عرف المغرب تعديلات دستورية جديدة في الدستور الجديد، رسمت أولى خطواته اللجنة المكلفة من طرف عبد اللطيف المنوني ، وذلك بأمر من الملك بوضع دستور المملكة على طاولة التعديل، والذي كان نتيجة للإحتجاجات التي قادتها الجموع من الجماهير معلنة بذلك عن رفضها القاطع لما يحدث أو يجري في الحياة السياسية، وكانت حركة 20 فبراير السباقة للخروج إلى الساحة بمعية الجماهير محتجين بذلك في الشوارع ومناداتهم بديموقراطية فعلية متجاوزة بذلك الإنتقال الديموقراطي، الذي ظل المغرب متوقفا عند حدوده والذي أدى بالعديد من الفعاليات أو ما شابه ذلك بالرجوع إلى الوثيقة الدستورية من أجل مراجعتها ومطابقتها لما هو معمول به في الحياة السياسية. وبالرجوع إلى النماذج الأخرى، وعندما نتحدث عن الإنتقال الديموقراطي فهو حركة إنتقال المجتمع من مرحلة إلى أخرى، يتم من خلاله العبور من نظام سياسي مغلق إلى نظام سياسي مفتوح، إذ يقتصر الأول على الأحادية في القرار من طرف النخب الحاكمة وعدم السماح بالمشاركة السياسية وتقييدها، مخالفا بذلك الثاني الذي يتيح المشاركة للمواطنين في اتخاذ القرارات ويسمح بتداول السلطة، ونكون بالتالي قد حققنا إصلاحا ديموقراطيا أو ما يعرف بالتحول الديموقراطي أو التحرك نحو الديموقراطية... ولعل ما نجده أو نلاحظه في الظروف المحيطة بنا من تصادم وإندلاع الإحتجاجات المطالبة بالإصلاح والتغيير هو نتاج لوجود تعسفات سياسية للنخب وإقصاء المعارضة من الحياة السياسية والتي تؤدي بنا إلى إنتقال ديموقراطي نسبي دون الوصول إلى ما هو متكامل أو جاهز للإنتقال والذي يعيق دمقرطة النظام السياسي في إطار دولة الحق والقانون. وإزاء ذلك، ومن أجل بناء ديموقراطية تشاركية وحقيقية، يتحول فيها المجتمع إلى دولة القانون، يقوم فيها الجميع بواجباتهم ويتمتعون بحقوقهم، لا بد من القيام بإصلاح سياسي إذ هو المؤشر الحقيقي للتغيير السياسي المتمثل في ظهور قوى جديدة تقوم بأدوار إيجابية في تفعيل التحولات الإجتماعية والسياسية، والمرتبط بنمو الوعي في أواسط النخب المثقفة إضافة إلى التنظيمات المهنية والنقابية التي تشكل نوعا من الضغط بوسائلها الغير سياسية والغير مباشرة. ولا ننسى أن المجتمع المدني يعد الوسيلة الفعالة في تحريك عجلة الإصلاح السياسي. خاصة النخب المثقفة وذلك بالنهوض بالمجتمعات لمواكبة النماذج الديموقراطية الغربية وفي ما وصلت إليه من إنفتاح سياسي وتوسيع مجال الحريات وإحقاق المساواة وإقرار العدل ...، وعندما نتحدث عن الديموقراطية في الواقع المغربي وبالرغم من التعديلات الدستورية التي أدخلت على الدستور، وكما جاء على لسان بعد المشاركين في اللقاء الذي نظمه الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بنادي المحامين بالرباط، إلا أننا نجد أن الواقع يثبت " ألا فرق بين مغرب ما قبل التعديل ومغرب ما بعد التعديل". لا من ناحية تطبيق الدستور أو حتى تأويله، وبالتالي ليس هناك أي إشارات توحي لنا بأننا نقترب من الديموقراطية. وهذا دليل على أنه لم يتم تجاوز الإنتقال الديموقراطي للوصول إلى الديموقراطية الفعلية، رغم الإصلاحات الدستورية التي جاء بها في الآونة الإخيرة في الدستور الجديد. وانطلاقا مما سبق، نطرح الأسئلة الآتية: هل فعلا نهج المغرب إصلاحا دستوريا أدى به إلى الإنخراط في ديموقراطية فعلية ؟ وهل هناك بوادر فعلية لها ؟ عن طريق دراسة حالات مشابهة له في العالم ، من خلال دراسة قضيتين جوهريتين هما صياغة الدستور والمسار المؤدي إلى بناء الدستور.