في الوقت الذي تنكب فيه الأقلام على تغطية كوارث السياسة و ما يأتي معها، ناسية أو غافلة عن الإلتفات إلى المركب الذي يحمل العدو و الصديق دون إستثناء.. تتهاطل الرسائل من السماء عبر الكون، لعلها تجد من يفهم و يتقن تلك اللغة العجيبة و يترجمها إلى العالم. لاشك أن ظاهرة الاحتباس الحراري بدت معالمها واضحة هذه السنة على مستوى العالم. فبعد ما تفاجئة بعض دول العالم بتحولات مناخية لم تعرفها منذ زمن بعيد، أوجست بعض الجهات الأوربية المختصة خيفة من إرتفاع درجة الحرارة هذه السنة بشكل غير مسبوق في البلاد الأوروية. لحد الآن درجة الحرارة متقلبة بين 6 درجة و 13 درجة، مع العلم أن شهر يناير معروف بشدة برودته التي غالبا ما تتراوح درجة حرارته بين 10 درجة تحت الصفر و 2 درجة على ضوء إحتمال إرتفاع سرعة عملية إنصهار الكتل و الصفائح و الأنهار الجليدية القطبية التي تؤدي إلى إرتفاع منسوب مياه البحار، تتسرب أخبار متفرقة تفيد بأن جهات رسمية حكومية تنسق مع وسائل الاعلام الأوروبية و بعض الجمعيات و المنضمات المهتمة بظاهرة الإحتباس الحراري من أجل إشعارهم بتجنب التعمق في الحديث العلمي عن هذه الظاهرة الخطيرة و عن عواقبها و نتائجها الوخيمة على حياة الانسان و بيئته، حتى لا يحدث الهلع و الخوف و التشائم و ردود فعل غاضبة عند الساكنة الأوروبية. أشير هنا أنه منذ عدة سنوات و الأسرار تتسرب تفيد بأن كل دولة في أوروبا تلزم الأطباء الصمت و عدم الإدلاء بالسبب الحقيقي وراء بعض الأمراض التي تكون ناتجة عن بعض الغازات المسمومة، و غالبا ما تكون هذه الأمراض منتشرة في الأحياء السكنية المجاورة للمنشئات التي تنبعث منها الغازات الدفيئة. الغاز الوحيد الذي منع في أوروبا هو الغاز الذي كان يستخدم في تبريد الثلاجات "الكلوروفلوركاربون (CFCs)" في حين لازال يُسوق إلى الدول المتخلفة. الحقيقة الدقيقة تكمن في أن هذه المحاولات التي تُتخذ بكل جدية و حزم من أجل رسم الحدود للحديث عن ظاهرة الاحتباس الحراري تحت أضواء وسائل الاعلام الأوروبية دون أن تصل إلى المفهوم العلمي الدقيق للظاهرة بكل أبعاده لمستقبل الأرض ومن عليها، ترجع إلى عدة أسباب أخرى، من بينها: 1 الخوف من أن يصبح هذا الموضوع الذي أرهق طاقات فكرية عالمية أرضية خصبة لنشاط الدعوة الإسلامية على الأراضي الأوروبية والغير الأوروبية من خلال تناول الحدث من منظور علمي ديني مقنع و مسهل للمزيد من اعتناق الأوروبيين للإسلام. خاصة في المرحلة الراهنة التي يترقب فيها بعض العلماء الراسخين في العلم النصر الموعود على ضوء اليقين في أن زمن الغثائية أوشك على النهاية بعد ما تحققت فيه عدة إخبارات نبوية و عدة إعجازات علمية قوية في القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، و أن نقطة التحول المؤدية إلى بلوغ الإسلام ما بلغ الليل و النهار و إلى التمكين و التحرير قد اقتربت بعد ما تزامن ظهور كل علامات الساعة الصغرى مع علو اليهود على الأرض و احتلالهم للمسجد الأقصى و كذلك مع سفك دماء الأبرياء و الفساد و الظلم الذي يعتقد الكثير أنه بلغ ذروته من خلال التحليلات للتطورات التي تعرفها البلاد العربية الإسلامية و للأحداث الدموية التي لازالت مستمرة في مصر، سوريا، العراق.. و للأصوات المتمردة على شريعة الله التي تسمع هنا و هناك.. تبقى ظاهرة استمرار الاحتباس الحراري و الإعجاز العلمي في توسيع الكون، مقياسا مهما لعلماء الاسلام في إثبات صدق الرسالة و صدق الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالطبيعة و تحولاتها التي تظهر في آخر الزمان وكذلك بالكوارث الخطيرة كالخسف و كثرة الزلازل قبل إنقلاب الموازين الكونية و ظهور علامات الساعة الكبرى كشروق الشمس من مغربها.. 2 الخوف من ولادة صراع يذبذب القناعات عند الأوربيين و يُحدث خلل في التوازن الفكري الذي تأسس عليه المجتمع الأوروبي دون أي إنقسام أو تعصب سلبي لنظرية أزلية الكون "لا بداية و لا نهاية". أو للنظرية التي تقول بأن الكون له بداية و إنه الآن يتجه إلى النهاية الحتمية. 3 الخوف من أن يتنامى الوعي الكامل و يِسبب في إيقاظ الظمير العالمي، فتقوم الاحتجاجات أو ثورة مطالبة بتعطيل الآلاف المنشآت الصناعية و محطات الطاقة التي تنبعث منها الغازات الدفينة بشكل مفرط جدا، و بالتالي تزيد الأزمة الإقتصادية اختناقا و تقهقرا إلى ما لا تحمد عقباه... لحد الآن تسير الخطة بشكل ناجح ما دامت تغطية وسائل الاعلام الأوروبية محتشمة. لا ترى فيها إلا أضواء باهتة على تصريحات بعض المسؤولين تعبر عن تخوفهم لبعض الحالات الغير عادية التي ظهرت في البيئة، دون أن يبحروا في كل الأبعاد السلبية الأخرى لهذه التحولات الغير مسبوقة. تصريحاتهم تعتمد على خطاب ذكي يغلب عليه عبارة "هذه السنة.." و بعض الإشارات البسيطة جداًّ إلى المسألة العلمية. كأن لسان حالهم يقول لا نتكلم عن مستقبل الكون في هذه النقطة الحساسة. يريدون أن يتناسون ما ليس لهم عليه بسلطان.
أما غفلة المسلمين عن تطورات الكون، أضيفها إلى عجائب الدنيا السبع.. تاهت الرسالة في دروب السياسة، و أصبح الإيمان بالغيب و ذكر كلام تعالى تعالى بدعة و تخلف في مذهب العلمانية المتطرفة، لا يجيزه إلا في الزوايا و الأضرحة على طريقة الشرك الأعمى، ذلك ظنهم و قولهم بأفواههم على حال. أريد أن أقول للذين يتطاولون على الوحي: إذا كان لسانكم سهل عليه النيل من كتاب الله المسطور، فأين قوتكم مع كتاب الله المنشور؟ هل لازلتم تتهمون "الدستور الرباني" و تبارزون الذي عدلكم و أتقن صوركم و أتقن كل شيء من حولكم في هذا الزمان و الذي يمسك السموات أن تزولا و ينشئ السحاب و البرق و يحرك الرياح و الزلازل و البحر و البراكين و الخسف و التسونامي.. و يفعل ما يريد ؟ أين سلطانكم الذي تزعمون؟ ردوها علي إن استطعتم؟
للمزيد من التدبر في كتاب الله المنشور، و طبقا لكل هذه المعطيات هل يمكننا القول بأن الإحتباس الحراري سيتدرج شيئا فشيئا حتى تكتمل التحولات و تثبت صدق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا ".. ؟