تشهد مدينة طانطان ككل سنة إحياء موسم ثقافي لا مادي !!!! تحضره الهيئات السياسية العليا مركزيا، والوفود الأجنبية العربية والدولية، مع دعم مالي تمنحه منظمة اليونيسكوا لتسيير هذا الملتقى، حيث صنفت هذا المهرجان سنة 2005م ضمن الموروث الثقافي الشفهي اللامادي الإنساني. فما عائدات هذا الملتقى الثقافي الضخم على مدينة طانطان ؟ وما السبيل لجعله قاطرة تنمية حقيقية ؟ أم أنه سيبقى مجرد تنمية واجهاتية وشعاراتية محضة ؟ إن واقع مدينة طانطان اليوم تنمويا وسياسيا وحقوقيا وجمعويا وثقافيا وإعلاميا ونخبويا.. يشهد إنحطاطا وفسادا مستشريا غير مسبوق ولا مثيل له مقارنة بجميع مدن وأقاليم هذا الوطن من شماله إلى جنوبه، على الرغم مما حباها الله به من ثروات بحرية ومائية وسياحية وطاقات بشرية خاصة الشبابية المتعلمة.. ورغم ذلك تبقى هذه المدينة اليتيمة تعيش حالة من واقع "العقاب الجماعي الممنهج" مركزيا عنوانه العريض: إغناء فئات المعينين والعائلات المعينة قصرا على هرم المجالس الإقليمية والبلدية وإفقار الفئات الشعبية والمسحوقة بضرائب فواتير الماء المرتفعة و المنقطع أصلا !!!! وبالتالي لا ضير إن إعتبرنا بكافة المقاييس العلمية هذه الحاضرة التاريخية "مدينة منكوبة" بكل المعايير المتعارف عليها في توصيف وتصنيف المدن والبلديات عالميا. ولتستمر نفس سياسة "الضحك على الذقون" الجائرة في حق هذه التربة الغالية لأزيد من ثلاث عقود ونيف، من خلال تزيين الواجهة و "تجيير الشوارع" تحضيرا لنهب المال العام عبر إنطلاق مهرجان طانطان الثقافي، وبعد إنقضاء الأيام المبرمجة لهذه المهزلة المسماة بالثقافية !!!! ستعود المياه لمجاريها في ظل بطالة ممنهجة خطيرة مستشرية بشكل مهول في صفوف حاملي الشواهد الجامعية والمهنية والتي بلغت بهذا الإقليم حدا تجاوزت فيه الطاقات الشبابية الجامعية المعطلة "سن الأربعين" دون أي تسوية معقولة لحالتهم !!!!! بما يعني تجاوز الحد القانوني المسموح به للتوظيف في مصالح الإدارات العمومية !!!! كل هذا وجميع "السادة العمال" المعينين في حق هذه المدينة إما حالات "معاقبة مركزيا" يتم تنصيبها لتسيير هذا الإقليم المقصوف عنوة، أو قريبة من الإحالة على التقاعد فتم إرسالها لهذه المدينة لقضاء فترة نقاهة مفتوحة، أو لا تجد لها حولا و لا قوة أمام سطوة وتغول العائلات الإنتخابوية المهيمنة على الشأن السياسوي والمالي لمقدرات هذا الإقليم. إن السبيل الوحيد لجعل هذا المهرجان الثقافي أحد آليات ضخ التنمية الحقيقية لصالح مدينة طانطان في نظرنا كمناضلين تحت إطار "تجمع الكرامة للمعطلين بطانطان" هو عبر ما يلي: 1. إستثمار العائدات المادية التي يذرها هذا الملتقى الثقافي لصالح تنمية البنية التحتية للإقليم أولا، ونقصد بالذات المستشفى الإقليمي بطانطان الذي أصبح مؤسسة للأموات، حيث تسافر ساكنة الإقليم للعلاج بالمستشفى العسكري بكلميم وغيره من مستشفيات شمال المملكة، وتسوية معضلة الماء الصالح للشرب المتقطع على مدار السنة خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان المبارك. 2. تحمل المؤسسة الموكول لها تسيير الجانب التنظيمي والمالي لمهرجان طانطان الثقافي المتواجد مقرها بالرباط، المسؤولية القانونية والتاريخية عبر جعل العائدات المادية لهذا الملتقى تستثمر لصالح أهم قطاع حساس بالإقليم، ونقصد بالذات "قطاع التشغيل" بإقليم طانطان، حيث أضحى هذا الإقليم رمزا للبطالة الممنهجة في حق حاملي الشواهد الجامعية والمهنية، وخاصة إذا ما إستحضرنا العزوف الشبابي الواضح عن هذا الشكل الفلكلوري في السنوات الأخيرة نظرا لوعيهم بأنه لا يعود على واقعهم المعاش على مدار السنة بأي نفع يذكر، اللهم زيادة تسمين رصيد الفاسدين بالإقليم. 3. تحمل المسؤولية الأخلاقية لواضعي البرنامج الخاص بالمهرجان الثقافي بطانطان، وذلك عبر تنزيل فقرات ثقافية من عمق ومعين التراث الحساني البيظاني، وليس مجرد فلكرة ممسوخة ومشوهة لا علاقة لها ببنيات الثقافة الصحراوية الشعبية والعالمة، وإيقاف عملية تمييع هذه الثقافة بمنصات غنائية مبتذلة تحرض على ثقافة المجون. 4. عقد ندوات فكرية وعلمية حقيقية تعمل على تقييم واقع الثقافة الصحراوية العالمة وأفق إستثمارها تنمويا وثقافيا، بدل ندوات الأحزاب السياسية التي لا تهدف إلا للبهرجة الإعلامية والتسويق السياسي الإستهلاكي الفارغ من المحتوى والمضمون. 5. إستثمار توأمة الشراكة العربية والدولية التي حضي بها الموسم الثقافي بطانطان ماديا وثقافيا بما يقعد ويخدم فكريا وطقوسيا الثقافة الشعبية الصحراوية الملتزمة. 6. نقل الواقع الحقيقي للمدينة وللساكنة على وسائل الإعلام البصرية والمسموعة والمكتوبة وآخرها كارثة الطريق الرابطة بين كلميم والعيون. ختاما، في ظل تنمية واجهاتية ريعية هشة، تتنافس على نهب ميزانياتها مقاولات وشركات عائلات أفرزتها ما يسمى بالخريطة السياسوية المحلية، وبمباركة من السلطات المحلية والمركزية.. وحتى يأذن الله لأمر كان مفعولا ستبقى الحالة على ما هي عليه، وحتى إشعار آخر ونسخة جديدة/ قديمة، أقربها "مهزلة الإنتخابات" القريبة والتي لن تخرج عن نفس المنطق الإنتخابي "القصري الممنهج" والمشوه، الفارض ل"طغمة" جاهلة وجشعة لم ولن تقنع بعد، لتتولى رأس تسيير وتدبير الشأن المحلي، ودون حسيب ولا رقيب مادام الولاء القبلي حاضرا ومعولا عليه في ما يسمى بالسلم الإجتماعي، وكان الله لك وحده يا مدينة وسكان طانطان، وحسبنا الله وحده ونعم الوكيل.