صحيح أن على أكتاف الأمهات تستريح الآهات و الأمهات هن الوجه الخفي للقمر، بعدما جاءت مدونة الأسرة أساسًا لحماية الأم وضمان حقوق الطفل وبالتالي حماية الأسرة بعد المصادقة على مدونة الأسرة في فبراير 2004، إلا أنه بالرغم من كل التعديلات الأخيرة التي عرفها قانون الأسرة , مازال يعرف مجموعة من النواقص خصوصا في الجوانب المتعلقة بالدور الإنجابي (الأمهات) و النتيجة هي أنه بحكم الواقع أصبح لدينا أمهات مع وقف التنفيذ أمهات حائرات تائهات بين مطرقة الواقع اليومي المعاش، و بين سندان التشريع و القوانين. فماذا يعني اليوم بعد أزيد من 17 سنة من تطبيق مدونة الأسرة أن الأمهات لا يملكن أحقية قانونية وليس فقط أحقية عرفية على أطفالهن؟ و على أي أساس تمت صياغة القوانين التي تجعل من الأم تابعة للأب وليست شريكا في تربية الأبناء بعد أن إستحالت الحياة الزوجية بينهما و إختاروا الطلاق كحل بعد أن اكتشفوا انه لم يكن الخيار المناسب للعيش بسلام، بل بداية صريحة لحرب أهلية يكون الأطفال فيها أسرى و وسائل بشرية للمفاوضات و لي الذراع. اليوم واقع الحال يقول ان هناك أمهات مغربيات لا يملكن حقوقا على أطفالهن و لا يُسمح لهن باتخاذ قرارات اي كانت بشأنهم، سواء في تعليمهم او معيشهم، فأبسط مثال أن الأم لا يمكن لها أن تستلم شهادة مغادرة طفلها من المدرسة بحكم المساطر التي تحث على أن الأب هو الوصي الشرعي و هو من يخول له أن يستلم كل الشواهد المدرسية، قس على علاجه الطبي فحتى في الحالات التي تكون الأم هي من تتكفل بمصاريف أطفالها يبقى الأب هو من يستلم مقابل التعويض عن المرض من إستشارات طبية و دواء. نفس الشيء بالنسبة لعملية إنشاء حساب بنكي بغرض التوفير له فهذا الخيار كذلك غير متاح حتى و إن كانت هي من ستعطيه من مالها الخاص. كما لا يُسمح للأم بإخراج جواز سفر بدون الرجوع للأب و حتى و إن كان هذا الأخير لا يعيل و لا ينفق و في كثير من الأحيان لا يرى طفله. اليوم لا تزال المرأة المغربية بحاجة إلى الإذن الرسمي من قبل الزوج (طليقها) قبل أن تقرر مغادرة حدود المملكة المغربية جوا و بحرا وذلك في حالة إذا كانت تحمل صفة "الأم" و ترغب في اصطحاب أطفالها معها. وهو ما تم التعبير عنه بشكل صريح و واضح في بعض مواد مدونة الأسرة والتي تقر بأحقية الزوج في مغادرة أرض الوطن مع أبنائه لأن لديه الوصاية الشرعية عليهم ، غير أن الزوجة لا يحق لها ان تقوم بنفس الفعل بالبث و المطلق إلا في حالة إن توفرت على موافقة من الزوج مكتوبة ومصادق عليها، ويحق للزوجة مغادرة ارض الوطن مع أبنائها دون موافقة في حالة واحدة هي بلوغهم سن 18 سنة كاملة حسب ما ينص عليه القانون. و في كثير من الحالات يتعنت الزوج ولا يوافق على سفر الأبناء مع أمهم نكاية في الزوجة، بل و يصبح الأبناء وسيلة للي ذراع الأم. و يبقى الواقع هو كل ماقلناه و ما لم نقله، فإذا كانت المدونة جاءت أساسا بغرض تحقيق المساواة الفعلية و الحقيقية بين الزوجين بوضع الأسرة تحت رعاية ومسؤوليتهم، و رفع الوصاية والحجر على جميع النساء الراشدات. فأظن أن كل التشريعات في بلادنا تكرر نفسها إذ أن دائما الخطاب في واد و الممارسة في واد آخر.