صحراء بريس / حسين مجدوبي (*) يتراوح موقف حكومة مدريد من تطورات الصحراء الغربية بين الحدة والتفهم، تفهم من رئيسها خوسي لويس رودريغيث سبتيرو بتغليب مصلحة اسبانيا في العلاقات مع الجار الجنوبي، ونقد صريح من وزيرة الخارجية ترينيداد خيمينيس بسبب العنف المستعمل ومنع الصحافيين الإسبان العمل بحرية في المغرب. ويحاصر الصحافيون رئيس الحكومة سبتيرو منذ اندلاع أحداث العيون للحصول على تصريحات واضحة، كما طالبته الأحزاب بالمثول في البرلمان لبحث هذا الموضوع، خاصة وأن قيام الأمن المغربي بفض مخيم ضخم في ضواحي العيون الاثنين الماضي وما خلفه من قتلى وجرحى في صفوف الأمن والصحراويين يتصدر يوميا صفحات الجرائد والبرامج الاعلامية في اسبانيا. وقد فضل سبتيرو الحديث بعد صمت اعتُبر طويلا ولكن من سيول عاصمة كوريا الجنوبية التي يتواجد فيها ضمن مؤتمر الدول العشرين، وليس في البرلمان كما تطالب بذلك أحزاب المعارضة. وأكد سبتيرو لمختلف وسائل الاعلام الإسبانية أمس الجمعة 'الحكومة تحرص على مصالح اسبانيا وتأخذها بعين الاعتبار، فالعلاقات مع المغرب ذات أولوية بالنسبة لنا. شخصيا قلق على ما يجري والحل الوحيد هو الحوار بين المغرب وجبهة البوليزاريو'. من جهة أخرى، تبنت وزيرة الخارجية ترينيداد خيمينس موقفا يتصف بالليونة والصرامة في الآن ذاته، وذلك بقولها الجمعة ان 'الحكومة تأسف لما جرى (في العيون) وترفض العنف كوسيلة لحل النزاعات'. وأضافت: 'يجب الرهان على الحوار للعودة الى الهدوء في منطقة الصحراء، والإيجابي هو اجتماع المغرب والبوليزاريو للتفاوض رغم أحداث العيون'. وتابعت في جوابها على أسئلة الصحافيين حول عدم تنديد اسبانيا بالمغرب لاستعماله العنف في فض مخيم العيون، فأوضحت 'التنديد بما جرى يتطلب المعلومات الكافية بشأن ما وقع، وحتى الآن ليس لدينا المعلومات الكافية. ونحن في انتظار تقرير لهيئة دولية ما حول ما جرى'. ومضت تقول 'لا ننسى أنه لم يصدر حتى الآن أي تنديد من دولة أو هيئة دولية'. ونفت وزيرة الخارجية الأخبار التي تفيد بأن تنديد اسبانيا بما جرى قد يترتب عنه إعادة المغرب النظر في التعاون الحاصل في مجال الهجرة السرية والإرهاب. وعلمت 'القدس العربي' من مصادر سياسية مقربة من الحكومة أنه من الصعب أن تندد اسبانيا بالمغرب في ظل الأخبار التي تؤكد سقوط قتلى في صفوف الأمن المغربي أكثر بكثير من القتلى المدنيين الصحراويين. وحول سقوط القتلى المدنيين، تبين أن قتيلا صحراويا يحمل الجنسية الإسبانية منذ أن كانت اسبانيا تستعمر الصحراء، وطالبت مدريدالرباط بتوضيحات حول ظروف وفاته. كما انتقل القنصل الإسباني العام في الرباط، رافائيل خوفير إلى العيون لمعرفة أسباب هذه الوفاة. وتعيش العلاقات الثنائية بين الرباطومدريد أزمة مرتبطة بتطورات الصحراء، تتجلى في إقدام المغرب على منع المراسلين الإسبان من تغطية أحداث العيون. ويوم الجمعة قامت السلطات المغربية بترحيل ثلاثة صحافيين يعملون في إذاعة كادينا سير كانوا في الصحراء وسحبت اعتماد مراسل جريدة 'آ بي سي'، لويس دي فيغا الذي تتهمه بترويج أخبار 'غير صحيحة' عن الصحراء. وتتهم الحكومة المغربية المراسلين الإسبان بتشويه الحقائق مستشهدة بحديث بعضهم عن تسليح مغاربة للهجوم على صحراويين في الصحراء، بينما تطالب حكومة مدريد المغرب بإعادة الاعتماد لمراسل آ بي سي والسماح للصحافيين الإسبان بالعمل بحرية.