لعل الأجانب وحدهم اهتدوا بشكل كبير لمعرفة حقيقة الأبعاد الحضارية والتاريخية لموسم عريق اصطلح عليه: "موسم سيدي احمد أوموسى" الذي يحتفل به أبناء المنطقة أواخر شهر غشت كل سنة، لذلك كتب (بول باسكون) كتابه المشهور الذي نفذ من الخزائن حاليا بطبعته الأولى: La maison d'Iligh et l'histoire sociale du Tazeroualt مخصصا مبحثا كبيرا بين طياته للحديث عن الموسم وأحواله وجل الأمور المتعلقة به بطريقة اجتماعية بحتة عنونه ب: Le grand Muggar d'aout de Sidi Ahmed Ou Moussa. هذا الباحث الذي شهد له الكثيرون بطول باعه في البحث السوسيولوجي اكتشف الكنز الحضاري للمنطقة ففجر طاقاته الإبداعية مخلفا وراءه كتابين كان أشهرهما الذي ذكرته أعلاه. موسم سيدي احمد أوموسى الصيفي يعد أحد اشهر المواسم على الصعيد الوطني، بل ويصنف كأكبر المواسم بجهة سوس ماسة درعة لصاحبه أحمد بن موسى السملالي الذي حط الرحال بالمنطقة مؤسسا زاويته المشهورة لتعليم الناس مبادئ الدين وتلقينهم ركائز الأخلاق بعد أن ترك مسقط رأسه "بومروان" معتمدا مقولته التي اشتهرت على الألسن وفقا لجل المؤرخين: (بومروان أيروان تازروالت ايزضارن) ردا على إلحاح أمه الحنون بالاستقرار بين عشيرته. هذا الموسم الذي أسسه الشيخ بهدف التعليم والوعظ والإرشاد وصلة الرحم تطور فيما بعد لينضاف البعد التجاري له كمحطة استراتيجية للتبادل بين السودان الإفريقي وموكادور اتجاه المرافئ الأوروبية وهذه أمور جميعها مبتوتة في بطون الكتب والمصادر التاريخية تم التذكير بها فقط للاستئناس. اليوم (الجمعة) أسدل الستار على وقائع الموسم المشهور الذي عمر أزيد من أربعة قرون مضت بالدعاء كالعادة من طرف مقدم الشرفاء كرمز من رموز التربية الدينية التي يحتفظ بها الموسم لنفسه ضاربا الموعد في السنة الموالية. وقد عرف الموسم في نسخته الحالية رواجا اقتصاديا ملموسا وحركة دؤوبة لصلة الأرحام طيلة الأسبوع والاطلاع على بعض المآثر التاريخية التي مازالت شاهدة على تراث إنساني متعدد الأبعاد خاصة وأن الباحثين في هذا المجال من طلبة وأساتذة وإعلاميين وغيرهم يختارون هذا الحيز الزمني في غالب الأحوال لقضاء مآربهم. القائمون على هذه التظاهرة الكبيرة صرحوا غير مرة أن رجال السلطة المجندة خصيصا للحدث تسهر دوما على حفظ الأمن طيلة الأسبوع ومحاربة مظاهر الفساد التي عششت في عقول البشر نتيجة تردي القيم بوجه عام وضعف الوعي الكافي للترفع عنها في مختلف المجالات. واستنادا إلى بعض الارتسامات، فإن الموسم شهد تراجعا كبيرا هذه السنة مقارنة مع المعهود، عزته المصادر ذاتها إلى تنظيم مهرجانات موازية ومواسم بمناطق أخرى كان أبرزها موسم إنزكان ومهرجان أناروز بأفلا إغير رصدت لها أموال طائلة من طرف المنظمين اعتمادا على كبريات الشركات الوطنية والدولية بحيث تجاوزت الطابع التقليدي الذي ما زال السمة الأبرز على الموسم. تجدر الإشارة إلى أن افتتاح الموسم كان مع زيارة الحاجب الملكي يوم الاثنين 26 غشت المنصرم مع الوفد المرافق له إيذانا منهم بانطلاقه سيرا على نهج السنوات المنصرمة.