إعتقالات بالجملة .حصار مطبق . إستنطاقات بين الفينة والأخرى . محاكمات صورية ثم إختطافات بطريقة هوليودية . لفهم ومعرفة ما يجري بين المخزن وجماعة العدل والإحسان حاولت البحث في المنظومة الفكرية التي تؤطر كليهما . من خلال قراءة بعض الكتب والمجلات . كما أرى أن أفضل وسيلة لمعرفة حركة أو تيار ما هي أن تقرأ عليه من داخل منظومته الفكرية والأسس المرجعية التي ينطلق منها . كل هذا لمعرفة خلفية تصعيد هذه الحرب الضروس التي يشنها المخزن على هذه الجماعة السلمية المسالمة. والمعروف عن هذه الجماعة لاءاتها الثلاث وهي لا للسرية . لا للعنف . لا للتعامل مع الخارج أو التمويل الخارجي. هذه الحرب التي بدأت مع بداية الجماعة في مراحلها الجنينية الأولى بالرسالة الشهيرة الموجهة من طرف الأستاذ عبد السلام ياسين للملك الحسن الثاني رحمه الله تحت عنوان "الإسلام أو الطوفان " سنة 1974م. ثم تلتها رسالة أخرى بعنوان " رسالة القرن : الملكية في ميزان الإسلام ". ورسالة للملك محمد السادس بعنوان " إلى من يهمه الأمر. وفي السنوات الأخيرة تم توجيه نداء حلف الإخاء الموجه للفاعلين السياسيين وكل غيور على هذا البلد ورسالة أو وثيقة صادرة عن المجلس القطري للدائرة السياسية أكدت وتوسعت في ما جاء به نداء حلف الإخاء . نتساءل هنا عن خلفية هذا التضييق والاضطهاد الذي يمارس على هذه الجماعة طيلة عقود ...؟ وما مصداقية الشعارات الرنانة التي تصم الأذان عن الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون...؟ ومن الرابح والخاسر في هذه المعركة الطويلة التي يخوضها المخزن بلا هوادة ضد العدل والإحسان ؟ ما موقع القانون والدستور المغربي في كل ما يحدث ؟ أين كلمة حق من طرف الشرفاء والفضلاء وأحرار هذا البلد من هذه الحرب الطاحنة التي أخذت بعدا ومنحى خطيرين جعلتنا نتذكر سنوات الجمر والرصاص والمذكرات التي كتبت عن تازممارت ودرب مولاي الشريف ...؟ وهل المخزن لا زال هو هو. مخزن بلباس عصري وعصا تقليدي ؟ كل هذا سوف نحاول إكتشافه من خلال هذه المقالة عبر حلقات . وللإشارة فقط سنجد إقتباسات رأيتها تفي بالغرض فلم أقحم معها شيء من عندي سوى أني عملت على نسجها في منوال منسجم ومن يريد التوسع أكثر عليه بالعودة للمصادر المعتمدة . 1 - المخزن : إستمرارية الإستبداد واللاشرعية . المخزن حي يرزق وكما كتب عنه أحد الكتاب " هو كالهواء وكالماء لا لون له ولا طعم ولا يمكن الإمساء به . غير أن نتائجه المادية على أرض الواقع تبقى ملموسة . إنه المخزن الضارب بجذوره في عمق الماضي المغربي والمتحكم في مساره التاريخي . فخلف الشعارات الصاخبة وخلف كل مظاهر العصرنة التي يعيشها المغرب والمغاربة في الوقت الراهن . يبقى الثابت المتأصل الذي يحكم ويتحكم في كل ما نعيشه هو المخزن" (1) ويقول أحد الباحثين الذي يرى في المخزن " مفهوما دنيويا من دون شحنة دينية ومفتقدا لأية صفة أخلاقية سامية . فالمخزن موضع الإسقاطات السلبية والإجابية على السواء . همه الوحيد هو الحفاظ على الأمن والإستقرار وجعل مصلحة الدولة قيمة فوق كل إعتبار وهي مهمات تستوجب إستعمال القوة بشكل مستمر . وترك الأخلاق والعواطف جنبا . كما يملك المخزن قدرة كبيرة على الإختراق والإنتشار على جميع التراب الوطني وفي جميع الأماكن التي تمارس فيها السلطة سواء كانت إدارية أو عسكرية أو مالية ..."(2) كما استحال" مفهوم المخزن في المغرب المعاصر إلى كل فعل وسلوك غير منضبط للمساطر القانونية وبالتالي كل فعل يتم خارج الشرعية والمشروعية القانونية . فحيث يحضر المخزن تغيب دولة الحق والقانون وحيث تحضر الممارسة المخزنية تنتفي الممارسة الديمقراطية وتتبخر كافة مفردات القاموس المرتبطة بها" (3). هذه الممارسات دفعت ب- ميشو بيلير إلى إستنتاج أن المخزن يتأسس على الإستبداد واللاشرعية . مؤكدا أن المخزن " يرعى الفوضى الإجتماعية ويستغلها لصالحه كما يقوم بتأجيج العداءات والحروب والنزاعات بين القبائل ليعزز وظيفة الحكم بينها " (4) كما نجد أن " الذهنية المخزنية لا تقبل نفسها إلا محتكرة لكل المجالات بدء من الديني صاحبة كل المبادرات . ولا تقبلك إلا مواليا قابلا لشروط اللعبة . وإلا تبقيك خارج النسق محاصرا. مقصيا ومهمشا . هذا إذا لم تتم تصفيتك معنويا أو ماديا كفاعل وإن كنت من عامة الناس فالسياسة المخزنية تبقيك في غياهب الجهل على الهامش منقاذا . ولعل هذا السلوك ما يفسر رسوخ الإرتعاب من المخزن في ذهنية ونفسية الجماهير . وبذلك تتغذى إستمرارية المخزن من هذا الشعور بأفراد مجتمع ممخزن " (5) فالمخزن المغربي " يعيد إنتاج الماضي من خلال إحتفاظه بالهياكل والنخب التقليدية والدينية وتوظيفها في الزمان والمكان الملائمين . لإستمرار شرعيته من جهة وتطوير الإدارة وهياكلها المسايرة للعصر من جهة أخرى " (6) ومما يدل على هذا هو أن " جميع السلط الحقيقية توجد بين يدي الملك وبعض مقربيه الذين يملكون زمام الأمور دون توفرهم على أية مهام أو مناصب وزارية رسمية . بل يستندون في سلطتهم كما في عهود ما قبل الحماية . على القرابة العائلية والزبونية ويشتغلون وفق ممارسة سياسية تقليدية قائمة على أساس إدارة النزاعات القبلية والتحكيم وتحقيق التوازنات بين مختلف الفاعلين السياسيين والإجتماعيين للبلد مكونين بذلك ما يصطلح عليه بدولة المخزن " (7). من خلال كل المفاهيم التي سبقت نجدها " كلها مفاهيم تجسم النظام الأبوي بسلطته المطلقة وبنياته التقليدية الراسخة مقابل إحكام قبضة العنف والقهر والمخزنة والتخويف على المجتمع والإستمرار في إضعافه بدل تقويته وتنميته " (8) ونختم هذه الفقرة التي خصصناها للحديث عن المخزن " في كلمة لقد أصبح مفهوم المخزن كناية عن كل ممارسة سلطوية إستبدادية قوامها إذعان وخضوع الجميع للحاكم الواحد الأحد " (9). المصادر والمراجع المعتمدة كتاب: أمير المؤمنين –الملكية والنخبة السياسية ل"جون واتربوري" ط2 مجلة وجهة نظر عدد 38 خريف 2008 السنة الحادية عشر. 1-عبد اللطيف حسني مدير ورئيس تحرير مجلة وجهة نظر ص.2 من العدد المذكور 2- هند الوالي عروب- باحثة بمعهد العلوم السياسية بسترانسبورغ -فرنسا ص.9 من ع.س.م 3-عباس بوغالم –باحث في العلوم السياسية ص.17 من ع.س.م.وج.ن 4-ه.ع.ص.9.م.و.ن 5-ه.ع.ص9 م.س 6-ع.ب.ص17 م.س 7- ع.ب.ص.17 م.س 8- ه.ع .ص .16 م.س 9- ع.ب .ص 18.م.س [email protected]