من حسنات الفضيحة الأخلاقية لرئيس جهتنا الميمونة، أنها عرفت الناس، الذين كانوا جاهلين بما لم يعلموا، أن لجهتهم "رئيسا منتخبا" و أنهم لم يتشرفوا من قبل بالتعرف عليه و لا يعلمون من أمره شيئا و لا كيف انتخب و لا متى وصل إلى الكرسي الذي لا يعلمون عن مكانه هو الأخر شيئا! كما لا يدرون ما هي الوظائف و المهام التي يقوم بها هذا الرجل"الشبح"، و كم يتقاضى من الأجر؟ و من أين يمتص هذا الأجر؟...أسئلة كثيرة أصبحت تراود البسطاء من الناس و تدفعهم لابتكار و تخيل إجابات يملؤون بها فراغهم و يدغدغون بها فضولهم الذي حركه فجأة، و بدون سابق إنذار، "رئيسهم الشبح" بينما كان يشبع غريزته الحيوانية قبل أن ينغص عليه رجال الشرطة متعته و يفسدون عليه سعادته البهيمية ليحدث ما لم يكن في الحسبان!...و عندما أخذ عبد الصبور يتصفح الجريدة الورقية، علق على الخبر الفضيحة الذي وقعت عليه عيناه : " عاد دابا اكتشفت أنو عندا جهة، و الجهة ديالنا عندها رئيس!..الله إحشمو كيما حشمنا.."..نسينا أن نذكر أن المواطن المقصود بالذكر هو عبد الصبور "ديال بوزكارن ماشي ديال كلميم" و ذلك لأن المحسنين في كلميم، جزاهم الله خيرا، " شراو أعداد الجريدة المذكورة جميعها قبل ما تنزل من الكار!"...لكن لما وصل الخبر إلى عبد الصبور – ديال كلميم هاد المرة- علق هو الآخر ساخرا:"إوا حجبوا الشمس بالغربال الى قدرتوا أولاد الأبالسة!". و إذا كان رئيسنا الشبح يجيد الاختفاء و لا يحب الظهور و الشهرة، فإن أولى أعماله الظاهرة و التي ستدشن شهرته بعد أن يكتبها له التاريخ بحروف من ذهب، هو هذه البطولة الشبقية التي اختزل و اختصر فيها مشروع بطولاته القادمة في عالم السياسة و التدبير و ما بينهما! و التي يتوقع الكثيرون أن يحول من خلالها هذه " الجهة" إلى "الجهة الأخرى" بعد أن يحقق فيها الرخاء و التنمية و يجعل أناسها من أسعد خلق الله و أكثرهم تفاؤلا و ابتهاجا! و إذا كانت السياسة –في أحد تعاريفها- نوعا من المغامرة أو حتى المقامرة، فإن البطل فيها هم من يستطيع أن لا يخرج خاسرا. و هذا التوصيف ينطبق على رئيسنا المبجل الذي " زطط راسو" من الفضيحة المجلجلة ، و خرج علينا حرا طليقا مرفوع الرأس .."رئيسا شبحا" كما كان، و ذلك بعد أن تنازلت له زوجته، مشكورة، على حقها في متابعته قضائيا!..هكذا يكون الإخلاص و التسامح بين الأزواج، و هكذا تكون القوانين العادلة، في دولة إسلامية كالمغرب، حيث تضرب بعرض الحائط مبادئ الفضيلة و الأخلاق و تحول جريمة الزنى المقيتة إلى مجرد " خيانة" زوج و تطاوله على حق رمزي بسيط من حقوق زوجته التي تملك حرية التشبث بهذا الحق أو التنازل عنه و رميه في سلة المهملات متى شاءت، في الوقت الذي كان يجب أن يعتبر مثل هذا السلوك المنحرف جريمة أخلاقية لا يملك المجتمع بكامله - انسه و جنه- حق تبريرها و التسامح مع مرتكبها أو إسقاط العقوبة عنه، و ذلك لأن ضررها و مفاسدها تمس كيان المجتمع ككل و تهدد استقراره و ليس تقتصر على إلحاق الأذى بشخص واحد أو حتى مجموعة من الأشخاص. و إذا كان المولى عز و جل قد بين أن خطورة هذا السلوك البهيمي تبتدئ من انجراف المرء مع مقدمات معينة يتساهل معها كثير من الناس، و إذا كان التحرش هو أبرز و أفضح نوع من أنواع هذه المقدمات، فإن ما أقدمت عليه وزيرة الأسرة و التضامن من إعداد مشروع قانون تشدد فيه العقوبات الحبسية و الغرامات المالية على المتحرشين، لهو بشارة خير يتفاءل بها الذين لا يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين، لكن الذي لا يبشر بالخير في هذا المشروع، كما في المشاريع التي سبقته، هو أن القانون المتعلق بأم الفواحش و أخبثها ظل مقدسا غير قابل للتغيير أو التعديل، حيث مازال يمكن للزاني المحصن، بحماية القانون و رعايته، أن يفلت من العقاب و يخرج ليواجه المجتمع " بوجهو حمر" شامتا في وجه كل من له غيرة على عرضه و شرفه، و الوسيلة الوحيد التي يشترطها عليه "المخزن" هو عقد الزواج و نسخة من تنازل " مولات الدار" و في حالة العودة مرة أخرى، فالوثائق المطلوبة هي نفسها و "مريضنا ماعندو باس"!...و لعل هذا هو معنى كونه محصنا، أي أنه يملك حصانة تبيح له فعل المنكرات و الفساد في الأرض التي استخلفنا الله لإعمارها و إصلاحها. نسأل الله العي القدير أن يعفو عنا و يغفر لنا و أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا إنه هو السميع العليم.