باستمرار على استقطاب المزيد من السياح الذين يتقاطرون عليها سنويا بالآلاف ومن مختلف بلدان العالم. فلم يكتف مهنيو القطاع السياحي بأكادير المتكتلين في إطار المجلس الجهوي للسياحة بالاعتماد على سحر الطبيعة التي حبا بها الله هذه المدينة التي يصف خبراء السياحة الطقس الذي تعيشه على امتداد السنة ب"الربيع السرمدي" الذي تتكامل فيه زرقة البحر السماوية مع الأمواج الهادئة ورمال الشاطئ الذهبية وخليج المدينة الذي صنف مؤخرا من طرف هيئة عالمية كواحد من أجمل خلجان العالم, بل سعى مهنيو القطاع وإلى جانبهم عدد من الفاعلين الآخرين على مستوى مدينة أكادير باستمرار إلى الإبداع والتجديد من أجل ابتكار عوامل اجتذاب جديدة تجعل السياح من مختلف بقاع المعمور مشدودين إلى هذه الوجهة السياحية والعودة إليها باستمرار ودون تردد. ويأتي "كرنفال أكادير" في دورته الأولى التي حولت بعض شوارع القطاع السياحي المحاذي لشاطئ المدينة إلى منصة عمومية يزهو فوقها المئات من الأشخاص من مختلف الأعمار ومن جنسيات مختلفة في احتفالية غير مسبوقة, ليضيف لبنة جديدة إلى هذا المسلسل من البذل والاجتهاد الذي يتم التأسيس له خطوة تلو الأخرى, وذلك بالاعتماد على الكفاءات المحلية سواء من ناحية بلورة الأفكار أو تنفيذها ليعطي بذلك مهنيو السياحة في أكادير البرهان على أن للمغرب كفاءات بشرية قادرة على تحويل مضمون استراتيجية التنمية السياحية المعروفة باسم "رؤية2010 " إلى واقع ملموس. فمنذ أن بدأ الليل يرخي بسدوله على المدينة, شرع المئات من الأشخاص يتوافدون على المنطقة الشاطئية لأكادير رغبة منهم في الظفر بمقعد في إحدى المقاهي والمطاعم المحادية للشاطئ التي عاشت بدورها لحظات استثنائية بمناسبة هذا الحدث رغبة منها في إرضاء أكبر عدد من الزبناء, وتوفير شروط استمتاعهم بحدث الكرنفال الذي لم تعشه المدينة من قبل. وما إن اقترب موعد انطلاق الاستعراض الاحتفالي حتى غصت المقاهي عن آخرها بالزبناء, وتدفق الآلاف من الأفراد من المغاربة والسياح الأجانب على فسحة "تاوادة" الممتدة على طول الشاطئ والتي عادة ما يستعملها الراجلون للتملي بمنظر الغروب اليومي, لتتحول مساء أمس وعلى طول مئات الأمتار إلى موقع توافد عليه الآلاف من الأشخاص قصد الاستمتاع بلوحات الكرنفال, وذلك خلال فترة تزيد عن ساعتين من الزمان. كانت الطقوس الاحتفالية المحلية حاضرة في الاستعراض بمختلف تجلياتها, وكانت الطقوس الجهوية كذلك لافتة للانتباه. ولم يغفل المنظمون البعد العالمي لمدينة أكادير حيث تقدم موكب الكرنفال عدد من الأشخاص بلباسهم الزاهي وهم يحملون أعلام الدول التي اعتاد مواطنوها التوافد بكثرة على مدينة أكادير حيث كان وميض آلات التصوير لا يكف عن الانقطاع. امتزجت الإيقاعات الكناوية, بأهازيج أحواش المنطقة الجنوبية, وبالموسيقى العصرية التي كان يرقص على أنغامها "كرنفاليو" أكادير تحت تشجيعات الجمهور, إلى جوار الحافلات وعربات الجرارات التي كانت تحمل فرق الرقص, ومجسمات للمنتجات المحلية من عسل وأركان وليمون غيرها, وسار أيضا موكب الخيالة الذي أمتع الجمهور بعروض للفروسية. كما سار في الكرنفال موكب الجمال حاملين على ظهورهم الفرسان بزيهم الصحراوي التقليدي, وإلى جانبهم الدمى العملاقة, والمهرجون, وفرقة أولاد سيدي حماد أو موسى, والشباب المولعون بالطقس الاحتفالي المعروف باسم "بوجلود" الذي يتنكر فيه الآدميون داخل جلود المعز من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين. شكل حدث الكرنفال موعدا للاحتفال بالسياحة في أكادير, وكان أيضا فرصة للاحتفال بعدد من الأشخاص من المغاربة الذين قضوا سنين من العمل من أجل تحقيق النهضة السياحية لأكادير حيث تم تكريم بعض الوجوه الفاعلة في المجال السياحي سواء العاملون منهم في المجال الفندقي أو الأسفار السياحية أو الإعلام السياحي المتخصص, وذلك بحضور والي جهة سوس-ماسة-درعة عامل عمالة أكادير إداوتنان السيد رشيد الفيلالي, ورئيس المجلس الجهوي للسياحة السيد عبد الرحيم عموماني. وأكد هذا الأخير في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة أن "كرنفال أكادير" يندرج في إطار الاستراتيجية التي تبناها المجلس الجهوي للسياحة من أجل تنويع أنشطته والتعريف بالمنتوج السياحي لهذه الوجهة وتثمين مؤهلاتها وإمكانياتها السياحية, فضلا عن السعي إلى خلق تقليد سياحي يعطي لمدينة أكادير , بصفتها محطة سياحية عالمية , هويتها الخاصة عن طريق تنظيم كرنفال سنوي كما هو الشأن بالنسبة لمدن أخرى عبر العالم مثل ريو دي جانيور والبندقية ولندن ونيس وغيرها. وأشار السيد عماني إلى أن هذا الحدث يأتي ليعطي قيمة مضافة أساسية لمنتوج أكادير السياحي, الذي ما فتئ يعرف خلال السنوات الأخيرة تحولات تاريخية إيجابية ستجعل من مدينة أكادير قبلة سياحية ذات مقومات تنافسية كبيرة, لاسيما وأن المدينة مقبلة على إتمام الأشغال الخاصة بتمديد وتهيئة كورنيش المدينة, فضلا عن مشروع "فضاء الاستقبال السياحي" في المنطقة الجبلية لإيموزار إدا وتنان الذي تم إنجازه في إطار رؤية تكاملية مع السياحة الشاطئية والترفيهية التي تتميز بها مدينة أكادير.