نشر بالجريدة الرسمية رقم 6347 الصادرة في 30 مارس 2015،أنَّه حُدِّد كأجل لتقديم الترشيحات لمهمة مندوبي الأجراء ،إبتداءاً من 17/05/2015 إلى غاية 24/05/2015،لكي يتم الإقتراع حولها إبتداءاً من 01/06/2015 إلى غاية 10/06/2015، وكالعادة إرتمت كلّ الفئات الإجتماعية في خضم تنافس قوي،تُبْذَلُ فيه جُهود إستثنائية للظفر بأكبر عدد من الأصوات، جهود لم تُنْفَق يوماً قط في نُصْرة إضراب أوإعتصام عمالي،يَحْدُوها في ذلك سَعْي جادّ لإكتساب صفة التمثيلية العمالية، لخدمة أغراض شخصية محضة بكلّ ما تحمله الإنتهازية والوصولية من معنى،ودون أدنى علم بما يُحيط بمؤسسة مندوبي الأجراء هذه،من نواقص كثيرة وتساؤلات عديدة،تصبُّ في مجملها ضدَّ مصالح الشغيلة إذا إستُغِلَّت في غير محلِّها،فماذا نعني بمؤسسة مندوبي الأجراء ؟ وما هو السياق التاريخي الذي نشأت فيه هذه المؤسسة ؟ فالمُشرِّع المغربي لم يُعَرِّف المقصود بمندوب الأجراء،وإنَّما قام بِتِعْداد أحكام هذا الأخير وذلك في المواد من 430 إلى 463 من مدونة الشغل،كما أنَّ مَشْروع ظهير 29 أكتوبر 1962 المُتعلِّق بتمثيل المستخدمين في المقاولات،والمنسوخ بمقتضى المادَّة 586 من (م.ش)،لم يضع أيَّ تعريف محدَّد لمندوب الأجراء . ويرجع تاريخ العمل بنظام مندوبي الاجراء بالمغرب لأول مرة الى سنة 1955،وذلك بمقتضى ظهير 16 شتنبر 1955، المنسوخة مقتضياته من القانون الفرنسي رقم 46 المؤرَّخ في 16 أبريل 1946،الذي يُعثَبرُ صاحب فكرة "التمثيلية العمالية"،كإطار لتجمع الأجراء المغاربة،وذلك من أجل إبعادهم عن الإنخراط في العمل النقابي،خصوصاً وأَنّ المغرب قد عَرَفَ في نفس السنة ميلاد أول إتحاد نقابي عُمَّالي مغربي،والذي جاء كردِّ فِعْل عن مطالبة الأُجَرَاء المغاربة بالحقّ في الحُرية النقابية،بحيث أريد لنظام مندوب الأُجراء أن ينهض بكل إختصاصات المنظمة النقابية ذات الطابع المطلبي والحلول محلَّها،وقد أُلغِي ظهير 1955 بموجب ظهير 29 أكتوبر 1962 حول مندوبي الأجراء،بحيث كان من الضروري مراجعته والبحث عن صيغة جديدة لتمثيلية العمال،في إطار وضع تشريعي يتَّسِم بتعدُّد النصوص التي تجاوزت سلبيات القوانين الاستعمارية،التي إختزلت مهمَّة مندوب العمَّال في إيصال الشكايات إلى ربِّ العمل،وفي حالة رفضه لتسوية المشكل موضوع الشكاية يُحال الأمر على مفتِّش الشغل،الذي يبقى محدود الصلاحيات،أمام عدم الإستجابة للمقتضيات القانونية من طرف أرباب العمل. وقد أكَّدت تجربة 60 سنة من وجود وتواجد مؤسسة المندوبين،أنها غير مُجدية من حيث الدفاع عن مصالح الأجراء، فالقانون ذاته جعل مندوب العمال مجرَّد ساعي بريد يُوصل شكايات العمال إلى رب العمل،وفي حالة رفض هذا الأخير لتسوية المشكل موضوع الشكاية،يحال الأمر على مفتشية الشغل للنظر فيه،والحال أن مفتش الشغل هو الآخر يبقى محدود الصلاحيات،أمام تعنُّث أرباب العمل في عدم الإلتزام بتطبيق القانون. ومع كلِّ هذه النواقص يظلُّ مندوبو الأُجراء مؤسسة يتجنَّبها أرباب العمل،خوفاً من أن تكون دعماً للتنظيمات النقابية، وهو الأمر الذي يدفع بأرباب العمل إلى محاولة السيطرة على هذه المؤسسة،عبر إستغلالها لصالحهم بتنصيب بيادق لهم للإئتمار بأمرهم،وخدمة مصالحهم التي تكون في الغالب ضد مصالح الطبقة الكادحة . إنَّ مؤسسة مندوبي العمال،بالكيفية التي وضعها قانون الشغل،غير مُجدية من حيث تحسين أوضاع العمال،وهي تُكرِّس عادة تفويض الأمر إلى ممثلين غير مؤطرين بدل الفعل النقابي المباشر للجماعة،كما أنَّها تُربِّي العمال على إسناد أمرهم الى وسيط بينهم وبين ربِّ العمل والركون إلى السلبية،لذا يجب ألا ُتعلق عليها الآمال والتوجه بدلاً عنها إلى بناء التنظيم النقابي، بناءاً ديمقراطيا يضمن أكبر مشاركة من القاعدة،لكن وبالنظر إلى بقاء القسم الأعظم من مقاولات القطاع الخاص بلا نقابة،وإعتبارا للمصاعب الجمَّة التي باتت تعرقل العمل النقابي،يمكن لإِنتخابات مندوبي العمال أن تكون رافعة أولى للنقاش الجماعي وتجميع الجهود للتنظيم في نقابة،وهو ما يفرض على مناضلي الطبقة الكادحة إستثمار هذه الانتخابات لخدمة هدف توسيع التنظيم النقابي. ويبقى لطفيليات الحركة العمالية الركض وراء كراسي الامتيازات على ظهر شعب مقهور،ركض يتَّجه بها مباشرة إلى مزبلة التاريخ. * ناشط إعلامي وممثل نقابي وعضو في لجنة المقاولة