته ، كلها تحمل شعارات لمطالب اقتصادية واجتماعية و محاربة الفساد والقطع مع سياسة الريع ،إن لم تكن وراء تنظيميها كلها أو بعضها ؟ باستثناء مظاهرات المعطلين الذين تعرضوا للقمع المعتاد . إلا أن المتتبعين للنزاع يرون أن جبهة البوليساريو كانت سباقة للعب ورقة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و تنمية الأقاليم الصحراوية و استفادة الساكنة من خيرات المنطقة منذ تنظيم مخيم اكديم ازيك لتشكل مصدر إحراج للمغرب إذ عرضته للمساءلة من طرف المنتظم الدولي و جعلته يرضخ للاتفاقيات المشروطة في الصيد البحري ، الخطاب كذلك كان صريحا في هذه المسألة بغية تهيىء الرأي العام لقرارات مرتقبة حيث أشار الملك إلى أن هناك دول تحضر لمقاطعة منتجات الصحراء . وفي إطار سعي المغرب إلى تقديمهم للمجتمع الدولي باعتبارهم ممثلين انتخبوا ديمقراطيا ، أكد الخطاب على أن المنتخبين هم الممثل الشرعي للساكنة . غير أن الكثيرين اعتبروا ذلك إقصاء لمن قاطعوا المشاركة في الانتخابات و غير المسجلين أصلا في اللوائح الانتخابية بسبب مواقفهم السياسية والذين يفوق عددهم المشاركين حسب العديد من المصادر وكذا نسب المشاركة المصرح بها ، ناهيك عن الأجواء التي مرت فيها الانتخابات و التي افتقدت لأبسط شروط النزاهة و الاستعمال الواسع للمال لشراء ذمم الناخبين وسط حياد سلبي واضح للسلطات هؤلاء هم من خصهم الخطاب بعبارة * ليس لهم مكانا بيننا * مما يعد تصعيدا خطيرا تجاه الرأي الأخر ، يؤكد أن المغرب غايته الأرض ومن يساير خطابه ، وزكته المسيرات التي جابت المنطقة الخضراء / شارع مكة – ساحة دشيرة – ساحة المشور / تحت حماية السلطات و التي رددت خلالها شعارات عنصرية ضد الصحراويين . الجزائر لم تسلم من هجوم لاذع و عتاب لعدم توفيرها ابسط الشروط للاجئين الصحراويين والذي غفل الخطاب التضامن معهم جراء الفيضانات الأخيرة ، فربما يسعى المغرب إلى توطين اللاجئين كحل للنزاع ، غير أن مسألة التوطين قد تنعكس سلبا على المغرب إن قررت جبهة البوليساريو وبدعم من حلفائها و في مقدمتهم الجزائر طبعا اعمار المناطق الخاضعة لسيطرتها من الصحراء والتي تطلق عليها المناطق المحررة و وطنت اللاجئين بها . الأممالمتحدة أيضا كان نصيبها مضاعفا ، فقد حذرها خطاب الملك من أي مغامرة غير محسوبة العواقب في إطار سعيها لتسوية الملف ، و تظاهر المئات أمام مقرها بكل من العيون والسمارة مطالبين إياها بالرحيل . فهل يقدم المغرب على مغامرة غير محسوبة العواقب ؟ كالتصعيد تجاه الأممالمتحدة والتي يدعم العالم كله جهودها و جهود مبعوثها إلى الصحراء لإيجاد حل ينهي النزاع. . زيارة الملك للعيون صاحبتها تغطية إعلامية قوية من مختلف القنوات و الجرائد والمواقع المغربية تحدثت كلها عن نجاح الزيارة و اعتبرتها تأسيسا لبداية مرحلة جديدة بالصحراء ستنهي النزاع المفتعل و ضربة موجعة لخصوم المغرب و جسدت تلاحم الساكنة بالعرش المغربي من خلال بث صور الحشود البشرية سواء المستقبلة آو المحتجة أو المشاركة في أنشطة رياضية أو فنية ، ... لكن إذا كانت كل المنظمات الحقوقية الدولية و كذا المغربية تتحدث عن وضع سيء لحقوق الإنسان بالصحراء و أكثر الحقوق انتهاكا هو الحق في التظاهر السلمي ، فكيف نظمت هذه المسيرات و الوقفات و الاعتصامات تزامنا مع زيارة الملك ؟ و من شارك فيها ؟ ولماذا نظمت العديد من الجمعيات بالمدن الشمالية للمغرب مسيرات وقوافل إلى العيون تزامنا مع الزيارة ؟ ولماذا تم استقدام ذاك الكم المهول من أفراد الجيش و الدرك و الشرطة و القوات المساعدة و الاستخبارات ناهيك عن الأفراد الموجودة أصلا ؟ و لماذا فرضت إجراءات أمنية مشددة على زائري العيون من الصحراويين ؟ و منع آخرون من السفر إليها ؟ الأمور تتجه إلى المجهول و التوتر يتزايد يوما عن يوم ، فالمغرب يفرض سياسة الأمر الواقع و يعلن الحرب في كل الاتجاهات و يغذي الخطاب العنصري بشكل رهيب في الآونة الأخيرة الذي يهدد استقرار المنطقة و يعمق الجرح الذي ينزف منذ السبعينات ، و جبهة البوليساريو تستعد لتنظيم مؤتمرها وسط دعوات قوية من أنصارها إلى العودة لحمل السلاح ، و الأممالمتحدة تتجه إلى الضغط على الطرفين لمباشرة مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة و تتشبت بمبعوثها و بحقه في زيارة المنطقة وقت ما يشاء ، و الجزائر لن تبقى مكتوفة الأيادي تجاه ما يخطط لمنطقة القبايل . أم أن كل هذا لا يعدو غير تقاسم للعب الأدوار، في انتظار أن تستوي طبخة الكواليس التي يجب أن تنتشر رائحتها رويدا رويدا حتى لا تكون لها انعكاسات أخرى ؟؟؟؟