من منّا لا يفتقد، اليوم،الإحساس بالماضي الأليم الذي عاشه الأسلاف ، من اجل الحرية والكرامة وحينما ترى زعماء اليوم ينزلون في صف واحد للتظاهرات والاحتجاج اعتقد أن كل الانقسامات التي كانت تحفر خنادق واسعة من الأطياف السياسية ليست إلا رؤية محبوكة وان التضامن مع "غزة " يفيد أن تمت قضية ومأساة وربح ، وهنا ، ينتابك حجم الاستهزاء بمشاعر الناس ، واستبراء دمائهم ، بل يجعلك تتأكد بعد كل اليوم أن الإنسان فقد أنسيته ، ولم يعد سوى آلة التحكم كما يريدها المنظرون لكل المأساة ، و الخذلان العربي الكبير من المحيط إلى الخليج. من هم هؤلاء الدين عبئوا الآلاف من المغاربة بالرباط تضامنا مع "غزة" حاملين شعارات تختلف حسب اختلاف الإملاءات ، وهي بالمناسبة تأكيد على أن السياسيوية المغربية ، استطاعت أن تجد في قضية "غزة" موضع قدم ، ولا يستبعد أن يكون تواجد الكم الهائل من "الدهماء " في غياب رئيس الحزب الحاكم الإسلاموي ، إشارة ضمنية إلى من يتحكم في اللعبة ووضع مستقبل المغرب رهين نجاح مسيرات التضامن مع "غزة " ، ويكفينا التذكير بالجولة التي قام بها وفد من حزب الأصالة والمعاصر أواخر سنة 2012 ، بزيارة جرحى قطاع غزة في مستشفى السلام التخصصي ،التقاء خلالها مع قيادي حركة فتح وأعرب عن تضامنه أنداك وعن دعم حزبه للجرحى الفلسطينيين ، مطالباً بمحاسبة مجرمي الحرب المسئولين عن هذه المجازر دون أن نعرف عن أي مسؤولين يقصد هل الإسرائيليون أم حركة حماس؟ ، بهذا التذكير يكون حزب الأصالة والمعاصرة يريد استعراض عضلاته كمعارضة "مخزنية" بكل أطيافها ، أجمعت عن قضية "غزة" وهي جزء من لعبة تحريك الشارع بالاسلامويين واليسرويين والامازيغاويين ، وكل الغوغائين الانتهازيون ، أما الشعب الفلسطيني ، ودماء الأبرياء هم في الحقيقة ضحية هؤلاء السياسيون القدرون ، فلم يكن يفصل عن انتهاء الأحداث المأسوية ديسمبر 2012 ، سوى سنتين على اقل تقدير لتبدأ مأساة يوليوز سنة 2014 ، وينتعش فيها الجبناء من السياسويون يتاجرون بدماء الأبرياء ادعاء منهم الدفاع عن "غزة" . لهذا نتسأل لماذا غاب رئيس الحكومة عن تظاهرة الرباط ؟ هل لأنه لم يعد بإمكانه التوافق مع المشارقة أصحاب فكرة مشاريع "الابناك التشاركية" بالمغرب التي سيطر عليها بيد الله الأمين العام للحزب الأصالة والمعاصرة السابق ، أم أن قرار رئيس الحزب الحاكم الاسلاموي خاضع لحسابات سياسية و املاءات على الخصوص من ذوي النفوذ رغم انه يفطر يومياً تحت قذائف القصف على شاشة التلفيزيون، دون أن يتحرك و يدعوا عن مبادرة منه وقف سفك الدماء على الأقل مادام أن البادئ فيها كل مرة إخوانه من حماس إدعاء منهم باستطاعتهم مقاومة الصهاينة ؟ وهم مسبقا يعرفون أن سلاح إسرائيل جد متطور ولا يقدرون على مجابهته ولو اجتمع كل العرب ؟ فلماذا يفعلون ذالك ؟ هل هم بهذه الأجندة يخدمون مصالح تجار الدماء الدين يجعلون ميزان الرعب وسيلة لتحقيق مصالحهم ؟ ، وفي هذه الحالة يكون الضحية الأكبر هم الأبرياء من الأطفال والنساء ، وهل حقا رئيس حكومة الإسلاميين القادر اليوم بالتبجح بالاستثناء المغربي من الربيع "العربي" ، قادر اليوم ، على الوقوف أمام جماهير حزبه، ويخطب فيهم، محذراً إن قضية "غزة " أصبحت ورقة انتخابية بالمغرب تهدد كيانه ؟،و هل باستطاعته إقناع مناصريه من "الأتباع" ، لماذا غاب عن هذه التظاهرة ؟؟ أم غزة خط أحمر بالنسبة إلى الحزب الحاكم في هذه الظرفية خاصة وان تنظيمات "دعيشية" تهدد أمن المغرب حسب وزيرحكومته في الداخلية ؟ ألا يعتبر ماروج عن البعض من التابعين لتوجه حزبه متورطون في تصريحاتهم لدعم الجهاد ، فمنهم من صرح عقب مظاهرات الرباط للصحافة أنه لابد من دعم المجاهدين بالمال والسلاح وهو ما جعل احد القياديين في حزب الأصالة يهاجم البيجدي وشيوخ السلفية ويتهمهم بالابتزاز خلال حملة حزبه النسوية ،التي ركزت على المناصفة . قليل من الناس اليوم يتذكرون حدث غزة نهاية سنة 2012 ، حين نجحت، آنذاك، وساطة أول حكومة إسلامية منتخبة في التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس، قادها الرئيس مرسي المعزول اليوم، على الرغم من أنهما لا تعترفان ببعضهما، وخرجت حركة حماس قوية من تلك المنازلة التي فكت عنها جزءا من عزلتها القاتلة. وكانت زيارة مشعل الأولى إلى المغرب إشارة الىتفكيك طلاسيم قضية "غزة" وتأكد أن من الرباط تبعث الرسائل . مع الأسف، انقلبت الآية اليوم ، فلم يعد وزير الحزب الحاكم يشارك في تظاهرات لدعم قضية " غزة" ، ولا باستطاعة رئيس مصر الجديد لعب دور الوساطة بين حماس وإسرائيل .. ولا نعتقد أن السياسويون في قضية "غزة " يذرفون الدموع ، إنهم ينتظرون لحظة من يلعب دور الوساطة لكي تستمر تلك الاسطوانة المشروخة باسم التفاوض ويتم توقيف القصف ، ويتبجح العروبين بعد ذلك بتحقيق المبتغى ، مادام أن أمر استمراره يكلف الانتهازيون خسارة الأموال والانتخابات وحتى الإعلام ، ودون استحياء يبقى السذج من عامة الناس عرضة لمزبدات سياسية تسترزق من الآلام الشعب الفلسطيني وحده الغرب يحرك المياه العكرة بالدماء ، ويجعل لها قنوات بالطريقة التي يريد وبالوسائل المعتاد فخلافة «داعشتان» ، تريد الانتقام كما وعدتنا في حربها المقدسة على كل الخوارج والمعتزلة والمرتدين والمنافقين والمشركين.. وهلم جرا، دون إسرائيل طبعا ، إلى أن تقوم الساعة. ولننتظر، بعد ذلك، إن كانت هناك خطة أخرى للغرب لتوهيم قوم عجاف سكنه الوهم . ليعيش منه حتى ذلك اليوم الموعود، فأسئلة كافية للمغاربة ولينتبهوا عن التوافق الحاصل في تظاهرة "غزة "بالرباط ، وليسألوا أنفسهم ، متى كانت هناك تظاهرة بهذا الحجم في عهد حكومة بن كيران بدون الهراوات؟؟ ومتى كانت تخرج الآلاف استنكارا أو احتجاجا ،دون تعليمات المخزن ؟؟ الم نقول أن تخاذل زعمائنا السياسيون في ما مضى وأخطائهم التي لا تغتفر زادت من ضعفنا وعجزنا، أما خروجنا عن قضايا الوطن التي تهم الشعب، والتي نهان فيها كل يوم ، فنحن نتحمل مسؤوليتها. ودون مزايدة ، تبا لكم أيها التجار الدماء اتركوا أبرياء "غزة" في سلام .