يحكى أن أحد الصبيان كان يلعب ويقفز داخل حجرات المنزل وأثناء اللعب رمى بلعبة صغيرة فتكسر زجاج النافذة جاء أبوه إليه مسرعا بعد أن سمع صوت تكسر الزجاج وسأل أبناءه الثلاثة منفعلا: من الأحمق الذي كسر زجاج النافذة ؟ قيل له علان ( ابنه البكر ذو 8 أعوام)، فهاج غيظا ولم يتمالك أعصابه فتناول عصا غليظة من أسفل الدرج وأقبل على الصبي يشبعه ضربا... وأخذ الصغير يصرخ ويعوي، وبعد دقايق توقف أخيرا الأب عن الضرب بعد أن كلت يداه، جر الطفل قدميه إلى فراشه وهو يشكو ويتألم وأمضى الليل كله فزعا مرتعدا... في الصباح الباكر وكعادتها أقبلت الأم لتوقظ فلذة كبدها، فرأت يدا الصغير مخضرتان فصاحت في الحال وولولت، اتنفض الأب مسرعا من فراشه وعلى ملامحه أكثر من دهشة وقد رأى بأم عينيه ما رأته الأم... حرك محرك سيارته وقام بنقل الطفل إلى المستشفى المركزي. وفي قسم المستعجلات قرر الطبيب المياوم بتر اليدين لأنهما متسممتان وتبين له بعد استفسار الأب عن الأسباب أن العصا التي ضرب بها الطفل كانت محشوة بالمسامير القديمة المتصدأة، لم يكن الأب الغضبان ليلتفت إليها لشدة ما كان فيه من فورة الغضب، مما أدى إلى تغرز المسامير في يدي الولد وتسرّب السمّ إلى جسمه، تصلب الأب حائرا لا يدري ما يفعل وما عساه يقول؟؟؟ قال الطبيب: لا بد من ذلك والأمر لا يحتمل التأخير لم يجد حيلة ولا مخرجا، فقطعت يدا الطفل. وبعد أن أفاق من أثر التخدير نظر وإذا يداه مقطوعتان فتطلّع إلى أبيه بنظرة متوسلة وصار يقسم له أنه لن يكسر أو يتلف شيئا بعد اليوم شرط أن يعيد إليه يديه، لم يتحمل الأب الصدمة ولم يجد وسيلة للخلاص والهروب إلا أن ينتحر، رمى بنفسه من أعلى المستشفى وكان في ذلك نهايته. عاين الدكتور المياوم الواقعة، لم ينبس ببنت شفة، سرح بخياله بعيدا، تذكر قصته مع سعادة الرئيس، جاءه مدعوا في حفلة، جلس الجميع بدون استثناء الا الرئيس المحترم، لم يجد له مكان بجانب الكبير في الجانب الايسر من الصف الأمامي، عجبا فلقد شغر مكانه المخصص من قبل شيخ القبيلة طارت ثائرته، ازمجر، علا صوته، لم يجد له مساندا وداعما الا ابنه المدلل، فغادرا الحفل على عجل، لم يستسغ الكبير الأمر، أمسك بهاتفه، نادى القوم بان ارجعوا، فأقبلوا وجلسوا في الصفوف الاخيرة من المحفل، لم يكتف الرئيس بذلك، طلب منه الدكتور المساهمة في حفل خيري اخر، قال له أنسيت البارحة لم تترك لي مكانا، ابتعد عني ولا تسألني شيئا. حاول نسيان القصة الا أنه تذكر بانه كان دائما يوصي مرضاه بعدم الغضب لان تكرار الغضب يمكن أن يؤدى إلى الإضرار بشرايين القلب واحتمال الإصابة بأزمات قلبية قاتلةوأحيانا إلى الإصابة بالسرطان. فقرر أن يهاتف سعادة الرئيس ويستسمحه عذرا وينصحه لعل وعسى يتفهم الأمر.