منذ 21 ماي 2005 تعيش مدن الصحراء المتنازع عليها احتجاجات متواصلة يطلق عليها الصحراويون وجبهة البوليساريو انتفاضة الاستقلال , احتجاجات تنادي بالحق في تقرير المصير والاستقلال. وأخذت منحى متصاعد من حيث الكثافة والتنظيم والأشكال والشعارات والمطالب ,كان أبرزها مخيم اكديم ايزيك والذي نزح خلاله أزيد من 20 ألف صحراوي وصحراوية خارج مدينة العيون من اجل المطالبة بحق الصحراويين في الاستفادة من خيراتهم . وإضافة إلى – انتفاضة الاستقلال – عرفت مدن الصحراء كذلك تأسيس العديد من الجمعيات والمنتديات واللجان والتي تنادي علنا بحق الصحراويين في تقرير مصيرهم والاستفادة من خيراتهم الطبيعية وحماية تراثهم وثقافتهم, وأخرى تهتم بحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الطفل والمرأة بصفة خاصة , جمعيات تمكنت من كسر الحصار الإعلامي المفروض على الصحراء, باستقبالها وفودا دولية داعمة لحق الصحراويين في تقرير المصير , ودبلوماسيين معتمدين بالرباط وشخصيات دولية وازنة ,مقررين امميين ,ممثلي أحزاب ونقابات دولية . وكذلك القيام بجولات عبر العالم للتعريف بقضية الصحراء ومعاناة الصحراويين بالمناطق المتنازع عليها. والمشاركة في ملتقيات ومحافل دولية وازنة وزيارة برلمانات دولية ومؤسسات حكومية وغير حكومية بمختلف دول العالم , بالإضافة إلى دعوة الصحراويين إلى التظاهر السلمي , تنظيم لقاءات وندوات إشعاعية بالمنازل والتي تعرف إقبالا جماهيريا كبيرا , إصدار تقارير وبيانات . وكل هذه الجمعيات واللجان والمنتديات تعتبر جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين . احتجاجات أو كما يسميها الصحراويون انتفاضة الاستقلال كلفت الدولة المغربية الكثير, نتيجة مقاربتها الأمنية , حيث لجأت إلى القمع الشديد والعنف المفرط اللذان أديا إلى سقوط شهداء لازالت ملفاتهم لم تطوى بعد, واعتقالات واسعة اتسمت بالعشوائية, ودون الإجراءات القانونية وما رافقها من تعذيب ممنهج ووحشي, ومحاكمات صورية غابت فيها شروط المحاكمة العادلة ,زجت بالمئات في السجون لمدد طويلة ,وإحالة البعض على المحاكم العسكرية .كل هذا موثق بالصور والأشرطة وتناقلته وسائل إعلام عديدة والانترنيت ووثقته كذلك منظمات مغربية ودولية تعنى بحقوق الإنسان . وصرح به العديد من الشهود والضحايا . فكم كان منظر سحل النساء بالشوارع رهيبا ,ودماء الأطفال والتنكيل بالشيوخ والعجزة وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة , مناظر اهتز لها العالم وحركت مشاعر الصغير والكبير وجعلت الصحراء عنوانا لكبريات الصحف الدولية ومحط اهتمام العديد من القنوات التلفزية , وموضوعا للنقاش بمختلف البرلمانات الدولية وجعلت كذلك الصحراء وجهة للعديد من المنظمات واللجان و المراقبين والشخصيات والأصدقاء والداعمين . تكلفة لازال المغرب يدفع ثمنها حتى اليوم فالمداولات بمجلس الأمن ساخنة بخصوص ملف حقوق الإنسان بالصحراء , وتأجيل التصويت أسبوعا مرده إلى الضغط القوي الذي تمارسه العديد من الأطراف التي تطمح إلى توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان انسجاما مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة والذي أشار إلى ضرورة إيجاد آلية دائمة لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء قبل أن تحذف كلمة – آلية – بعد تدخل فرنسا الحليف والمدافع القوي عن الدولة المغربية رغم ما أصبح يشكل لها ذلك من حرج دولي . يبقى السؤال المطروح هل الدولة المغربية لا تعي نتائج سياستها الأمنية القائمة على مصادرة الحق في التظاهر السلمي بالقمع الشديد ؟ الدولة المغربية تتعامل مع العديد من الخبراء الدوليين , مراكز الدراسات ,دول صديقة وحليفة وتستشيرهم في ابسط الأشياء يحللون و يدرسون ويقررون و يخططون . فمن الغباء أن نقول أن الدولة المغربية ليست لها إستراتيجية في ملف الصحراء. وهنا يطرح السؤال الصحيح: أي غاية لهذه الإستراتيجية ؟ إستراتيجية حتما تسببت في تصاعد أصوات المطالبين بالحق في تقرير المصير ومن جميع الفئات العمرية , تزايد الضغط الدولي على المغرب , انتعاش وانتصار دبلوماسيو جبهة البوليساريو, و أخرها استقبال ممثلها بفرنسا الحليف التقليدي للمغرب, والاستماع إليه بالبرلمان الفرنسي. والأمور مرشحة للمزيد من التطورات التي لن تكون في صالح المغرب طبعا بل ستشدد الخناق عليه أكثر فأكثر . لتبقى إستراتيجية لا تخدم الخطاب الرسمي للدولة المغربية والموجه بالأساس للرأي العام المغربي فكل المؤشرات تؤكد أن الدولة المغربية تتجه إلى خيار الضغوطات الدولية والقرارات الخارجية التدريجية والملزمة , لطي ملف الصحراء لما يسبب لها هذا الملف من حرج أمام غالبية الشعب المغربي الذي نقشت بعقله عبارة الصحراء مغربية