تعتبر قرية «سيدي موسى أكلو» من أهم القرى الشاطئية بجهة سوس ماسة درعة التي استطاعت، بسحرها الطبيعي الأخاذ وبموقعها الاستراتيجي القريب من موطن الفضة (مدينة تيزنيت) ومعقل المقاومة الباعمرانية (مدينة سيدي إفني)، استقطاب الآلاف من الزوار المغاربة والأجانب، سواء منهم الذين فضلوا الاستقرار أو الاستثمار أو الذين استمتعوا فيها بلحظات صيفية عابرة، تمكنوا خلالها من سبر أغوار المكان واكتشاف مؤهلاته الطبيعية والجغرافية التي أغرت المستثمرين وحولت القرية الشاطئية الصغيرة من موطن هادئ وجميل إلى حلبة للمضاربات، يتصارع فيها الكبار على تملك العقارات السياحية الضخمة، ويحوم فيها الصغار على ما تبقى من فتات على موائد الكبار.تنتمي جماعة اثنين أكلو إلى قيادة أكلو بعمالة إقليمتيزنيت، وتتميز بموقع جغرافي يغلب عليه الانبساط بحكم انتمائه إلى سهل تيزنيت، وتحدها من الشرق بلدية تيزنيت الحضرية، ومن الجهة الغربية المحيط الأطلسي، كما تحدها الجماعة القروية للمعدر الكبير من الشمال، أما من الجنوب فتحدها جماعتا أربعاء الساحل وبونعمان. ويتميز شاطئ «أكلو» بمساحات لا حصر لها من الرمال، تتخللها أجراف متعرجة وجبال كلسية تغري بالمشاهدة، ودواوير مبثوثة على طول المسار الطرقي المؤدي إلى ميراللفت عبر «إدولحيان وسيدي بونوار وسيدي بوالفضايل وكريزيم، وغيرها»، وإلى تيزنيت عبر «الزاوية ومركز الجماعة وسيدي وكاك وإدرق وأمراغ وتدوارت...». ويمتد الشريط الساحلي التابع لجماعة «أكلو» على مسافة 30 كلم، أصبحت في الآونة الأخيرة محط أنظار عدد لا يستهان به من المستثمرين الفرنسيين والبلجيكيين والمغاربة، علاوة على مستثمرين آخرين ينحدرون من دول مختلفة بالشرق الأوسط ينتظرون الحصول على الضوء الأخضر من اللجنة الإقليمية المكلفة بتتبع المشاريع الكبرى بعمالة تيزنيت، بهدف اكتساح المجال واستعراض عضلاتهم الاستثمارية على رؤوس الأشهاد، وذلك بعد أن نص التصميم المديري لمدينتي تيزنيت وسيدي إفني، صراحة، على اعتبار الشريط الساحلي لجماعة «أكلو» مخصصا، جميعه، للاستثمارات السياحية. تجزئة «أكلو تمديد» أو الوزيعة المرة منذ أن أقدم العامل السابق «بوشعاب سويلم»، عشية مغادرته للإقليم، على توزيع ما يقرب من 400 بقعة شاطئية على عدد كبير من المسؤولين والمنتخبين بالإقليم والجهة والوطن، وعلى بعض الإطارات الجمعوية المحظوظة بالمنطقة، شكل موضوع تجزئة «أكلو» مادة إعلامية دسمة، لاكتها الألسن طويلا وأصبحت محط أنظار الرأي العام المحلي والوطني بمختلف مستوياته، كما أصبحت محط تجاذبات سياسية حادة بين مختلف الحساسيات والإطارات الجمعوية والنقابية والحزبية التي استنكرت الغموض الذي لف عملية التوزيع وما أسمته آنذاك ب«تفويت بقع شاطئية إلى غير المستحقين من الشخصيات وذوي النفوذ». إلا أنه ورغم تسييس الموضوع وخروجه عن نطاقه الاجتماعي الصرف، فإن جميع المطالب النضالية التي رافقت الإعلان عن هذه «الوزيعة المرة» ظلت حبيسة الرفوف والبلاغات والبيانات المضادة، كما وضعت على المحك جميع الشعارات التي رفعها المجلس الحالي لعمالة تيزنيت، خاصة في ظل التستر المتواصل على لوائح المستفيدين في الأشطر الثلاثة جميعها، وفي ظل تجاهل رأي الوكالة الحضرية في جميع التصميمات التي أنجزت للتجزئات المذكورة قبل عملية التوزيع المثيرة للجدل. مشاكل الاستثمار والجرأة المطلوبة من المشاكل التي أعاقت الاستثمار في الشريط الساحلي لجماعة «أكلو» بطء المساطر وتعقيداتها الإدارية. فعلى الرغم من التوجيهات الرسمية التي تنص على ضرورة تقديم كافة التسهيلات اللازمة إلى المستثمرين الراغبين في إنعاش الاقتصاد المحلي، فإن بعض المستثمرين بجماعة «أكلو» محرومون من تشييد مجموعة من الفضاءات السياحية على كامل الأراضي التي اقتنوها بملايين الدراهم، فلا يسمح لهم بالتشييد إلا على مساحة تقدر ب5 في المائة من مجموع الأراضي المقتناة، وهو ما أثار حفيظتهم رغم تضحيتهم بالغالي والنفيس في سبيل الرفع من وتيرة التنمية بالمنطقة، وتوفير فرص الشغل لعدد كبير من أبنائها. ولعل أبرز مثال على ذلك حالة ثلاثة من المستثمرين المغاربة الذين تعبوا من المطالبة بالسماح لهم بتشييد مركبات سياحية ضخمة ما بين منطقتي «إدوالحيان وسيدي بنوار»، وهي عبارة عن 358 فيلا وإقامات سياحية وفنادق صغيرة ومسابح وحدائق من الطراز الرفيع، وذلك على الرغم من أنهم صرفوا أموالا طائلة من أجل اقتناء الأراضي من الخواص والدولة معا، واستنفدوا جميع الإجراءات المطلوبة في مثل هذه المشاريع الكبرى، والتزموا في مقابل ذلك بضخ ما يزيد على 350 مليون سنتيم في ميزانية الجماعة القروية، تخصص منها 30 مليون سنتيم لاقتناء شاحنة لنقل اللحوم التي تفتقر إليها دواوير الجماعة، كما تباشر هذه الأخيرة، بالمبالغ المتبقية، توسيع الطريق القديمة بين تيزنيت وزاوية أكلو، علاوة على المساهمة في إنجاز الطريق المؤدية إلى نقطة تفريغ السمك المجهزة بالمنطقة قبل التدشين الملكي لهذه المعلمة الاقتصادية. وتعليقا على مشاكل الاستثمار التي يعاني منها الشريط الساحلي ب«أكلو»، اعتبر عبد الله وكاك، رئيس الجماعة القروية، السماح للمستثمرين ببناء 5 في المائة فقط من مجموع الأراضي المقتناة «إشارة صريحة ترمي إلى إيقاف المشاريع السياحية على طول الشريط الساحلي بالمنطقة، وهو أمر مناقض لمضامين الخطاب الملكي السامي الذي يؤكد ضرورة تبسيط المساطر وتشجيع الاستثمار والمستثمرين»، مشبها، في اتصال هاتفي أجرته معه «المساء»، تخفيض النسبة المخصصة للبناء من 26 في المائة إلى 5 في المائة فقط، بمن «ألقى هؤلاء المستثمرين في اليم مكتوفي الأيدي، وقال لهم إياكم أن تبتلوا بالماء»، مشددا على «ضرورة أن يجرؤ الوالي الجديد بجهة سوس ماسة درعة على اتخاذ قرار جريء يمنح المستثمرين ما بين 20 إلى 26 في المائة من مجموع الأراضي المسموح ببنائها»، وملتمسا في الآن نفسه ضرورة مراعاة الدورية التي تنظم الاستثناءات في مجال التعمير، ومتسائلا عن سبب حرمان المستثمرين من النسبة المذكورة، في ظل استعدادهم للوفاء بجميع الالتزامات المقررة في دفاتر التحملات طيلة مراحل المشروع، «فمعظم المستثمرين -يقول وكاك- على أهبة توقيع عقود للبيع، لكنهم تحفظوا على ذلك، ما لم تكن هناك إشارات إيجابية في هذا الصدد». السكة الحديدية والمنتزه الوطني خارج التغطية تساءل عدد من أبناء المنطقة عن دور المنتزه الوطني لسوس ماسة في تنمية مئات الهكتارات التي استحوذ عليها هذا الأخير بجماعة «أكلو» منذ سنوات، وقالوا إن المنتزه المذكور «نعرف بدايته ونهايته، ولكننا للأسف لا نعرف له أثرا على صعيد الواقع، وذلك كله على الرغم من وجود الظهائر والمراسيم المنظمة له، ووجود إمكانيات جغرافية ومادية تسمح بفتح المجال أمام الاستثمارات النظيفة التي تراعي البيئة، ومنطوق دفاتر التحملات المنصوص عليها في مثل هذه الحالات». وطالب المتحدثون بضرورة تمكين الجماعة القروية من عقار داخل المنتزه تضعه رهن إشارة المستثمرين في الشريط البحري بشروط تفضيلية وقانونية، خاصة في ظل استحالة السماح للخواص ببناء المجالات الأرضية التي ضمها المنتزه إلى محميته الطبيعية، كما طالبوا بضرورة مراجعة المسار المخصص للسكة الحديدية منذ سنة 1975 وفتحه في وجه الاستثمار وعمليات البيع والشراء، بدل تجميده لعقود طويلة دون جدوى، كما طالبوا الدوائر الوصية على السكك الحديدية بالخروج عن صمتها وتقديم رأيها بوضوح في المقرر الجم اعي الذي صدر عن المجلس القروي، والقاضي بإعادة النظر في مسار السكة الحديدية ووجوده بأكلو، وتدبيج جواب كتابي عن المقرر الذي بعثه المجلس منذ مدة غير يسيرة إلى المديرية الوطنية للسكك الحديدية، دون أن تكلف هذه الأخيرة نفسها عناء الجواب بالرفض أو القبول. كهوف الصيادين ولعل من المميزات الأخرى، التي تبهر زوار المنطقة الساحلية لجماعة «أكلو»، تلك الكهوف الخاصة بالصيادين والمحفورة وسط الجبال في منطقة يؤمها عشاق الصيد بالقصبة وينتعش فيها الصيد التقليدي، إلا أنه وعلى الرغم من أن الطبيعة الجغرافية للمكان تساعد على ممارسة هذه الهواية في أفضل الظروف، فإن الحاجة لا تزال ماسة إلى تنظيم الفضاء عبر التفكير في سبل معينة لتعويض القاطنين فيها بعقارات مناسبة تقيهم من خطر الانهيار المفاجئ، وتسمح لهم بممارسة أعمال الصيد المعتادة دون إشكالات تهدد حياتهم. وفي مقابل ذلك، طالب المتحدثون بتمكينهم من تيسير الدخول السلس للقوارب إلى عرض البحر، على اعتبار أن ذلك ليس متاحا، في الغالب الأعم، إلا لمدة 4 أشهر في السنة فقط. ومن أجل أن تتقوى البنيات، طالبوا بإحداث رصيف يسهل دخول القوارب، خاصة وأن جميع البنيات التحتية، من ماء وكهرباء وطريق واتصالات، متوفرة بالمكان ويمكن تمديدها بكلفة أقل، وأن المكان مغرٍ لهواة الصيد التقليدي ويعد بمستقبل متميز لهذا النوع من الصيد بشكل عام. القفز بالمظلات منطقة «أكلو» تستهوي أيضا عشاق القفز بالمظلات، الذين عادة ما يؤثثون سماء المنطقة ويستمتعون بأجواء الشاطئ الجذابة وبزرقة مياه الأطلسي، وهو ما يجعلها قبلة للكثير من السياح داخل المغرب وخارجه، ويسمح بممارسة هذا النوع من الرياضة وفق إرشادات مهنية تراعي أقصى درجات السلامة وتمنح الزائر، المحلي والأجنبي، فرصة ذهبية يأمل معها معاودة التحليق في سماء «أكلو» وتكرار الزيارة في أقرب فرصة ممكنة. الطريق إلى اللواء الأزرق على غرار القرى الشاطئية المجاورة التي حصلت على اللواء الأزرق، بدأت قرية «أكلو» جهودها الحثيثة في سبيل الحصول على نفس الصفة التي تجعلها في مصاف الشواطئ المعترف بها، وتمكنها من ولوج عوالم أرقى مما هي عليه الآن، فركزت في تعبئتها لبلوغ هذا الهدف على ضرورة مراعاة الجانب البيئي في كافة المشاريع الراغبة في الحصول على تراخيص تمكنها من الشروع في العمل، واشترطت المحافظة على سلامة البيئة بالشكل الذي يتوافق مع جودة الهواء ونقاء الطبيعة، كما عملت على متابعة النظافة اليومية للشاطئ بتنسيق مع الإدارة الإقليمية للإنعاش الوطني وتعيين العدد الكافي من معلمي السباحة. وفي مقابل ذلك، بدأت في إعداد العدة اللازمة للانخراط في مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والحصول على اللواء الأزرق. كما عمدت هذه السنة إلى الاستعانة بالمؤسسة الدولية (Megaprod) لتنظيم المهرجان الأول لشاطئ أكلو، وأوكلت إليها مهمة التنظيم والإشراف على مهرجان يتضمن برنامجه مجموعة من الفقرات الرياضية والثقافية والفنية، استقطب الآلاف من ساكنة المنطقة، وأحيا الفنانون المغاربة والأجانب سهراته الاحتفالية، ومن بينهم الرايسة فاطمة تابعمرانت وفاطمة تيحيحيت والرايس التيجاني والفنان سايمن سايس وسعيد زناتي وسمير فرج وسليم الكويلي والكوميدي محمد الخياري. وقد أكد المنظمون أن المهرجان، في نسخته الأولى، يشكل فرصة لتثمين المنتوجات المحلية، وفرصة لتحقيق الإقلاع التنموي والسياحي بالمنطقة. محمد الشيخ بلا عن جريدة "المساء" – 30 شتنبر 2010